يراهن إقليم الحوز، الذي يطغى عليه الطابع القروي والجبلي، منذ سنوات، على النهوض بالنقل المدرسي لتشجيع التمدرس بالعالم القروي ومكافحة الهدر المدرسي.
ومن أجل رفع هذا التحدي، استفاد الإقليم، شأنه شأن باقي أقاليم وعمالات المملكة، من المساهمة القيمة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي لم تدخر جهدا في ضمان مواكبة أفضل للمتمدرسين الشباب والمتمدرسات بالمناطق القروية، إبان مسارهم الدراسي. وإيمانا بأهمية التعليم ودوره في تحقيق التنمية المنشودة، تحققت على يد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية نتائج ملموسة على أرض الواقع، لفائدة عدد من المتمدرسين من مختلف جماعات الإقليم، ذلك أن المبادرة، ومنذ إطلاقها من قبل جلالة الملك محمد السادس في 18 ماي 2005، جعلت من المساواة في ولوج الأطفال إلى المدرسة أولوية الأولويات. وأمام صعوبة بلوغ المدارس بالإقليم وما يرافقها من مخاطر بالنسبة لتلاميذ الدواوير النائية والمعزولة، لاسيما خلال الفترة الشتوية، لجأ عدد من أولياء الأمور إلى توقيف أبنائهم عن الدراسة خاصة الفتيات. ومن أجل تدارك هذا الإشكال، راهنت المبادرة الوطنية على النقل المدرسي للنهوض بتمدرس الأطفال بالإقليم. وهكذا، تم اقتناء حوالي 150 حافلة للنقل المدرسي منذ إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وذلك بكلفة إجمالية تصل إلى 60 مليون درهم، ساهمت فيها المبادرة الوطنية بمبلغ 48 مليون درهم، وهو استثمار مهم بالإقليم بالنظر إلى طبيعته الجغرافية (75 في المئة من المناطق الجبلية).
ومكنت هذه الخطوة من تسهيل ولوج التلاميذ المنحدرين من مناطق معزولة، إلى المؤسسات التعليمية، وضمان تقارب للمسافات بين البنيات التربوية والدواوير، وكذا تحسين شروط تنقل وولوج تلاميذ العالم القروي إلى المؤسسات التعليمية. وفي هذا الصدد، أكد رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم الحوز، عبد الغني موماد، أن النقل المدرسي يشكل حلا مثاليا للنهوض بتمدرس الأطفال القرويين بالإقليم المتميز بطابعه القروي والجبلي، وذلك من خلال توفير خدمة نقل منتظمة بين المؤسسات التعليمية ودورالطالب والطالبة والدواوير المعنية”.
وأوضح موماد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الإقليم أولى أهمية خاصة لهذا القطاع من خلال اقتناء حافلات للنقل المدرسي ممولة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبمساهمة مجموعة من الشركاء كالجماعات الترابية والمجلس الإقليمي ومجلس جهة مراكش آسفي وجمعيات محلية وغيرها. وأشار إلى أنه في إطار هذا التعاون متعدد الأطراف تضطلع المبادرة الوطنية بدور الميسر والمحفز لمبادرات منظومات التنمية البشرية، من خلال لجانها المحلية بالجماعات الترابية خلال المرحلة الاولى والثانية من المبادرة، مضيفا أن استثمارات هامة رصدت من قبل اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية في هذا الإطار لتحقيق الالتقائية وتحقيق الأثر المنشود.
وحظيت مجهودات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإشادة من لدن مختلف المتدخلين في هذا الفعل المواطن، لاسيما الجمعيات التي تساهم في اقتناء سيارات النقل المدرسي وتضمن تدبيرها، مع توفير الأطر التربوية لتمكين التلميذ من متابعة دراسته في ظروف مثلى.
وأشاد حميد الغراس، رئيس جمعية “اتحاد شمال أغواطيم للتنمية”، التي تسهر على تدبير النقل المدرسي لفائدة تلاميذ الثانويات الإعدادية والتأهيلية في 24 دوارا بجماعة أغواطيم، بالمجهودات المبذولة من قبل المبادرة للنهوض بتمدرس الأطفال في المناطق القروية ومكافحة الهدر المدرسي، لاسيما في صفوف فتيات جماعة أغواطيم. وعبر الغراس، في تصريح مماثل، عن فخره وسروره بالحصيلة المحققة منذ دخول الجمعية حقل تدبير النقل المدرسي سنة 2017، مضيفا “بدأنا بـ 36 تلميذا من ضمنهم ثلاث إناث إلى أن بلغنا 126 تلميذا من ضمنهم 64 فتاة حاليا”. وأكد الفاعل الجمعوي أنه بفضل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، استطاعت فتيات الجماعة من متابعة دراستهن، بعد أن كن في الماضي مجبرات على مغادرة مقاعد الدراسة. بدوره، أكد مدير ثانوية بئر أنزران التأهيلية بتحناوت، ابراهيم آيت سعيد، أن النقل المدرسي “يلعب دورا رئيسيا في النهوض بالمنظومة التربوية، في هذا الجزء من التراب الوطني، الذي يتميز بهويته المحلية وطبيعته القروية والجبلية”.
وقال المسؤول التربوي “لقد انخفض الهدر المدرسي وزادت عودة التلاميذ الذين تركوا مقاعد المدرسة بشكل كبير”، منوها بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تشكل “رافعة حقيقية لقطاع التعليم بالإقليم”.
من جهتهم، عبر عدد من التلاميذ المستفيدين من خدمة النقل المدرسي بالجماعة، التقتهم وكالة المغرب العربي للأنباء، عن سعادتهم بهذه الخدمة التي تمكنهم من متابعة دراستهم في أفضل الظروف والانفتاح على مستقبل مشرق وواعد.
كما عبروا عن امتنانهم لمختلف الأطراف المنخرطة في هذا المشروع المجتمعي الذي يفتح الطريق نحو مستقبل أفضل.
> عمر الروش (و.م.ع)