حل أمس، 7 ماي، اليوم الوطني للموسيقى.. ويأتي هذا اليوم باعتباره دعوة ليس فقط للاحتفال وترديد الأهازيج، بل كذلك، وبالأساس، للقيام بوقفة تأمل، وتقييم التجربة الغنائية المغربية للسنوات الأخيرة بالخصوص.
لقد عرفت الأغنية المغربية بمختلف تلاوينها واتجاهاتها، تحولات مست مجمل مكوناتها: الكلمات، اللحن، الأداء.. إلى غير ذلك.
ظهر جيل جديد من الفنانين، لديهم قناعاتهم الخاصة، يسعون من خلالها إلى إضافة شيء جديد إلى الأغنية المغربية، ومحاولة الخروج بها من المساحة الضيقة، لأجل تحقيق انتشار أوسع، ولم لا بلوغ العالمية؟
هذا طموح مشروع وطبيعي، لكن هل برزت قدراتهم التي تؤهلهم لبلوغ هذا المراد؟
الملاحظ أن معظم ممثلي هذا الجيل، صاروا يعتمدون على إنتاج الأغنية المنفردة “السينغل” وانتظار تحقيقها لنجاح سريع، اعتمادا على ما توفره التكنولوجية الإلكترونية من إمكانيات للانتشار، وبات قياس نجاح أغنية، تبعا لذلك، يقاس بنسبة المشاهدات التي تحققها عبر اليوتوب وغيره من الوسائط.
الرغبة المحمومة في تحقيق هذا النجاح السريع الذي يمكن من الكسب المادي الفاحش في غالب الأحيان، جعل بعض المتعاطين للموسيقى يفعلون أي شيء لبلوغ هذا المراد، وإن كان ذلك على حساب القيمة الإبداعية لمنتوجهم الغنائي، ولذلك أضحى من المألوف أن تظهر أغنية جديدة ثم تختفي من الساحة الغنائية، بعد أن يكون صاحبها قد حقق أرباحا طائلة من ورائها، ومن ثم يجدر التساؤل حول الهدف من الإبداع الغنائي، وما مدى صدقيته أو مصداقيته؟
لقد انتبهت وزارة الثقافة إلى الخلل الذي أصاب الأغنية المغربية، وسعت إلى وضعها على السكة الصحيحة، من خلال إخراج مشروع دعمها إلى حيز الوجود، غير أن هذه المبادرة تظل محدودة، وبالتالي لا يمكن أن تبلغ أهدافها في غياب تكتل مختلف المتدخلين والمعنيين بهذا القطاع الفني.
قبل عقود من الزمن، كانت الأغنية المغربية لا تبث في الإذاعة والتلفزة إلا بعد أن تمر عبر لجنة تحكيم خاصة، تضم أسماء وازنة في الشعر الغنائي واللحن والأداء.. غير أن هذه اللجنة لم يعد لها وجود، واستفحل الأمر، بعد تحرير القطاع السمعي، حيث هناك إذاعات خاصة، باتت تبث أغاني، أقل ما يقال عنها أنها تساهم في تكريس الرداءة وتربية أجيال جديدة على الذوق الفني السيء.
مما لا شك فيه أن الاحتفال باليوم الوطني للموسيقى، هو موعد هام، للوقوف على مكامن الخلل والعمل على النهوض بالأغنية المغربية.
عبد العالي بركات