يعد حق المشاركة السياسية معيارا حقيقيا لقياس الديمقراطية، حيث يعتبر هذا الحق ترجمة لصورة مناخ الحياة السياسية في تناغمها أو تنافرها مع المسار الديمقراطي. كما توثق لرابط الثقة بين كل من المواطن والمؤسسات بصيغة تخول لهما معا المساهمة في اتخاذ القرار عبر التفكير الجماعي الذي ينتج عن تحفيز الفرد لممارسة أنشطة إرادية نمثل لها بالتصويت أو الترشح للهيئات المنتخبة أو مناقشة القضايا السياسية، الدفع بتنفيذ السياسات التنموية سواء في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
هذا الطرح يتماشى والمشاركة السياسية في معناها العام؛ وبالبحث بين تفاصل المشاركة السياسية وأبرز الفئات التي تشكل جوهرها والمحرك الأساسي لها فإن المشاركة السياسية للشباب خصوصا تعبر بدورها عن أبرز مظاهر الانخراط الديمقراطي، في إطار الترجمة الفعلية للحقوق السياسية الكونية للإنسان التي نصت عليها من جهة مختلف المواثيق والإعلانات الدولية المتعلقة بالحريات الأساسية بالرغم من أنها لم تتطرق بشكل صريح لمشاركة الشباب بصفة مباشرة إلا أنها عالجتها ضمنيا على اعتبار أنهم يشكلون العمود الفقري للمجتمعات ويمثلون أكبر فئة ضمن الهرم، كما أن العديد من الخطب الملكية والدساتير الوطنية كرستها على نطاق واسع .
فقد أخذت قضية المشاركة السياسية للشباب تطرح نفسها بإلحاح شديد منذ دخول المغرب في المرحلة الإنمائية التي شهدها ويشهدها اليوم في ظل متغيرات سياسية، اجتماعية اقتصادية وثقافية مصاحبة لمجموعة من التحولات سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
بهذا فإن الاستحقاقات القادمة، تعتبر محطة سياسية هامة في مسار التحول الديمقراطي بالمغرب منسوجة بمجموعة من الضمانات التي ينبغي للأحزاب تفعيلها،و التي تستلزم أجواء ديمقراطية نزيهة وشفافة، كأساس لمشروعية التمثيل الديمقراطي السليم، كما تستدعي بالضرورة تشبيب النخب ووضع الشباب في قلب المسلسل الانتخابي للنفاذ لمراكز القرار وتفعيل مقتضيات الدستور والمواثيق الدولية لكسب رهان الديمقراطية.
انطلاقا من هذا ومع النقاش المصاحب لمرحلة ما قبل الانتخابات والتجاذبات الحاصلة حول التفاصيل التي ستؤطر هذه العملية، يمكن القول أن قضية مشاركة الشباب في المغرب وتقييم الفرص المتاحة لهم للنفاذ إلى النقط المفصلية في مسلسل اتخاذ القرار سواء على مستوى البرلمان أو مؤسسات الدولة ككل ، تحتاج إلى مقاربة نوعية وغير تقليدية تتسم بالاختلاف والاجتهاد القادر على نسج العلاقات بين الجوانب والأبعاد المرتبطة بكل من التنمية وحقوق الإنسان والمشاركة السياسية على أساس تمكين الشباب، تمكينا فعليا يتاح معه إدماجهم في محور السياسات العمومية وما بين الضمانات المرصودة والمعدة لتحقيق هذا الهدف.
في ضوء ما سبق، وفي محاولة لنحت مقاربة مختلفة في التعامل مع قضية المشاركة السياسية للشباب تأتي هذه الورقة لتناقش إشكالية المشاركة السياسية للشباب في شقها المتعلق باليات هذه المشاركة ونقصد هنا بالخصوص اللائحة الوطنية للشباب ومدى مساهمتها في تشكيل هندسة السياسات العمومية، وذلك عبر قراءة في محددات ومرجعيات هذه الآلية من جهة ومن جهة ثانية وضعها في السياقات الوطنية والإقليمية التي أثثت مرحلة إنتاجها في نهج مقارناتي ، يستند على أدلة علمية تغني الطرح وتبحث عن الحصيلة التي أفرزتها هذه اللائحة بعد تحديد كل من نقاط الضعف والقوة بها،في محاولة لرصد الفرص المتاحة أمامها، وطرح سؤال البدائل والضمانات في حالة إلغائها.
وتنطلق الدراسة من فرضيتين محوريتين ؛ الأولى تقول بأن لائحة الشباب باعتبارها آلية ترسم وتتمم خريطة المشاركة السياسية ساهمت وبشكل كبير في تمكين الشباب وذلك عبر تشبيب النخب وبالتالي ضمان خلق تواصل شاب يواكب التحولات الحديثة للمجتمع ويضع صوت الشباب وأفكارهم في قلب المؤسسات الكبرى للدولة . في حين أن الفرضية الثانية تفند هذا وتؤيد الطرح القائل بأن اللائحة الوطنية للشباب وفي غياب التجويد والتأطير خلقت نفورا للشباب من المشاركة بشكل لم يساهم في غرضها الصحيح وبالتالي انتقلنا من تمييز إيجابي نحو تمييز بمعناه السلبي، وفي الحالتين معا يمكن طرح السؤال التالي : حول الضمانات والبدائل الممكنة في هذه الحالة .
ستتم مناقشة هذه الإشكالات ومحاولة الفهم والتحليل عبر التصميم التالي:
– المحور الأول: المرجعية القانونية ونماذج آليات الإدماج السياسي في بعض الدول؛
– المحور الثاني: حصيلة اللائحة الوطنية للشباب في الميزان.
المحور الأول: المرجعية القانونية ونماذج آليات الإدماج السياسي في بعض الدول
ستشكل استحقاقات 2021 نقطة مهمة في المرحلة الراهنة؛ ويعزى ذلك إلى المرحلة الاستثنائية التي يعيشها المغرب والمرتبطة في شقها الأول بالإشعاعات الأخيرة للملكة داخل المجتمع الدولي سواء على مستوى المكتسبات التي راكمتها في المجال الدبلوماسي أو الإنجازات التي حققتها على المستوى الاقتصادي والتي ستساهم بشكل حتمي في التنمية الاجتماعية، وبالتالي انعكاسها على انتظارات المواطنين ومطالبهم، وفي شقها الثاني مرتبطة بمخلفات أزمة كوفيد 19 والتي طرحت ضرورة تواجد الفاعل الحزبي في الساعة لامتصاص مطالب واحتياجات المواطنين والتنزيل الفعلي للفصل 7 من الدستور بكامل المهام والاختصاصات الموكلة للمؤسسات الحزبية والمساهمة في التفكير الجماعي لإنتاج مخططات وبرامج تخول الخروج من الأزمة وتلافي ما يمكن من أضرار خصوصا على الفئات الهشة،ومن جهة ثانية ستكون امتدادا لتطوير العملية الانتخابية وتجاوز الاختلالات التي شابتها في مختلف المحطات السابقة .
1.1.1.1 في نفس السياق دائما، وبالنظر إلى التحولات التي أحدثتها الأزمة الوبائية وما تفرضه من تحديات اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية، لا يمكن كسب رهاناتها إلا بواسطة نخب سياسية مؤهلة تفرزها منظومة انتخابية متكاملة ومنسجمة، ويشغل فيها الشباب حيزا كبيرا ومهما باعتباره مؤهلا من مؤهلات الدولة ؛ الأمر الذي سيستدعى من الأحزاب التفكير الجماعي في إنتاج أفكار تساهم في إصلاح المنظومة الانتخابية ودعم أكبر لحظوظ الشباب ضمنها.
< المرجعية الدولية
هناك جدل برز في المغرب، وفي البلدان المجاورة، حول الكيفية التي يشكل بها الشباب موردا مهما إذ أنهم يمثلون المستقبل. وقد ساهمت التحولات التي عرفتها المنطقة في فهم أن الوقت قد حان للدفع في اتجاه تفعيل رؤية طموحة لوضع هذا الجيل في منطقة القلب من عملية التنمية في الإقليم ككل وفي المغرب بصفة خاصة. وسيمثل انخراط الشباب كشركاء أساسيين في إيجاد حلول، والتأكيد على مشاركتهم في اتخاذ القرارات وتقديم الخدمات عنصرا أساسيا. في تحقيق الإشعاع على المستوى الداخلي.
لهذا فقد أصبح دعم الحركات الشبابية ومنحها المزيد مكانة قوية في القنوات الرسمية لصنع القرار والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية ضرورة ملحة تفرضها الظرفية. وهذه القضية يمكن أن تعالج حتما، عبر التركيز على إشراك الشباب ودمجه، خصوصا وأن المغرب لديه القدرة والمرجعيات الكاملة والكافية لأن يكون خلاقا في هذه النقطة عبر تعزيز آليات المشاركة السياسية التي تستمد مرجعيتها من معظم المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية التي تؤطر حق المواطن في اتخاذ القرار بصفة عامة وحق الشباب بصفة خاصة في الإسهام في هندسة السياسات العمومية الخاصة به .
ولدعم هذا الطرح فقد أقر الدستور المغربي لسنة 2011، بجعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة . ارتباطا بهذا فقد أقر المغرب هذه المقررات بشكل فعال، حيث قام في هذا الصدد وعبر تفكيره في تعزيز الحقوق السياسية بتبني التفاصيل التي جاءت في المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
كما أن المجتمع الدولي حث على المشاركة الكاملة للشباب في الحياة السياسية ، الأمر الذي خول للائحة الوطنية في شقها الخاص بالشباب مرجعية تتأسس عليها كونها تقر بتمييز إيجابي من شأنه تحقيق الهدف الذي نص عليه برنامج العمل العالمي للشباب، والذي يلح بدوره على إشراك الشباب باعتباره المحرك الأساس والذي يمثل نسبة مهمة عبر العالم كما يشكل قاعدة كبرى لكل دولة وتتسم بالنشاط ومواكبة التحولات التي تفرضها الظرفية. وبالتالي تجاوز ضمان حقوق الشباب في كسب العيش، إلى المشاركة في صنع القرار، والعيش في سلام وأمن، وتوفير الاحترام اللازم لأفكارهم وأرائهم .
انطلاقا من هذا يمكن القول في هذا الشق أنه وبتعدد آليات المشاركة السياسية تبقى اللائحة الوطنية في شقها المتعلق بالشباب الوسيلة التي ترجمت هذا الإجماع الدولي على حضور الشباب في الحياة السياسية واتخاذ قرارات تهمهم، إذ أنها ساهمت بشكل أو بأخر في فرض وجوه شابة ضمن البرلمان في محاولة تشبيب النخب غير أن السؤال هنا يبقى حول هل تجاوزت هذه الآلية العدد نحو إنتاج حصيلة تدعم تجويدها وتطويرها والإبقاء عليها عبر إحداث أثار سياسية أم أنها ظلت حبيسة العدد والمقاعد فقط؟
< المرجعية الوطنية
– الإطار الدستوري
لقد قدم دستور 2011 مكانة رفيعة للشباب في الحياة السياسية من خلال المنافسة السياسية الشريفة التي يكفلها هذا الأخير للشباب، والذي يبرز موقعهم في الحقل السياسي كدعامة لرأسمال بشري يساهم في بناء الحقل التنموي والديمقراطي، وفي أحقية المشاركة، لتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص.
في هذا الإطار فقد عزز آليات وتدابير من شأنها الدفع بالشباب للمشاركة في الانتخابات،ذلك أن ما تضمنه دستور 2011 مقترنا بالتطبيق والتنزيل الفعلي، من شأنه أن يعيد الثقة للشباب من جهة، ومن جهة أخرى أن يعبر بوضوح على إرادة الدولة في إشراكهم بتدبير شؤونهم، وبالتالي يعزز ثقتهم في الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية، باعتبار أن اهتمامات الشباب وتوجهاتهم لا تقتصر على التعليم والتوظيف، بل له طموح متمثل في تفعيل دوره كفاعل محوري في توفير ظروف كل هذه الرهانات المجتمعية، من خلال جعل الشباب في صلب آليات اتخاذ القرار السياسي والتنموي المتعلق بشؤون الدولة والجماعات الترابية على العموم، وشؤون الشباب على الخصوص.
بعد أن تشابهت الآليات المتّبعة في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 مع آليات الانتخابات التشريعية لسنة 2002.وفي سياق ثورات “الربيع العربي”،كان الأمر مختلفا فقد شهد المغرب حركات احتجاجية وحراكا شبابيا عرف باسم “حركة 20 فبراير”، ارتفعت فيه شعارات تنادي بمحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية وتعديل الدستور. وفي مبادرة سريعة، ألقى الملك محمد السادس خطابا حمل فيه مطالب الشباب وأفكارهم بمختلف ألوانها، وأعلن عن إجراء انتخابات تشريعية سابقة، وتعديل الدستور باعتماد منهجية تشاركية. فقّدمت الأحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني إلى اللجنة الملكية المكلفة بالتعديل مذكراتها ومقترحاتها حول العديد من المقتضيات الدستورية.
وقد جاء دستور عام 2011 متقدما في مضمونه، وعكس مطالب شبابية في بعض فصوله ومواده.ونصت ديباجة الدستور كما سبق الذكر على سمّو الاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب، على التشريعات الوطنية وضرورة ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبهالاتفاقيات المصادق عليها، وذلك من أجل ضمان مختلف الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية.كما تجدر الإشارة أنه انطلاقا من دستور 1970 إلى دستور 1996 لم تتم الإشارة فيه ولو ضمنيا بنهج تمييز إيجابي أو الإقرار على إجراءات تهم الشباب في حين أن دستور 2011 أشار في الفصل 33 إلى ضرورة تمكينهم بشكل فعلي عبر أحداث مؤسسة تعنى بشؤونهم ، وهو الأمر الذي تضمنه البرنامج الحكومي على الرغم من أنه لم يرى النور بعد.
ومادامت السياقات التي أنتجت المكانة المتقدمة للشباب بعد سنة 2011 جاءت متزامنة مع حركات احتجاجية إقليمية نجد الدستور التونسي بدوره ورغم أنه اتجه إلى إنصاف النساء ونص صراحة على ضرورة تمكين المرأة وضمان تمثيليتها وهو نفس الأمر الذي تقاطع فيه مع دستور 2011 والذي بدوره أقر ولأول مرة على مبدأ المناصفة قد أشار بدوره وأكد على ضرورة إشراك الشباب باعتباره قوة فاعلة في بناء الوطن. تحرص الدولة على توفير الظروف الكفيلة بتنمية قدرات الشباب وتفعيل طاقاته وتعمل على تحمله المسؤولية وعلى توسيع إسهامه في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية .
في نفس السياق وبالرجوع إلى الدستور الموريتاني للبحث عن مكانة الشباب ضمن التحولات الإقليمية الأخيرة نجد أنه لم يتضمن بتعديلاته الأخيرة أية إشارة ولو بشكل ضمني على الضرورة التي تفرضها المرحلة والتي تتلخص في وضع الشباب في قلب مراكز اتخاذ القرار إذ ينص على أنه يتوجب على المترشح للرئاسة أن يتجاوز عمره 40 سنة ونفس الشيء بالنسبة للمجلس الدستوري إذ يمنع على الأعضاء أقل من 35 سنة شغل منصب ضمنه، كما كان قد حدد سن الانتخاب والإدلاء بالصوت في سن 25 سنة .
في حين أن الدستور الجزائري لسنة 2016 قد أقر بدوره على إحداث مجلس استشاري للشباب، غير أنه حصر اختصاصاته في التنمية الاجتماعية والاقتصادية فقط في حين أننفس المجلس في المغرب جاء وبنص دستوري يضم تعزيز التنمية السياسية للشباب أيضا.
يمكن القول إذن أن الدستور المغربي قدم ضمانات متطورة ومواكبة أكثر للهدف الجوهري لأهداف التنمية ألا وهو تمكين الشباب ذلك أنه ومقارنة مع المعطيات التي أمامنا يتضح جليا أنه تم الإقرار بإلمام المقتضيات المنصوص عليها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بدون إغفال أو تجاوز أي جانب من هذه الجوانب من أجل البحث عن السبل الأنجع لتقلد الشباب مناصب القرار.
– الإطار القانوني
إن من مقومات المشاركة السياسية للشباب وجود إطار قانوني للأحزاب السياسية يدعم نسبة التي لطالما وصفت بالمحدودة،وقد يعزى ذلك إلى ضعف القوانين التي تفرض مشاركة الشباب في الاستحقاقات الانتخابية، والتي لا زالت تحتاج في مجملها إلى التفعيل و الخروج من إشكالية النص و التطبيق من أجل أن تعكس طموحات الشباب الذي يتخبط في مجموعة من المعيقات التي تحول دون الرفع من مشاركته السياسية. فإشراك الشباب في العمليات السياسية الرسمية أصبح ضرورة ملحة وآنية تفرضها التحولات الراهنة لمجتمع حداثي أظهر قوة الشباب الفكرية في تغيير الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وبما أن المغرب يسير في مسار التحول الديمقراطي المبني على التعدد الحزبي الذي يستقطب ويشجع على المشاركة السياسية للشباب في الدورة الانتخابية بأكملها، فالواقع السياسي يقتضي أن تكون المشاركة السياسية للشباب فاعلة وجدية، وأن تتجاوز كونها رمزية بمعنى تفادي تجاهل مطالب الشباب في كل القرارات الرسمية التي تأخذها الأحزاب السياسية، التي تعزز من إشراكهم في التدبير الجيد لقرارات الحزب وأثارها المستقبلية على المواطن.
من أجل هذا طرحت اللائحة الوطنية للشباب مع التحولات التي تمخضت عن المسار الديمقراطي لقطع الطريق أمام إقصائهم، وهذا ما ترجمه في انسجام تام مع المقتضيات الدستورية مقتضيات القانون التنظيمي29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، الذي نص على مبدأ دمقرطة تسيير الأحزاب السياسية وضرورة إتاحة الفرصة لكافة الأعضاء بالمشاركة الفعلية داخل أجهزة الحزب، وذلك في إطار مراعاة الحكامة الجيدة ومبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة، كما أقرت المادة 26 على أن كل حزب “يعمل….على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد” .
وجاء في نفس السياق أيضا أكد على أنه يتعين على كل حزب سياسي أن يحدد داخل نظامه الأساسي نسبة الشباب الواجب إشراكهم في الأجهزة المسيرة للحزب. وقد أتممت المادة 23 من القانون التنظيمي لمجلس النواب هذا الفراغ بحيث نصت على مجموع المقاعد التي تم تخصيصها في إطار ما سمي باللائحة الوطنية والتي تضمنت في شق منها 60 منصبا خاصا بالنساء و30 منصبا آخر للشباب من كلى الجنسين كتمييز إيجابي يمكن أن يعتمد لسد فجوة تخلف الفاعل الحزبي عن تقديم الشباب للوائح المحلية، ومن أجل أيضا ضمان انخراطهم وقد تعتبر إلى جانب هذا وذاك مساعدة ضمنية للوصول إلى المقاعد النيابية وتوفير عناء الاصطدام بمعيقات تتأسس على مخلفات سوسيو-ثقافية مرتبطة بالتنشئة السياسية للأفراد والعقليات المرتبطة بالأفكار التي تناقض التجديد والتطوير وبالتالي ضمان مواكبة التطورات التي تفرضها العولمة.
على نفس النهج؛ وفيما يخص القانون المنظم للانتخابات في تونس فقد نص القانون الانتخابي على محفزات لزيادة تمثيلية الشباب تتمثل أساسا في حرمان القائمات التي لا تحتوي على مترشح واحد على الأقل دون 35 سنة والمتواجدة ضمن الأربعة مراتب الأولى على قائمة المرشحين من نصف منحة التمويل العمومي. كخطوة تحمل ضمانات كبرى وحاسمة على ضرورة إدماج الشباب وتمكينهم من الوصول إلى قبة البرلمان وهو نفس الهدف الذي تهدف له لائحة الشباب للائحة الوطنية للشباب بالمغرب.
في حين أن القانون المنظم للعملية الانتخابية في الجزائر، في فصله الثاني والثالث الخاص بانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة يشترط وجوبا أن المتقدم للترشح يجب أن ستجاوز سن 25 سنة، وبالتالي يتضح التحرك البطيء نحو حضور الشباب في الجهات التمثيلية وتشبيب النخب، غير أن مشروع القانون الجديد يحمل تغييرات مهمة، من ضمنها تخصيص ثلث قوائم المترشحين على الأقل للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، تحت طائلة عدم قبول القوائم وبذلك مواكبة التحديات وتجاوز رهانات المرحلة التي طرحتها سنة2011 بالنسبة للإقليم ككل.
بهذا فإن مشاركة الشباب هنا مرتبطة بالإرادة السياسية، وفي وجود أزمة الشباب في علاقته بالواقع السياسي متصلة بموانع موضوعية يبقى الحل هو وضع الشباب ضمن هذه العملية بإطار قانوني يشكل ضمانة لحضوره وهذا عبر لائحة الشباب، كما أنه يمكن البحث بعد ذلك عن مداخل أخرى لحل هذه الهوة الحاصلة منها المدخل الثقافي والتعليمي والمدني. عبر الدعوة إلى الجمع بين آليات الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية المباشرة مع استحضار طابع التمييز الإيجابي لإحقاق هذا الاندماج. وبالتالي ضمان توسع دائرة المشاركة والاستمرارية. مع الاستفادة من التجارب الدولية في مجال فتح النقاش العمومي.
المحور الثاني: حصيلة اللائحة الوطنية للشباب في الميزان
بعد الاضطلاع على المرجعية الوطنية والدولية التي تؤسس لدعم آليات تميكن مشاركة الشباب وإدماجهم داخل الفضاء السياسي ، وبالرجوع إلى اللائحة الوطنية للشباب كآلية بارزة خلال هذه الفترة المنصرمة والتي تم انتهاجها بغية تشبيب النخب السياسية وخلق توجه شبابي يواكب التحولات الحديثة ويتماشى معها للإسهام في هندسة صياغة السياسات العمومية التي من شأنها إحداث التنمية والتطور.وبعد انطلاق الحديث عن الاستحقاقات المقبلة؛ تجدد النقاش بين الفرقاء الحزبيين حول هذه اللائحة بخصوص ديمقراطية هذه الخطوة التي تم إقرارها خلال انتخابات 2011.
وإذا كانت هذه الخطوة جاءت من أجل تحفيز النساء والشباب على ولوج باب البرلمان، ورفع تمثيليتهن داخل المؤسسة التشريعية، واختصار المسافات عليهم قبل أن يصلوا إلى قبة البرلمان؛ فقد وجهت انتقادات إلى هذا الإجراء، لكونه اعتبر من منظور أخر تكريسا لخدمة فئات معينة دون أخرى في ظل غياب الديمقراطية داخل الأحزاب المغربية.
غير أنه ومن زاوية نظر أخرى وعلى اعتبار أن النساء والشباب يعتبران مكونين مهمين داخل المجتمع المغربي ويبقيان خارج دورة تجديد النخب، بسبب الارتباط الجدلي بالمكانة السيوسيو اقتصادية لهاتين الفئتين والرؤية النمطية لهما، والمرتبطة بالثقافة والتنشئة السياسية بدرجة أولى، الأمر الذي لا يساعد على وصول النساء والشباب إلى قبة البرلمان، مما يطرح سؤال الآليات الواجب تبنيها لتلافي هذه الرهانات وفي الوقت ذاته يطرح أيضا سؤال البدائل في حالة إلغاء المقاعد المحجوزة للشباب؟ هل يجب الاكتفاء بتجويد وتطوير هذه اللائحة في ظل غياب بدائل بضمانات تلزم على الفاعل الحزبي تقديم الشباب ضمن اللوائح المحلية ؟ وهل نتوفر على المناخ الثقافي الملائم بعقليات تتقبل الشباب والتغير وتمنحها أصواتهم بدون إطار قانوني ؟
كل هذه الأسئلة لا يمكن الإجابة عنها دون قياس أعداد الممثلين المنتخبين الشباب والناخبين ومدى تأثيرهم، لذلك؛تقترح الورقة في هذا المحور رصد نتائجها السياسية باعتبارها المفتاح لقياس مدى تأثير النواب الشباب على صنع القرار السياسي. لمعرفة مدى فاعلية المقاعد المحجوزة للشباب في مسلسل وضعهم ضمن قلب التفكير الجماعي واتخاذ القرار، للوصول إلى نتائج تخول النظر في إلغاء اللائحة أو الإبقاء عليها بالاستناد إلى مخرجات علمية واضحة ومحايدة. وسيتم ذلك من خلال رصد مساهمات النواب الشباب في المناقشات البرلمانية ورصد آثار مقترحاتهم على القرارات النهائية المتعلقة بالسياسات، وخاصة تلك التي تؤثر على الشباب.
1 – معطيات إحصائية حول حصيلة اللائحة الوطنية للشباب
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية،عاد الجدل حول اللائحة الوطنية للشباب إلى الواجهة والتي خلقت بمقتضى القانون التنظيمي رقم 27.11، وبموجبه انفرد الشباب بـ 30 مقعدا في مجلس النواب خلال الاستحقاقات السابقة.
من أجل هذا؛ حكومة الشباب الموازية أنجزت دراسة حولا لآثار القانونية والسياسية للائحة الوطنية للشباب بالمغرب، اعتمادا على مقاربة علمية مبنية على معطيات لاستخلاص نتائج من شأنها توضيح السياقات والمساعدة على الفهم ومن تم المساهمة في النقاش بمرجعيات مضبوطة. تبنت في عمليتها هذه استطلاع رأي شمل عينة محددة من النواب ضمن اللائحة الوطنية للشباب.
وقد تضمن هذا الاستطلاع مجموعة من الأسئلة التي تم الإجابة عنها عبر ملأ استمارة تبحث في موقف النواب الشباب من النقاش الحاصل تجاه اللائحة الوطنية وذلك اعتمادا على عدة مؤشرات.
2 – المستوى التعليمي للنواب موضوع الدراسة
المصدر: استطلاع رأي حول اللائحة الوطنية للشباب أنجزته حكومة الشباب الموازية
انطلاقا من هذه المعطيات يتضح أن اللائحة الوطنية للشباب تضم أطر بمستوى تعليمي جامعي، الأمر الذي يكرس لتمثيلية واعية من جهة، من جهة أخرى هذا المعطى قد يساهم بشكل مباشر في تجويد صياغة القوانين وتجنب التعقيد الذي يمكن أن يطالها، ذلك أن الصياغة التشريعية تعد منهجا قانونيا يتم عبره إصدار كافة أنواع التشريعات وتعديلها وإلغائها بما يتناسب مع المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بهدف إشباع حاجيات المواطن وتأطير ممارساته، ومن ثم تتحول إلى قواعد قانونية عامة ومجردة صالحة للتطبيق الفعلي على الأشخاص المعنيين بها؛علما أن جودة صياغة هذه القواعد القانونية تمكن الأفراد من تقنين مطالبهم وضمان حقوقهم من جهة، وفي تنظيم تعاملاتهم من جهة أخرى، لذلك يتوقف نجاحها على دقة الصياغة ومدى ملاءمة أدواتها للتطبيق على أرض الواقع وهذا لن يتحقق إلى بمقترحات قوانين بمستوى علمي ومجتمعي يخول له احتلال هذه المكانة.
3 – حصيلة اللائحة الوطنية للشباب
1.3 الحصيلة المرتبطة بممارسة آليات الرقابة (الأسئلة الشفوية والكتابية).
المصدر: استطلاع رأي حول اللائحة الوطنية للشباب أنجزته حكومة الشباب الموازية
تعرف الرقابة البرلمانية على أنها التحليل والتتبع ومراقبة العمل الحكومي والمؤسسات العمومية، بما في ذلك عملية تطبيق السياسات والتشريعات، وعلى العموم يمكن حصر الأدوات والأساليب المعتمدة في مجال المراقبة البرلمانية وأنواعهامع استحضار الاختلاف الملحوظ في مساطرها وشروط تطبيقها حسب ما هو منصوص عليه في الدساتير والأنظمة الداخلية والقوانين المعتمدة بمختلف برلمانات العالم في: الأسئلة الشفهية والكتابية، ملتمس الرقابة ولجان تقصي الحقائح بالإضافة إلى المهم الاستطلاعية.
وتبرز الأرقام المطروحة مشاركة الشباب واعتمادهم لهذه الآلية، لتتبع الشأن العام عموما والبرامج والسياسات التي تهدف إلى تعزيز مكانة الشباب بصفة خاصة من خلال مسائلة الحكومة عن توجهاتها في هذا الصدد.
ويمكن أن نستشف أن حضور الشباب كما وكيفا في هذه العملية التي توثق لها هذه الحصيلة المستخلصة من الاستطلاع توضح أن الشباب ساهم في السير العام للأشغال والنقاشات المرتبط به، الأمر الذي يجعل تأكيد حضوره الدائم بأساليب مؤطرة إطارا قانونيا يمنحها الصبغة الوجوبية،وبالتالي ضمان الحضور الشبابي للدفاع عن مكتسباته في ظل رهانات اقتصادية وسوسيو-ثقافية تحول دون هذا التواجد.
2.3 حصيلة الإسهام في تأطير النقاش العام
المصدر: استطلاع رأي حول اللائحة الوطنية للشباب أنجزته حكومة الشباب الموازية
مع التغيرات التي فرضتها حالة الطوارئ الصحية خلال هذه السنة لتجاوز التداعيات السلبية لجائحة كورونا ، ولكون أن التأطير السياسي قائم بدرجة أولى على التواصل المباشر ؛ فقد تعاظم دور وسائل التواصل الاجتماعي خلال هذه المرحلة، فلم تعد تقتصر على كونها نافذة للتواصل بين الأفراد، وإنما باتت تشكل أهم أدوات التأثير في صناعة الرأي العام وتشكيله وتنشئة الشباب وتثقيفه سياسياً واجتماعيا، الأمر الذي يتطلب حضور الشباب الحزبي وممارسة مهام التأطير والإسهام في النقاش العام من موقع مبني على مواكبة الأساليب الجديدة وتبني الرقمنة، لذلك تضمن الاستطلاع رصدا لحضور النواب الشباب في تأطير النقاش العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد كشف الاستطلاع عن انخراط الشباب بشكل كبير في توجيه النقاش من داخل مواقع التواصل الاجتماعي وبالتالي بروز إيجابيات تشبيب النخب ذلك أنهم يسايرون المؤثرات الحديثة، في مواكبة دائمة للمستجدات بتقنياتها المعاصرة، وبالتالي خلق دينامية جديدة للعمل السياسي ومشاطرة المواطنين وخاصة الشباب أرضيتهم الحديثة في النقاش .
4 – الموقف المتبنى نحو اللائحة الوطنية للشباب
المصدر: استطلاع رأي حول اللائحة الوطنية للشباب أنجزته حكومة الشباب الموازية.
1.4 مبررات الموقف
أجمع المشاركين في الاستطلاع على أن اللائحة الوطنية في عمقها آلية تحقق هدفا منشودا؛ وهو حضور الشباب في الحياة السياسية ووضعهم في قلب مسلسل اتخاذ القرار، والنظر إليها من زاوية إيجابية مع الأخذ بعين الاعتبار السلوكات السلبية التي أنتجتها، من أجل هذا كان موقف الإبقاء على اللائحة مشروطا بالتجويد والتطوير وكذا التقنين، وقدمت مبررات على ذلك:
• اللائحة الوطنية للشباب ساهمت في تجويد العمل البرلماني وأعطت نفسا جديدا في العمل التشريعي.
• اللائحة الوطنية في شقها المتعلق بالشباب،تعد آلية محورية لتدعيم تواجد الشباب في مواقع المسؤولية و تعزيز مشاركتهم في الحياة السياسية.، كما أن النقاش الدائر حول جدواها. يبرز أن المشكل غير مرتبط بالآلية في حد ذاتها وإنما بطريقة تدبيرها من طرف بعض الأحزاب السياسية لذلك وجب إيجاد صيغ لتمكين الشباب المؤهل سياسيا و تنظيميا من تمثيل هذه الفئة.
• اللائحة الوطنية للشباب خطوة ومكتسب مهم للحضور السياسي للشباب في البرلمان لتشبيب النخب السياسية وضمان تمثيلية تواكب طموحات الشباب في التغيير والتنمية.
5 – آرائهم حول حصيلة مساهمة النواب الشباب في هندسة السياسات العمومية
تضمنت الاستمارة موضوع الدراسة سؤال يحمل الجدوى من وجود الشباب في المراكز التمثيلية وما هي الإضافات التي ساهموا بها في هندسة السياسات العمومية واتخاذ القرار فكانت الإجابات على الشكل التالي:
• تترجم مساهمة الشباب في هندسة السياسات العمومية؛ عبر بروزه بشكل قوي في البرلمان وتقديم إسهامات كبيرة في الحياة التشريعية.
• تظهر هذه الإسهامات في عدد البرلمانيين الشباب الذين يتواجدون في مراكز القرار في أحزابهم السياسية وبالتالي يساهمون في مواكبة نقاشات تستحضر الشباب كأولوية ضمن البرامج المقدمة.
• شكل الشباب قيمة مضافة سواء في التشريع أو مراقبة العمل الحكومي أو تقييم السياسات العموميةوخاصة في اللجان الدائمة التي في بعضها يتجاوز حضور الشباب أحيانا 90 بالمائة (كما وكيفا (.
• جزء كبير من لائحة الشباب مع بعض الاستثناءات قدمت شباب واعد وبشكل بعيد عن المحسوبية الداخلية كان لها تأثير كبير في صناعة السياسات العمومية.
6 – المقترحات والبدائل المقدمة من طرفهم
مع الحديث عن الإلغاء أو الإبقاء المشروط على لائحة الشباب؛ يطرح السؤال نفسه حول البدائل المقترحة في هذا الإطار والتي من شأنها الخروج من هذا النقاش بقيمة مضافة قد تساعد على وضع سيناريوهات تحمل حلول مساعدة على الخروج من النقاش بمخرجات فعالة وإيجابية.
وبطرح سؤال البدائل على النواب المشاركين في استطلاع الرأي ؛ تقدموا بأفكار مضمونها كالتالي:
• الأمر يتعلق بضرورة دمقرطة إفراز المرشحين للائحة الوطنية، وأن لا تكون هدفا في حد ذاتها بل وسيلة فقط، لوضع الشباب على الخطوات الأولى لتقلد المسؤولية.
• تقييدها بشروط تستوجب إعمال الديمقراطية الداخلية وقطع الطريق على استعمالها من اجل حصول المقربين من الشباب للقيادة على مقعد في البرلمان وجعلها مسلكا لتعزيز تواجد الشباب في البرلمان وتقوية حضوره على المستوى الميداني.
• الحفاظ على المكتسب مع التطوير للوائح الجهوية حتى يتسنى للشباب الدفاع عن مطالب الشباب وفقا لخصوصية كل جهة وتجاوز مركزية حضور الشباب في اللوائح الوطنية.
• طرح فكرة فرض على كل حزب التقدم بشباب ضمن اللوائح المرشحة على المستوى المحلي، واتحاتذ إجراءات تهم الحرمان من الدعم العمومي في حالة مخالفة هذا الإجراء.
7 – موقف الشبيبات الحزبية من اللائحة الوطنية للشباب
تلعب التنظيمات الشبابية المغربية دورا محوريا في الإصلاح السياسي، إذ تشكل قوة سياسية اقتراحية ضمن المناخ السياسي، وبالتالي تأخذ على عاتقها مهمة التأطير والتنسيق بين الشباب داخل أرضية للتواصل هدفها الأول الحوار البناء؛ الذي يستوجب أن يتمخض عنه إقبال الشباب على المشاركة في الحياة السياسة.
وبخصوص النقاش الدائر حول إلغاء اللائحة الوطنية أو الاحتفاظ بها فقد اتجهت في هذا الإطار الشبيبات الحزبية إلى الإدلاء برأيها عبر إصدار بلاغ مشترك بين معظم الشبيبات الحزبية، دافعت فيه عن كون اللائحة آلية تساهم في تشجيع مشاركة الشباب في الحياة السياسية وتعزيز تمثيليته في المؤسسات المنتخبة.مرتكزين في طرحهم هذا على مرجعية تتضمن كل من الخطب الملكية التي تكرس لحضور الشباب وكذا مجموع التقارير الوطنية والدولية في هذا الاتجاه.
ويشير أيضا هذا الطرح إلى كون أنه في غياب بدائل موضوعية يعتبر الإلغاء بمثابة فقدان لمكسب وتراكمات في الطريق الدمقراطي، وأمام هذا التوجه ينبغي التفكير في تطويرها وتجويدها بناء على تقييم عادل ينظر إلى اللائحة في عمقها كوسيلة لمساعدة الشباب على كسب رهان التمثيلية أكثر من أنها غاية للوصول إلى أـهداف شخصية.
خاتمة
ذهب المشرع المغربي تأسيسا على مجريات 2011 على المستوى الداخلي والإقليمي، ومستحضرا لمركز ومكانة الشباب ضمن الدولة ككل باعتباره القلب النابض الذي من شأنه تحقيق التغيير بهدف التنمية الدائمة على جميع الأصعدة، وتحقيق إشعاع خارجي ضمن المنتظم الدولي على مستوى المكتسبات الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان بصفة عامة والشباب بصفة خاصة،نحو رسم إطار قانوني بهدف خلق أرضية لانطلاق الشباب بشكل فعلي نحو المشاركة السياسية من داخل المؤسسات الحزبية، كما يمنح المنتخبين الشباب عبرها تمرينا فحواه التدرب على المسؤولية التمثيلية ومواكبة التحديات السوسيو-ثقافية للمجتمع بتصوراته حول المنتخبين الشباب قصد التنافس الانتخابي بعد ذلك في الدوائر التشريعية المحلية بعد إنشاء رابط الثقة والمسؤولية، من خلال لائحة مبنية على التمييز الإيجابي موجهة لفائدة الشباب كما سبق القيام به بالنسبة للنساء.
وباستحضار النسق السياسي الخاص والسياقات الانتخابية المعروفة والتي تحكمها تجاذبات معينة، وأمام حجم الخروقات التي تعرفها عمليات التصويت والفرز وإعلان النتائج وإن بدرجات متفاوتة. فإن هذا يحول دون تمكين الشباب بشكل أو بأسلوب أخر غير التأطير القانوني المحض .
وبالعودة نحو المعطيات التي أفرزها استطلاع الرأي محل الدراسة والخاص بإلغاء اللائحة الوطنية في شقها المتعلق بالشباب أو الإبقاء عليها، وباستحضار السياقات العامة التي وجهت النقاش حول اللائحة خلال هذه الفترة فإنه لا يمكن نفي أن المكتسبات التي راكمتها هذه الأخيرة مهمة في مسار مساهمة الشباب في هندسة السياسات العامة والمشاركة في اتخاذ القرار وكذا تشبيب المشهد الحزبي، كما لا يمكن إغفال أن الانتقادات الموجهة لها في عمقها غير مرتبطة باللائحة بشكل مباشر كآلية لتمكين الشباب أكثر ما هي مرتبطة ببعض مألاتها والاستعمالات الشاذة التي عرفتها، وبالتالي الخروج أو الارتداد عن الغاية التي سخرها المشرع لهذه الآلية.
وفي ظل إشادة المجتمع الدولي بضرورة مشاركة الشباب في الحياة السياسية وتأكيده على أنها ضرورة وجودية للدول التي تريد أن تطور تجربتها و بنائها لديمقراطيتها و تحفظ استقرارها، فالتراجع عن هذه الآلية يضعنا أمام التساؤل حول الجدوى من هذا الإلغاء؟ كما يجعل سؤال البدائل في الفترة المقبلة والتي تعد قصيرة أمام قرب الاستحقاقات القادمة أساس النقاش العام؟ وهل الفاعل السياسي كون رغبة وإرادة كافية تخول له الدفع بالشباب نحو اللوائح المحلية وتغنيه عن اللوائح الوطنية؟ أم أن الأساس في هذه المرحلة في غياب إجابات واضحة أو اقتراحات دقيقة تتلافى الأخطاء السابقة وتحدث قطيعة معها، هو توجيه المجهود نحو تجويد وتطوير اللائحة الوطنية للبحث عن تموقع أفضل للشباب وتكريس حضورهم داخل المؤسسات المنتخبة، وفي المراكز التمثيلية للاستفادة من طاقاتهم بهدف تجويد الأداء الرقابي والتشريعي ، وإيصال الأفكار والسياسات التي تثمن دور الشباب داخل الحياة السياسية بشكل خاص وداخل المجتمع بشكل عام.