قال المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، أول أمس الثلاثاء بقصر المؤتمرات بمدينة العيون، إن تخليد الذكرى الـ 65 لمعركة الدشيرة، والـ 47 لجلاء أخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، يعد محطة تاريخية لاستحضار حدثين عظيمين من أحداث الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد من أجل الحرية والاستقلال واستكمال الوحدة الترابية.
وأضاف الكثيري في كلمة له خلال مهرجان خطابي حاشد، حضره الكاتب العام لولاية العيون، وعدد من المنتخبين والأعيان والمقاومين، وشيوخ القبائل، وممثلو المجتمع المدني والسياسي، ومئات من المواطنين، بمناسبة تخليد هذين الحدثين التاريخيين، أن معركة الدشيرة التي دامت 12 ساعة، كانت كافية ليتكبد خلالها المستعمر خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وتسجل انتصار جيش التحرير، مبرزا أن ربوع الصحراء المغربية تبقى شاهدة على ضراوتها.
وسجل الكثيري أن هذين الحدثين العظيمين يشكلان محطتين تاريخيتين وازنتين في سجل أمجاد ومكارم هذه الربوع المجاهدة والقلاع الشامخة في الحركة الوطنية والوحدوية.
واعتبر الكثيري أن الاحتفاء بالذكرى الخامسة والستين لمعركة الدشيرة يتوخى استلهام قيم الوطنية الخالصة والمواطنة الإيجابية لتتشبع بها الأجيال الحاضرة والمتعاقبة في مسيراتها الرائدة في ظل العهد الجديد لجلالة الملك محمد السادس، إعلاء لصروح الوطن وارتقاء به في مدارج الحداثة والتقدم والتنمية الشاملة والمستدامة بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية والبيئية.
وذكر أن معركة الدشيرة التي كانت أول رد فعلي بالضفة الشمالية الشرقية لوادي الساقية الحمراء، بعد أيام قليلة من استقبال جلالة المغفور له محمد الخامس لوفد من القبائل الصحراوية المغربية بمحاميد الغزلان سنة 1958، ودعوته في خطابه التاريخي إلى التحرك لتحرير الصحراء المغربية، مقدما جلالته كل الدعم للمجاهدين والوطنيين بهذه الربوع الذي شاركوا بمن فيهم أبناء القبائل الصحراوية مجاهدون من شمال المملكة من مدن الدار البيضاء وفاس والخميسات والأطلس المتوسط والريف والصحراء الشرقية وغيرها بقيادة المجاهد صالح بن عسو.
وذكر بمجموعة من الجوانب التي عرفتها معركة الدشيرة الخالدة التي أبلى فيها المجاهدون بهذه الربوع البلاء الحسن، مجسدين بتراثهم النضالي أروع صور الوفاء والإخلاص في الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية.
وأكد بالمناسبة، أن أبناء الأقاليم الجنوبية قدموا تضحيات في مناهضة الوجود الاستعماري الذي جثم بثقله على التراب الوطني وقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الاسبانية بالشمال والجنوب فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن ذلك جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة وعسيرة بذل العرش والشعب خلالها تضحيات كبيرة في غمرة كفاح متواصل طويل الأمد ومتعدد الأشكال لتحقيق الحرية والخلاص من الاستعمار.
وأبرز بالمناسبة، أن الشعب المغربي وفي طليعته أبناء المناطق الجنوبية المسترجعة، واصل مسيرة النضال البطولي من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية، مجسدين مواقفهم الراسخة وارتباطهم بمغربيتهم، ورافضين لكل المؤامرات التي تحاك ضد وحدة المغرب الترابية.
وأبرز الكثيري أن تاريخ حركة المقاومة الوطنية، يزخر بمظاهر الوحدة والتلاحم بين المغاربة من أقصى تخوم الصحراء إلى أقصى ربوع الشمال في مواجهة الاستعمار الأجنبي.
وأضاف أن هذه الملحمة النضالية تواصلت في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني بكل عزم وإيمان وإصرار، وتكللت باسترجاع مدينة سيدي افني سنة 1969، وبتنظيم المسيرة الخضراء في 6 نونبر 1975 واسترجاع الساقية والوادي إلى حضن الوطن الأب، وارتفعت بالتالي راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976، ثم إقليم وادي الذهب إلى الوطن يوم 14 غشت 1979، مؤذنة بنهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية .
وشدد الكثيري على أن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تخلد الذكرى 65 لمعركة الدشيرة الخالدة والذكرى 47 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، لتجدد موقفها الثابت من قضية المغرب والمغاربة الأولى، وتعلن استعداد أفرادها لاسترخاص الغالي والنفيس في سبيل تثبيت السيادة الوطنية بالأقاليم الجنوبية المسترجعة، ومواصلة الجهود والمساعي لتحقيق الأهداف المنشودة والمقاصد المرجوة في بناء وطن واحد موحد الأركان، قوي البنيان ينعم فيه أبناؤه بالحرية والعزة والكرامة.
وسجل أن عهد جلالة الملك محمد السادس، تميز بمسيرات البناء والتشييد وإرساء أسس دولة الحق والقانون والديمقراطية والمدنية الحديثة، والانغمار في مسلسل النماء والتقدم وبناء الإنسان وتنمية هذه الأقاليم العزيزة لتصبح قاطرة لتنمية استثمارية، وورشا لمشاريع تنموية واعدة ومدمجة من شأنها إرساء نموذج جديد للتنمية الشاملة والمستدامة والمدمجة في كافة المجالات وتعزيز ورش الجهوية المتقدمة، في سياق ترسيخ مسار ديمقراطي صحيح وخلاق يؤمن إشعاعها كقطب اقتصادي وطني وصلة وصل بين دول الشمال والجنوب.
وثمن الكثيري، مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 47 للمسيرة الخضراء والذي حمل إشارات قوية ورسائل بليغة حول القضية الوطنية الأولى.
وفد المقاومة وأعضاء جيش التحريرمرفوقا بوالي الجهة في زيارة لمقبرة الشهداء بالجماعة القروية الدشيرة
هذا، وكان المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، الذي كان مرفوقا بوالي الجهة وعدد من المقاومين والمنتخبين، قد قام صباح نفس اليوم، بزيارة لمقبرة الشهداء بالجماعة القروية الدشيرة، للترحم على أرواح الشهداء الذين سقطوا خلال معركة الدشيرة، وعلى روح جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه آنذاك في الكفاح الحسن الثاني طيب الله ثراهما.
تكريم الحاج ابراهيم ولد الرشيد أحد شيوخ القبائل الصحراوية، وأحد وجهائها الحكماء من طرف مصطفى الكثيري، والكاتب العام لعمالة إقليم العيون
وتم أيضا، خلال هذا المهرجان الخطابي تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بإقليم العيون، عربون وفاء وبرور بما استرخصوه من نفس ونفيس وما قدموه من تضحيات جسام في ملحمة الحرية والاستقلال والوحدة الترابية، وكذا تسليم إعانات مالية لفائدة عدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم، وتعدادها 109 إعانة بغلاف مالي إجمالي قدره 398.000 درهم، موزعة على الشكل التالي:
– إعانة مالية على إحداث مشروع اقتصادي، بمبلغ إجمالي قدره 30.000 درهم؛
– (03) إعانات مالية على السكن، بمبلغ إجمالي قدره 120.000 درهم؛
– (25) إعانة مالية برسم واجب العزاء، بمبلغ اجمالي قدره 88.000 درهم؛
– (80) إعانة مالية كإسعاف اجتماعي، بمبلغ إجمالي قدره 160.000 درهم.
تجدر الإشارة، إلى أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير سطرت برنامجا للأنشطة والفعاليات المخلدة لهذين الحدثين المجيدين في الفترة الممتدة من الثلاثاء 28 فبراير إلى الخميس 2 مارس 2023 بكل من أقاليم العيون والسمارة وبوجدور يشتمل على مهرجانات خطابية بحضور السلطات الإقليمية والمحلية والمنتخبين ونشطاء المجتمع المدني والعمل الجمعوي والمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، تلقى خلالها كلمات وشهادات للإشادة بفصول هذه الملحمة البطولية وإبراز مكانتها المتميزة في تاريخنا الوطني الطافح بروائع النضالات من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية واستكمال الوحدة الترابية، وتكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة الجديرة بموصول الرعاية والعناية.
مبعوث بيان اليوم إلى العيون: حسن عربي
تصوير: حكيم مغراوي