احتضن مسرح لالة عائشة بمدينة المضيق/ إقليم تطوان، نهاية الأسبوع الماضي، أشغال المؤتمر الوطني السابع للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، بمشاركة نحو مائتي فنان وفنانة منتدبين عن جموع عامة لـ 18 فرعا إقليميا للنقابة بمختلف جهات المملكة. كما تميز المؤتمر بحضور ممثلين عن نقابات وهيئات تمثيلية لفنانين من مختلف الأصناف التعبيرية من داخل وخارج المغرب. وشهدت الجلسة الافتتاحية حضورا وازنا لضيوف المؤتمر من مهنيي ونجوم المسرح والسينما والدراما التلفزيونية.ويأتي هذا الموعد الذي امتدت أشغاله طيلة أيام 21 و22 و23 دجنبر الجاري، تحت شعار “ربع قرن من الفعل.. ونستمر”، بعد استكمال مسلسل التجديد والملاءمة وإعادة الهيكلة الذي انخرطت فيه النقابة على مدى سنة كاملة على إثر مقررات المؤتمر الوطني الاستثنائي لسنة 2016.هذا واتسمت الجلسة الافتتاحية التي سيرها عضو المكتب الوطني الكاتب المسرحي الحسين الشعبي، بإلقاء كلمة النقيب الدكتور مسعود بوحسين، وكلمة وزير الثقافة والاتصال التي تلاها بالنيابة عنه المدير الإقليمي للثقافة بتطوان أحمد اليعلاوي، كما ألقيت رسائل التحايا التي وردت على المؤتمر من نقابات مماثلة من مختلف أنحاء العالم.وكانت لحظة التكريم من أقوى لحظات الجلسة الافتتاحية، حيث وقف الحاضرون إجلالا وتقديرا للشخصيات المكرمة وهم النقباء الذين تعاقبوا على قيادة هذه المنظمة منذ تأسيسها، ويتعلق الأمر بالفنانين المناضلين: سعد الله عزيز، محمد قاوتي (الذي تعذر عليه الحضور)، والحسن النفالي.. وتلا الدكتور عز الدين بونيت، باسم المكتب الوطني، كلمة تكريمية مؤثرة، ذكر فيها خصال وعطاءات هؤلاء القادة، وما تحقق على أيديهم من مكتسبات..هذا وقال النقيب الدكتور مسعود بوحسين في كلمته الافتتاحية، إن اختيار النقابة شعار “ربع قرن من الفعل.. ونستمر..”، لهذه المحطة، إنما “لكي نركز في أذهاننا نحن الفنانين أن الحاضر لا ينبغي أن ينسلخ من ماض قرر فيه الفنانون المغاربة أن يلجوا خضم العمل النقابي، بكل ما تحمله كلمة نقابي من حمولات واقعية ونضالية وإصرار، قد تبدو لدى البعض غير ملائمة لعمل إبداعي ما إن يذكر حتى تتداعى كل عبارات الحلم والطوباوية..”؛ وأضاف المتحدث أن هذا المؤتمر “ينعقد في وقت تحققت فيه مكاسب لا يستهان بها لصالح الفن والثقافة المغربيتين، ولكن لازال أمامنا الكثير أيضا من العمل. تحقق جزء مما نصبو إليه جميعا من تألق مشرق للفنانين المهنيين المغاربة في المنتديات والمحافل العربية والدولية، وأصبح الفن المغربي يحتل مكانة مهمة كقوة ثقافية صاعدة عربيا وإفريقا ودوليا، وذلك بفعل الإصرار والعمل الدؤوب الذي أطلق شرارته روادُنا من الفنانين الكبار، وحمله بعدهم شبابُنا التواق إلى الاستمرارية والتجديد والتألق، حتى أضحى الفن المغربي مثالا في التنوع والتعدد والاختلاف الخلاق”. واعتبر مسعود بوحسين في كلمته أمام المؤتمرين والضيوف أن “العمل النقابي الفني في المغرب المتنوع والمتعدد ثقافيا ولغويا، يملك كل فرص النمو والفاعلية وتجاوز كل المطبات سواء ارتبطت بصراع الأجيال أو التيارات أو الخيارات الجمالية أو الفوارق المجالية، لأن ثمة قيمةً من أهم شروط فاعلية العمل النقابي الفني وحسانته في نفس الوقت، هي أنه مجال للتلاقي والتعاضد والتكافل دفاعا عن الشروط المادية والاقتصادية لاستمرارية إشعاع الفن وفاعليته في المجتمع. استمرارية وفاعلية تأخذ بعين الاعتبار تنافسيةَ المبدعين وتنوعَهم واختلافهَم لكونهم في نهاية المطاف فنانين يلتقون في حب المهنة وملتزمين بدور اجتماعي كنخبة تساهم بشكل كبير في تأطير المجتمع والتأثير في توجهاته”.من جانبه قال وزير الثقافة في كلمته الموجهة للمؤتمر، والتي تلاها بالنيابة عنه المدير الإقليمي للوزارة بتطوان أحمد اليعلاوي، إن هذا المؤتمر يأتي كتتويج لخمس وعشرين سنة من العمل الجاد والمثمر، تحققت خلاله العديد من المكتسبات والأوراش التي لا زالت محط انشغالنا.. وفق مقاربة تشاركية ترنو إلى تقوية كل مجالات المهن الدرامية، وضمان الحماية الاجتماعية لنساء ورجالات الفن ببلادنا، مع تقوية الإبداع عبر الدعم العمومي الذي خصصناه لهذه الغاية والذي لا زلنا نطمح لتطوير مصادره وآلياته”. هذا وذكر الوزير بأهم الأوراش التي كانت فيها الشراكة بين الوزارة والنقابة مثمرة وفعالة ولعل أهمها، يقول الوزير، إنشاء التعاضدية الوطنية للفنانين سنة 2007، وسن قانون الفنان سنة 2003، ومراجعته وتعديله سنة 2016، وإحداث البطاقة المهنية والدعم المسرحي والدعم السينمائي ودعم الإنتاجات الدرامية المختلفة.. وفي سياق آخر دعا وزير الثقافة والاتصال نقابة مهنيي الفنون الدرامية إلى “مواصلة وتطوير العمل التشاركي الجاد المبني على أسس تحقق الكرامة للمبدع المغربي، وتساهم في تقوية المنتوج الدرامي، لأننا، يؤكد المسؤول الحكومي، نعتبره جزء لا يتجزأ من الخدمات الأساسية التي تستهدف المواطن المغربي لكونه موضوع وهدف التنمية المستدامة التي دشن فلسفتها صاحب الجلالة المكل محمد السادس..”. وفي ختام كلمته عبر الوزير عن متمنياته بالنجاح لأشغال المؤتمر، مؤكدا أنه على يقين من أن نتائجه وخلاصاته “سيكون لها حتما الأثر الإيجابي على مستقبل المهن الدرامية على جميع المستويات، الاجتماعية والإبداعية والاقتصادية”.. مضيفا أن وزارته “ستكون دوما المنصت لهذه الانشغالات والمتفاعل معها بكل إيجابية في إطار المقاربة التشاركية..”.هذا وبعد الكلمات، عرض رئيس الجلسة الافتتاحية مختصرات رسائل التحايا التي توصل بها المؤتمر من عدد من النقابات الشقيقة، وعلى رأسها رسالة رئيسة الفدرالية الدولية للممثلين الممثلة الكندية فيرن ضاوني التي قرأها نائبها ممثل نقابة فناني الأداء بفرنسا السيد دوني فريكوراي، الذي تحدث أيضا باسم نقابته التي يعتبر أحد أعضاء مجلس رئاستها. ومن أهم النقابات والهيئات التمثيلية لفناني العالم التي وجهت رسائل التحية والتهاني لمؤتمر مهنيي الدراما المغاربة، الجمعية الدانماركية للممثلين، اتحاد الفنانين بالسويد، اتحاد نقابات الفنانين ببريطانيا، رابطة فناني الأداء ومبدعي السينما والتلفزيون بأستراليا، نقابة الممثلين بجنوب إفريقيا، اتحاد نقابة فناني السمعي البصري ومبدعي المسرح بالولايات المتحدة الأمريكية، النقابة الفرنسية لفناني الأداء، جمعية المسرحيين بالإمارات العربية المتحدة، نقابة المهن التمثيلية بمصر، نقابة الفنانين الأردنيين.. ومن المغرب توصل المؤتمر برسائل من كل من الفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة، التعاضدية الوطنية للفنانين، جمعية سينوغرافيي المغرب، النقابة الديمقراطية للثقافة المنضوية تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل، والمركز الدولي لدراسات الفرجة..هذا وبعد لحظة التكريم التي تقاسم فيها المؤتمرون والضيوف مشاعر المودة وثقافة الاعتراف وأخلاق العرفان، اختتمت الجلسة الافتتاحية ليلتئم المؤتمرون فيما بعد في جلسات عامة وجلسات موضوعاتية على مدار يومين كاملين.في الجلسة العامة الأولى، تم تنصيب رئاسة المؤتمر، ومسيري ومقرري لجان العمل، ومجالس الشعب المهنية القطاعية، ولجنة البيان العام..وبعد إجماع المؤتمرين على انتخاب الكاتب والناقد المسرحي الحسين الشعبي رئيسا للمؤتمر، وانتخاب كل من الممثلة ورئيسة فرع وجدة كريمة بنميمون والباحث والناقد المسرحي الدكتور عز الدين بونيت، لعضوية الرئاسة، قدم المكتب الوطني المنتهية ولايته التقرير الأدبي والمالي للمناقشة والمصادقة، وتناقشت مجالس الشعب المهنية مشروع الوثيقة التوجيهية التي تعد بمثابة خارطة الطريق للمرحلة القادمة، ومشروع تعديل القانون الأساسي، ومشروع ميثاق الشرف، وبعد نقاش مستفيض في إطار من الشفافية والجدية وصراحة وصدقية المناضلين، وبعد عرض تقارير ونتائج اللجان والشعب خلال الجلسة العامة الثانية، صادق المؤتمرون بالإجماع على التقريرين الأدبي والمالي وكل مشاريع الوثائق المعروضة بعد إغنائها وإثرائها بمزيد من الاقتراحات والمشاريع والملاحظات..وقبل المصادقة على البيان العام وتلاوة رسالة مرفوعة لصاحب الجلالة، جدد المؤتمرون، بالإجماع، ثقتهم في النقيب الدكتور مسعود بوحسين لقيادة النقابة لولاية جديدة، وانتخبوا مكاتب الشعب المهنية القطاعية، وأعضاء المكتب الوطني الجديد، بالاقتراع السري، على الشكل التالي: • المكتب الوطني:
ويتكون من 25 عضوا، وهم، بالإضافة إلى السيد النقيب مسعود بوحسين: كريمة بنميمون، ماجدة زبيطة، خلود البطيوي، نزهة حيكون، رشيدة منار، فاطمة الزيواني، الحسين الشعبي، عز الدين بونيت، أمين ناسور، امحمد الأزهر، محسن زروال، جواد العلمي، عبد الجبار خمران، إدريس السبتي، الحسين الدجيتي، حسن العلوي مراني، هشام بهلول، يوسف العرقوبي، إبراهيم مصدق، سعيد عامل، عبد المجيد فنيش، توفيق شرف الدين، عبد العزيز بوجعادة، جمال العاقل.
• مكاتب الشعب المهنية القطاعية:
< شعبة فناني الأداء: الرئيس هشام بهلول، المقرر علي البوهالي، الأعضاء رشيد بنطالب، محمد لنصاري، نور الدين التوامي.< شعبة مؤلفي ومصممي فنون العرض: الرئيس يوسف العرقوبي، المقرر أحمد طنيش، الأعضاء عماد فجاج، عزيز السالمي، الحسين بوحسين.< شعبة تقنيي وإداريي فنون العرض: الرئيس إبراهيم مصدق، المقرر طارق بنشحموط، العضو عامر المرنيسي.وفوض المؤتمر للمكتب الوطني الجديد، حسب القانون الأساسي، اقتراح أعضاء مجلس الحكماء على الدورة الأولى للمجلس المركزي.هذا وكان رئيس المؤتمر الحسين الشعبي قد صرح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذا المؤتمر يعد محطة مفصلية لتقييم مكتسبات وإنجازات نقابة مهنيي الفنون الدرامية بالمغرب، وكذا الوقوف عند انتصاراتها وانكساراتها، مؤكدا أن انتظارات الفنانين كبيرة. وعدد الشعبي بعضا من إنجازات النقابة منها إحداث ومراجعة القانون المتعلق بالفنان والمهن الفنية، وإحداث البطاقة المهنية، والتقدم الحاصل في مجال حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ودعا إلى سد بعض النقائص على مستوى العلاقات الشغلية والمفاوضات الجماعية، والحدود الدنيا للأجور والعقود النموذجية، ملاحظا أن هناك عملا يجب القيام به كتفعيل القانون الجديد للفنان الذي يظل مجرد حبر على ورق في غياب النصوص المنظمة، وكذا مواصلة إصلاح منظومة حقوق التأليف والملكية الفكرية، ووضع آليات جديدة للحماية الاجتماعية للفنانين.
بيان اليوم
تصوير: محمد سعيد الدردابي