تشارك التنسيقبة الجهوية للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بمراكش في فعاليات المعرض، بندوة تحاورية في موضوع: «اللغة العربية والعلوم البحثة: بين جغرافية الانتماء وقتامة النسيان» بمشاركة الأساتذة : المصطفى عيشان وإبراهيم الفكاني وادريس الملغشي والسعيد اخي وعبدالمنعم حربول، بتنسيق وإدارة الشاعرة والكاتبة فاطمة الزهراء اشهيبة، يوم السبت 17 فبراير برواق الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، في الساعة الثالثة ظهرا.
وفي ما يلي أرضية النقاش التي أعدتها إدارة الائتلاف:
«في إطار توجهها العام ضمن الائتلاف الوطني للحفاظ على اللغة العربية، واعتمادا على التصور المركزي الذي تسعى التنسيقية الجهوية بمراكش لسنه والاشتغال عليه بكل إصرار وحزم، تأتي مشاركتنا ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب بعنوان « اللغة العربية والعلوم البحتة: بين جغرافية الانتماء وقتامة النسيان» مساهمة منا في إماطة اللثام عن مساهمات العلماء المسلمين بصفة عامة، والمغاربة المراكشيين على وجه الخصوص، في بناء العلوم الكونية والتجريبية البحتة، تجليةً لأثر العلماء المسلمين في تقدم الحضارات الغربية، وإنصاف لهم ولإنجازاتهم العملاقة التي استطاعوا من خلالها تكييف العلم الكوني مع الشرعي، بل جعلوا الأول أرضية ومنهاجا لفهم الثاني.
إن ما يدعوا للأسف الشديد هو أن يكون هؤلاء العلماء سواء بالمشرق أو المغرب أو الأندلس محط اهتمام واعتراف من اغلب علماء وفلاسفة أوروبا، حتى تمنى بعضهم «لو أن المسلمين استولوا على فرنسا لتغدو باريس مثل قرطبة في اسبانيا المسلمة، فأوروبا مدينة للعرب المسلمين بحضارتها» كما أورد العالم الفرنسي جوستاف لوبون (ت 1931)في كتابه: «حضارة العرب وحضارات الهند»، وفي المقابل يطالهم النسيان والتغييب والسخرية أحيانا من أبناء جلدتهم، بل تتصاعد الدعوات الآن من هنا وهناك لتجاهل هدا الموروث الحضاري بإنجازاته الهائلة وبلغته العربية المتينة التي تضمنتها أمهات كتب ترجمت إلى كل لغات العالم دون جفاء من عربية ولا نكران لها لتكون للعلوم وعاء وللاختراع وجاء.
من يقدر على طمس نظريات الرازي (ت313 ه) وابن الهيثم ( ت 461) وابن سينا الشيخ الرئيس ( 427ه)وابن حيان (ت 194 ه) والخوارزمي(ت232ه) و الاصطخري (ت 345 ه) ؟الم يقل ابن خلدون (ت 808)عن ابن حيان لغزارة ما أنتج وما ألف في الكيمياء هو «إمام المدونين جابر بن حيان حتى إنهم يخصونها به فيسمونها علم جابر وله فيها سبعون رسالة كلها شبيهة بالألغاز» ودونه من استشهاد كثير لا يتسع المجال لذكره؟
ألم يكن ابن رشد(ت 595ه)المغربي قاضي مراكش عميد الفلاسفة ومؤسس النظرية الرشدية المغربية صرحا كونيا في العلوم والفكر والفلسفة؟
الم يكن تهافت التهافت والكليات في الطب وفصل المقال بمثابة العمود الفقري لكافة العلوم الإنسانية قديمها وجديدها في كل أصقاع العالم، لما احتوت عليه من علوم بطليموس وفلسفة أرسطو وأفلاطون بعد ترجمتها؟
ألم يبدع ابن البناء المراكشي (ت 721ه) تاليفا وعلما حين ألف «الاسطرلاب واستعماله»، وكتاب «اليسارة في تقويم الكواكب السيارة»؟
ألم يكن كتابه» تلخيص أعمال الحساب» مرتكز أوروبا في حتى قرون متأخرة؟
أين نحن من علماء من طينة أبي إسحاق الصنهاجي والفلوسي وابن مخلوف الفلكي والقاضي عياض والإمام السهيلي؟
لولا ضيق الحيز لتوسعنا في عرض مساهمات العلماء المغاربة والمراكشيين على وجه الخصوص، بل لرمينا رميتنا تجاوزا، ولو أحصيناهم علما لا حصرا، ومددا لا عددا لتجاوز رجال مراكش: « السبتي، السهيلي، عياض، يوسف الصنهاجي، الغزواني، التباع الجزولي» السبعة بكثير.
وبين حضور علمي عملي وازن لعلمائنا المسلمين، بمؤلفاتهم العربية الخالدة التي تشكلت بعدها فسيفساء العلوم وكانت سببا في نهضة أوروبا والعالم، وبين إقصاء مقصود لكل ما يمت للغة العربية بصلة، تأتي مساهمة التنسيقية الجهوية من أجل اللغة العربية لتضيء بعض العتمة ولتسن سنتها الحميدة، إلى جانب باقي التنسيقيات لاقتراح اللغة العربية كبديل علمي وحضاري وهوياتي بامتياز، علَّ التاريخ يغفر لنا زلات التهميش والنسيان».