أقر الدولي السابق ومدافع فريق النادي القنيطري خليفة العبد، أن الحارس بادو الزاكي يتحمل مسؤولية الهدف الذي تلقاه المنتخب الوطني أمام نظيره الألماني بالدور الثاني بكأس العالم 1986 بالمكسيك.
وقال العبد في حوار أجرته معه بيان اليوم، إنه يدرك بخبرته أن الزاكي كان بمقدوره التصدي للضربة الثابتة التي نفذها لوثر ماتيوس في الأنفاس الأخيرة من المباراة، خاصة أنها كانت من مسافة بعيدة نسبيا.
وأوضح العبد أنه اختار إكمال مسيرته الكروية مع النادي القنيطري بعدما شارك بالمونديال، أولا لعشقه للكاك وثانيا لم يرغب في المغامرة بالاستقرار العائلي رغم تلقيه عروضا للاحتراف بقطر وسويسرا.
وأبدى العبد سعادته باللعب للكاك وتحقيق الكثير من الإنجازات مع جيل فريد من اللاعبين والمسريين، مشيرا إلى أنه رغم بنيته الضعيفة فقد كان يجتهد كثيرا من أجل تخطي هذه النقطة مهما كانت قوة خصومه.
وأشار العبد إلى أن المشاركة بمونديال المكسيك تبقى أفضل ذكرى في مشواره الكروي، خاصة أن الفريق حظي بعد العودة إلى أرض الوطن بعناية كبيرة واستقبال من لدن المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني.
< كيف تواجه الحجر الصحي؟
> حاليا أنا في مدينة القنيطرة مسقط الرأس والقلب، نواجه الظرف الصعب وندعو الله أن يرفع عنا البلاء والوباء.
< حدثنا عن مسارك الرياضي بين فريق النادي القنيطري والمنتخب الوطني ؟
> كانت بدايتي في النادي القنيطري بالرغم من رفض العائلة دخولي مجال كرة القدم وأمكن لي التألق و بلوغ كأس العالم 1986 بالمكسيك مع المنتخب الوطني. ربما كنت محظوظا لانتمائي إلى جيل الثمانينيات حيث قمة العطاء الفني في الرياضة الوطنية عامة.
< لماذا كان يقصى المنتخب الوطني في جل المسابقات بكرة ثابتة؟
> لكل رياضي نقص .. والأهداف التي كنا نتلقاها من كرات ثابتة سببها الحارس الدولي بادو الزاكي. الخطأ كان في الجهة اليسرى من المرمى وهنا موطن الضعف، وهذا واقع حيث كنت في المنتخب الوطني مكلفا من لدن المدرب بتنفيذ ضربات الجزاء، وأعرف هذه الخبايا عن الزاكي. منذ 1986 والجدل قائم حول الهدف الذي استقبلناه في لقاء منتخب ألمانيا في الدقيقة 87 وأقصينا. ولازال البحث حول الحائط الذي شكله المدافعون بتنسيق مع الحارس الزاكي، لوثر ماتيوس سدد من بعد حوالي 40 مترا وهذه المسافة تمكن الحارس من تدخل إيجابي، لكن بعد الصمود طيلة 87 من عمر المباراة بحثنا فيها عن الفوز وانخدعنا في آخر اللحظات.
< لعبت فقط للنادي القنيطري ولم تغير فريقك، لماذا؟
> بالفعل أنا عاشق لفريق مدينتي ومخلص له. تلقيت عروضا من أندية في قطر وأخرى في سويسرا لكن كنت تجاوزت سن الثلاثين عند المشاركة في المونديال، ونحن في فترة النضج وأدرك أنني لن أستمر أكثر من موسمين ومطالب بمنح أسرتي وقتا لأننا كنا ملتزمين بالتنقلات والتجمعات والمنافسات الرياضية، ولذلك اخترت الاعتزال في الوقت المناسب ولم أنتقل إلى التدريب بسبب ما لاحظته في هذا المجال، حيث لم يتم منح اللاعبين الذين مارسوا في المستوى العالي القيمة التي يستحقونها. حاليا أرى البعض ممن لا علاقة لهم بكرة القدم يقتحمون المجال بطرق مختلفة وأنتم أدرى بما يجري. أعتقد أن اللاعبين الذين أفنوا حياتهم في ممارسة كرة القدم من حقهم الاستفادة من التكوين وولوج ميدان التدريب والأمثلة كثيرة أمامنا.
< ماذا يمثل النادي القنيطري بالنسبة لك؟
> النادي القنيطري فريقي الأم. لعبت له وهو في القسم الثاني وحققت معه الصعود وبلغنا نهائي كأس العرش حيث انهزمنا أمام الفتح الرباطي بـ 1-0 في مدينة طنجة موسم 1975-1976، وذلك وراءه تكوين حقيقي أمنه أناس مخلصون يخافون الله، وطنيون من بينهم الأب الروحي للكاك الصويري وكنت أسمع عن الراحل عبد الحق القدميري رجل من نفس الطينة ومن رفاق الصويري في مجال التربية والتكوين، لكن للأسف رحل الصويري ورحل معه أسلوب عمله. والكاك في حاجة إلى هويتها السابقة.
< ماذا حققت مع النادي القنيطري؟
> حققت كل شيء في النادي القنيطري، والفريق كان له أسلوب لعب فريد في اللعب في المغرب بلاعبين نجوم غير عاديين كحسينة أنفال والعمري شافاه الله والبوساتي الهداف الأسطوري وعزيز بوعبيد وجمال جبران وفتاح وقبلهم محمد رياض وآخرين … كنا نجري مباريات ودية مع المنتخب الوطني ونحرجه آنذاك بالرغم من خسارتنا. النادي القنيطري كل شيء في حياتي ولم أدخل التدريب من أجل الكاك واخترت البقاء بعيدا عن سلوكات مشينة.
< قامتك متوسطة بالنسبة لمدافع، لكنك دوما ما توليت مهمة حراسة مهاجمين كبار في المونديال؟
> قامتي قصيرة لكن عزيمتي قوية ورغبتي كبيرة وحب صادق لكرة القدم والانتصار وعدم الخوف من الخصم مهما بلغ مستواه. شخصيا كنت أشتغل وأجتهد وقوتي في ضربات المقص والكرات الهوائية وكذا ضربات الجزاء وقراءة الخصم التي تساعد على تفادي المشاكل في التباري. الجميع يلعبون الكرة لكن القوي يجد حلولا. فقد كنت مدافعا وأتحول مهاجما في كرة بأسلوب حديث يعتمد التقنيات الحديثة.
< كم سنة قضيت في ميدان كرة القدم؟
> حياتي مرتبطة في كرة القدم فمن جامع الكرات في المباريات في الصغر إلى لاعب في المونديال. كعاشق لكرة القدم عانيت من قصر القامة وأحيانا أحس بالحگرة، لكن كنت أقاوم. وفي بدايتي كنت ألعب في مركز وسط الميدان -باليمين- و بتوصية من المدرب محمد العماري تحولت إلى الدفاع وساعدني كثيرا.
< ما هي أجمل ذكرياتك؟
> الذكريات كثيرة أهمها كأس العالم، ما يشرف المغاربة جميعا، وهذا حلم كل اللاعبين، والتألق تم بالانسجام والاجتهاد خلافا للحاضر حيث جل الفرق بلاعبين تنقصهم كثرة المباريات الودية التي تساعد على التناغم. كنا جاهزين ومتفرغين نلتحق بتجمع المنتخب الوطني كلما تلقينا الدعوة ونشارك في جميع المباريات.
< وفي مونديال المكسيك 1986؟
> كان المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني يتصل بنا باستمرار ويتحدث مع كل لاعب. لن أنس أنه حفزني وقال لي: “تبرك الله عليك يا خليفة، شرفتم الوطن، إستمروا في العمل”. وأضاف جلالته: “يا ولدي خليفة أنا هاز ليك الهم بزاف ..” ابتسمت وسألته: “كيف يا مولاي؟”. وقال جلالته: “كيف ستحرص اللاعب بريگل؟”. ضحكت وقلت: “نعم ياسيدي .. في كأس العالم نلعب مباراة تلو أخرى، الآن نواجه إنجلترا وعندما نكون أمام ألمانيا يحن الله”. ولا أخفيكم أن كلام جلالة الملك حفزني ودفعني للتفوق على اللاعب بريغل وقد ساعدنا على التألق التحضير البدني الجيد. وقدمنا مستوى مميزا في كأس إفريقيا بمصر في نفس السنة وعرجنا على أيرلندا قبل المكسيك حيث تأقلموا مع طقس البلد في وقت مبكر، وعن إنهاء المونديال أهدانا جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله عطلة بأمريكا على نفقته الخاصة وخصنا باستقبال شعبي رائع رفقة رياضيين متألقين على متن حافلة مكشوفة، وهذا يترجم قيمة الاهتمام الملكي المستمر للرياضة والرياضيين وهذه ذكريات لن أنساها إلى الأبد .
< حاوره: محمد أبو سهل