أعلن محمد الدخيسي، المدير المركزي للشرطة القضائية، خلال فعاليات اللقاء الرفيع المستوى الذي احتضنه المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، عن المبادرة التي أطلقتها المديرية العامة للأمن الوطني، المتعلقة بتأهيل الأماكن التابعة للأمن الوطني التي يمكن أن يتواجد فيها الأشخاص المحرومين من الحرية بوجه عام، حيث بادرت إلى وضع مخطط بهذا الخصوص مدعم ببرنامج عمل للزيارات الميدانية وعمليات تفتيش وظيفية، بهدف توفير الشروط الموضوعية لأنسنة الأماكن المعدة لتنفيذ الحراسة النظرية والاحتفاظ بالأحداث.
وشكل إعلان محمد الدخيسي الذي تضمنه عرض ألقاه في هذا اللقاء الذي تمحور، أول أمس الاثنين، حول موضوع” آلية تمويل الدولة لتغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم من قبل مصالح الأمن الوطني”، بمثابة تفاعل وتقديم بعض التدقيقات حيال مضامين التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان برسم 2021 ، والذي تضمن في الخلاصات التي صاغتها الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بناء على الزيارات التي قام بها أعضاؤها لعدد من أماكن الحرمان من الحرية والوضع تحت الحراسة النظرية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، مجموعة من التوصيات بشأن هذه الأماكن الأخيرة.
وعلى رأس لائحة تلك التوصيات، تبرز دعوة المجلس للمديرية العامة للأمن الوطني بتطوير ممارسات فضلى في هذه الأماكن المخصصة للوضع تحت الحراسة النظرية التي تمت زيارتها من قبل الآلية، مع العمل على توفير مساحة كافية للغرف الأمنية من أجل التمكن من احترام مبدأ فصل الأشخاص المحرومين من حريتهم على أساس العمر والجنس.
هذا رغم أن تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان سجل بارتياح إقدام المديرية العامة للأمن الوطني على توزيع مذكرات على جميع عناصر الشرطة تتضمن الأحكام والتدابير الواجب مراعاتها للوقاية من أي ممارسة للتعذيب أو سوء المعاملة، فضلا عن تذكيرهم بالأحكام القانونية والتنظيمية ذات الصلة.
كما سجل بشكل لافت أيضا اعتماد المديرية لعدة مذكرات توصي بضرورة قيام الأطباء بالمصالح الصحية للشرطة بزيارة مقرات الغرف الأمنية وتسجيل ملاحظاتهم بهذا الخصوص.
وقال الدخيسي في هذا الصدد ” إن المديرية العامة للأمن الوطني تحرص على توفير الشروط الموضوعية لأنسنة الأماكن المعدة لتنفيذ الحراسة النظرية والاحتفاظ بالأحداث وإعمال المراقبة البعدية، حيث أن هذه العمليات ” التي امتدت على مدى خمس سنوات، منذ 2016 وإلى غاية 2021، ركزت على مراقبة احترام المعايير الدولية لمعاملة الأشخاص الخاضعين لأي شكل من أشكال الإيقاف وتدبير أماكن الاحتفاظ بهم.
وأوضح أن مراقبة مدى الالتزام بشروط أنسنة أماكن تنفيذ الحراسة النظرية والاحتفاظ بالأحداث ، تتم عبر التأكد من مسك السجلات وغيرها من المواد التوثيقية والتجهيزات الخاصة بالتسجيل السمعي البصري لما يجري بالغرف والأماكن المذكورة من جميع الزوايا، ومدى التقيد بتوفير ظروف ملائمة للوضع تحت الحراسة سواء من خلال توفير الأغطية والولوج إلى الماء الصالح للشرب والتغذية الملائمة، و التقيد الدقيق بتدابير الأمن والسلامة والنظافة الصحية وكذا إحداث وتعهد المرافق المطلوبة لاتصال الأشخاص المعنيين بمحاميهم أو اتصال هؤلاء الأخيرين بموكليهم الموضوعين تحت الحراسة النظرية.
وفيما يتعلق بموضوع تغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية، أفاد الدخيسي أن قطب المديريتين العامتين للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني انضم منذ سنة 2015، إلى باقي القطاعات الحكومية والإدارات العمومية المعنية، حيث تم اعتماد التنسيق على مستوى إجراءات تمويل تغذية الأشخاص المحرومين من الحرية والمحتفظ بهم،وذلك وفقا للقانون، وهم الأمر اساسا الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم حماية لهم من قبل الإدارات والهيئات التي أناط بها القانون مهام الشرطة القضائية.
واعتبر في هذا الصدد، أن مختلف الجهود التي تم بدلها على مستوى توفير الشروط الموضوعية لأنسنة أماكن الاعتقال والوضع تحت الحراسة النظرية،كانت محصلتها إقرار القانون المحدث لآلية تمويل الدولة لنفقات التغذية لهذه الفئة، خاصة وأن الدستور في المادة 23 منه، تنص على “تمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية، وبظروف اعتقال إنسانية”.
ومن جهته، اختار وزير العدل عبد اللطيف وهبي في كلمة ألقاها نيابة عنه، عبد الرحيم مياد، الكاتب العام لوزارة العدل بالنيابة، على التزام المملكة المغربية بتكريس دولة الحق وتنفيذ التزاماتها الدولية باتخاذ جميع الإجراءات التشريعية والتنظيمية والإدارية والقضائية الفعالة لتعزيز ظروف الاعتقال وأنسنة تدابير الوضع تحت الحراسة النظرية والاحتفاظ”
وهذا الأمر يشير المسؤول الوازري، يترجمه بشكل واضح إقرار القانون رقم 89.18 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.45 بتاريخ 4 رجب 1440 (11 مارس 2019) والذي قام بتغيير وتتميم المادتين 66 و460 من قانون المسطرة الجنائية، ليؤسس لمبدإِ تحملِ الدولة مسؤولية تغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم”.
وذكر في هذا الصدد بالمضامين التي حملتها المنظومة القانونية في هذا الصدد والتي تعززت بصدور بصدور المرسوم رقم 2.22.222 الخاص بتحديد قواعد نظام تغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم وكيفيات تقديم الوجبات الغذائية، والذي كان محصلة لسلسلة من النقاشات خلال اجتماعات مطولة بين القطاعات المعنية أساسا وزارة العدل ،و وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية وإدارة الدفاع الوطني ، ورئاسة النيابة العامة ، و المديرية العامة للأمن الوطني ، و المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي، فضلا عن الخزينة العامة للمملكة.
وأشار إلى أن النص القانوني تمت فيه مراعاة مختلف الإشكالات العملية التي تطرحها مسألة تغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم، وتم ألأخذ بعين الاعتبار أيضا بما انبثق عن التجارب والدروس المستخلصة من الممارسة العملية بهدف تقوية الضمانات الإجرائية الخاصة بالحراسة النظرية والاحتفاظ بالأحداث، بشكل يتلاءم مع المعايير الدولية ويساهم في ضمان انخراط المغرب في تكريس التزاماته الحقوقية الدولية.
فنن العفاني