المدخل الأساسي للاستثمار في النجاح

يتحدث الجميع عن المسار المبهر وغير المسبوق للفريق الوطني المغربي لكرة القدم، بمونديال قطر 2022، وما تحقق من نتائج دخلت التاريخ من بابه الواسع، والأهم عن كيفية استثمار هذا النجاح الاستثنائي، والسبل الكفيلة بضمان الاستمرارية، بنفس التوهج والتألق المثير للإعجاب والتقدير.
ويأتي الحرص على طرح الأسئلة الشائكة، انطلاقا من استحضار مجموعة من المعطيات، ذات الأهمية المبالغة، وفي مقدمتها قيمة النتائج المحققة والتي لم يستطع أي منتخب لا عربي، ولا إفريقي ولا المنتخبات التي تصنف بـ “الصغيرة” الوصول إليها من قبل.
وثاني أسباب هذا التركيز على أهمية الاستثمار في عوامل النجاح، يعود لهشاشة الممارسة الكروية على الصعيد الوطني، انطلاقا من قاعدة تعيش إفلاسا ماليا حقيقيا، يعصف بالاستقرار، المفروض أن تعرفه جل مكوناتها.
فالكل يقر بأن كرة القدم الوطنية تسير بسرعتين مختلفتين، هناك إيقاع مرتفع تواصل به الجامعة عملها، وفوق آليات التخطيط السليم وإستراتيجية عمل واضحة، وهناك سرعة آخر بقياس مختلف، تتحرك به الأندية الوطنية، يتسم بالبطء الشديد، وارتباك في المسار إلى درجة أن هناك فرقا، لم تعد قادرة على أداء حتى أجور اللاعبين والمستخدمين التابعين لها.
هذا الإفلاس الحقيقي الذي تعشيه الأغلبية الساحقة من الأندية، يعود لعدة أسباب، منها غياب الموارد المالية الكافية لتلبية متطلبات التسيير، وضعف المردود الاقتصادي للممارسة بصفة عامة، واعتمادها أساسا على المنح والمساعدات.
إلا أن أهم أسباب هذه الأزمة التي تعيشها القواعد، يعود إلى ضعف الحكامة في التسيير والتدبير، وانعدام الكفاءة وعدم الوضوح والشفافية في التعامل، وغياب المراقبة والمحاسبة.
إنه إشكال حقيقي لا يمكن معه انتظار أي تطور، يوازي ما تحقق بالمونديال القطري، فكيف يمكن والحالة هذه، المطالبة في الاستثمار في النجاح؟
فحتى عندما تتوفر الإمكانيات المالية، وتقدم الموارد الأساسية، فإن طريقة التسيير تغلب عليها العشوائية وقلة المعرفة، وأساسا غياب الوضوح والتدقيق السليم، في الأرقام والحسابات والتقارير المالية، وهذا هو بيت القصيد.
فلا يعقل أن ترفع المطالب بضرورة توفير الدعم العمومي أو الخاص للأندية، في ظل واقع غير سليم تماما، وفي ظل تسلط أشخاص بعينهم، حولوا الفرق إلى محميات خاصة، بلا حسيب ولا رقيب.
صحيح أن هناك مسيرين يتصفون بالاستقامة، ونظافة اليد، لكن هذه العينة تعد قليلة وقليلة جدا، لأن الأغلبية الساحقة همها الوحيد، الاستمرار لأطول فترة ممكنة، وتحقيق مصالح شخصية، والاجتهاد بشتى الطرق القانونية وغير القانونية، إلى تحويل الأندية إلى وسيلة للربح السريع، ومطية تمكنهم من الوصول بسرعة، إلى أعلى المراتب والاستفادة من العلاقات الخاصة.
فبدون اتخاذ قرارات جريئة وسن إجراءات وتدابير حازمة والحرص على تخليق الحياة الرياضية، لا يمكن تحقيق تطور، يؤهل كرة القدم والرياضة الوطنية عموما، حتى ولو تم صرف أكبر الميزانيات، وتخصيص أهم الموارد…
وخلاصة القول، فان الورش الأساسي في عملية الإصلاح، ينطلق من فرض الحكامة في التسيير والتدبير، وسن حكامة رياضية عموديا وأفقيا، ثم بعد ذلك إيجاد الموارد الكافية للتمويل وتطبيق المشاريع…

محمد الروحلي

Related posts

Top