المعارضة تنتقد الغياب المتكرر لرئيس الحكومة والوزراء عن الجلسات العمومية وأشغال اللجن البرلمانية

بدا رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية، خلال الندوة الصحافية لفرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب، يوم الخميس 8 فبراير الجاري، غير راض عن حصيلة المجلس خلال نصف الولاية التشريعية الحادية عشرة، لاسيما في الشق المتعلق بتفاعل الحكومة مع مقترحات المعارضة.
ووصف رشيد حموني، حصيلة مقترحات القوانين بـ”الصفرية”، نظرا لـ”تغول الحكومة داخل مجلس النواب، ومصادرتها لحق التشريع الذي يعتبر من بين المهام الرئيسية للبرلمان، ببساطة أصبحنا غرفة نصادق على مشاريع القوانين”، على حد وصفه.
وانتقد حموني، الغياب المتكرر لرئيس الحكومة والوزراء عن الجلسات العمومية وأشغال اللجن البرلمانية، مشيرا إلى أن “رئيس الحكومة لم يحضر إلا مرتين في هذه الدورة التشريعية بينما كان مطالبا بالحضور أربع مرات”.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن الحكومة لم تتفاعل مع أسئلة البرلمانيين بنسبة 45 في المائة، فضلا عن عدم احترام آجال الإجابة عن الأسئلة، معبرا عن عدم رضاه لمضمون الأجوبة التي يقدمها الوزراء أثناء جلسات الأسئلة الشفوية، “خصوصا وأن التعقيبات التي يجب أن تطبعها الارتجالية هي الأخرى تكون مكتوبة بشكل مسبق، وهو ما يسائل جودة هذه الجلسات التي يتابعها الرأي العام الوطني”.
ويشكك رشيد حموني في حصيلة أرقام مجلس النواب المقدمة، في ظل عدم تجاوب الحكومة مع البرلمانيين، متسائلا كيف لرئيس الحكومة أن يجيب عن ستين سؤالا في 12 جلسة بينما هناك سؤال محوي في الجلسة؟
ودعا حموني إلى إعادة النظر في طبيعة اشتغال اللجن البرلمانية التي تناقش عدة مواضيع في اجتماع واحد، وهو ما يضعف جودة عملها وفعالية خلاصاتها في كل ملف، علما أنه “يتم أحيانا تقديم التقارير من قبل الوزراء ويغادروا فور انتهائهم العرض بدون الحضور للمناقشة، فما الهدف من البرلمان في ظل عدم التزام الحكومة بالحضور؟ يبدو أننا تحولنا إلى مركز للتفكير وليس كمجلس للمراقبة والتشريع”.
وشدد رشيد حموني، على أن المعارضة معبئة لتكون هناك مدونة سلوك وأخلاقيات ضمن النظام الداخلي ملزمة وقوية، مؤكدا أن التخليق معركة شاملة وتحدي كبير، يجب أن تربحه بلادنا في المشهد البرلماني والمشهد السياسي الحزبي.
وأوضح حموني أن التخليق يجب أن يهم جميع التمثيليات كما جاء في الرسالة الملكية، أي الجماعات المحلية ومجالس الجهات والبرلمان والحكومة، مشيرا إلى أن الفساد ليس مصدره البرلمان، وإنما يلج به بعض الأشخاص من الخارج نحو الداخل، ومن ثم يجب وضع قوانين تمنع مثل هكذا أشخاص من ولوج العمل السياسي منذ البداية.
من جانبه، اعتبر عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي، الوضع داخل مجلس النواب خلال نصف الولاية التشريعية الحالية بـ”المعطل”، نتيجة غياب رئيس الحكومة عن ثماني جلسات من أصل عشرين جلسة، “مفوتا علينا مناقشة عدة مواضيع كانت لها أهميتها وقوتها في الساحة الوطنية، من قبيل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والمحروقات، ومشكل المجلس الوطني للصحافة، والتعليم.. وهذا يعني تعطيل السياسة بالبلاد، وتعليق الرقابة البرلمانية”.
وأوضح عبد الرحيم شهيد، خلال الندوة الصحافية، أن الحكومة لم تتفاعل وتتجاوب إلا مع ثلاثة مقترحات جزئية، معتبرا ذلك تهديدا للأمن التشريعي بالبلاد، “وكأن البرلمان تحول إلى ملحقة تابعة للحكومة ليس إلا”.
وفيما يخص النقاش الدائر حاليا حول مدونة السلوك والأخلاقيات، يرفض شهيد أن يتم التعامل مع الموضوع من باب الشعبوية، مؤكدا أن القوانين لا تبنى تحت الضغط، ودافع عن صورة البرلماني الذي لا يمكن تحميله كل الإشكاليات.
ودعا رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب إلى انخراط جميع القوى في تخليق العمل السياسي داخل جميع التمثيليات المنتخبة وليس البرلمان فحسب، موضحا أن الرسالة الملكية دعت إلى مدونة أخلاقيات جديدة، لكنها نوهت أيضا بأداء البرلمانيين أيضا.
من جانبه، احتج إدريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي، عن عدم وجود أجوبة لأسئلة وجهها نواب الفريق للحكومة، موضحا أنه تم توجيه ألفين و109 سؤالا، لم يقدم الوزراء جوابا عن حوالي 234 سؤالا، رغم وجود 20 يوما كأجل قانوني يجب على الحكومة أن تحترمه.
وأفاد إدريس السنتيسي أن الفريق تقدم بـ 61 مقترح قانون، بيد أن الحكومة لم تتفاعل مع أي مقترح تم وضعه، رغم أن الدستور ينص في فصله 82 على أن البرلمان يخصص يوما واحدا على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين، ومن بينها تلك المقدمة من قبل المعارضة، مشتكيا، أيضا، من غياب الوزراء عن اللجن البرلمانية، “وهو ما يعد خللا كبيرا في منظومة الرقابة البرلمانية”، يقول المتحدث.
وأكد السنتيسي على ضرورة تخليق الحياة البرلمانية، وهو ما ينكب المجلس عليه بمختلف مكوناته، غير أنه لا يتفق مع التضخم الذي أخذه الموضوع، رغم أن جلالة الملك محمد السادس أثنى على الدور الذي يقوم به أعضاء البرلمان، موضحا أن جميع البرلمانات تعاني من مشاكل كما يحدث في فرنسا وغيرها، “والوضع متحكم فيه نسبيا بالمغرب على أمل تنقية الأجواء عبر قوانين تهم جميع التمثيليات”.
وفي سياق متصل، يرى عبدالله بوانو رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن موضوع مدونة السلوك والأخلاقيات بالبرلمان أمر محسوم فيه من قبل جميع مكونات المجلس، وهناك مشاورات بشأن تفاصيله حتى تكون مدونة جد متقدمة وملزمة في الآن نفسه.
وتم وفق عبد الله بوانو، الإجماع على صيغة جديدة وهي الرابعة، باعتبارها تعتمد على التقارير المؤسساتية للمفتشية العامة للإدارة الترابية لوزارة الداخلية، أو المفتشية العامة للمالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، أو المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، لمعرفة الجنح العمدية، طالما أن الجنايات محسوم في أمرها.
ويرى بوانو أن هذا الموضوع يجب معالجته كذلك، في قوانين أخرى، كالقانون التنظيمي لمجلس النواب، والقانون التنظيمي للأحزاب السياسية، والقوانين التنظيمية والعادية لمدونة الانتخابات، مثيرا الإشكالية السائدة اليوم بخصوص تعويض مقعد البرلمانيين المودعين في السجن، حيث هناك الدوائر التي تعاد فيها الانتخابات بيد أن دوائر أخرى يتم اللجوء فيها إلى الشخص الثاني في اللائحة، وهو ما يعتبر مسا بالأخلاقيات، وعلى المحكمة الدستورية أن تقدم رأيها بشأنه.
جدير بالذكر، أن مجموعة من النواب البرلمانيين يتابعون، حاليا، أمام القضاء، للاشتباه في تورطهم في ارتكاب أفعال ذات صبغة جنائية، سواء تعلق الأمر بالإتجار بالمخدرات أو تبديد أموال عمومية، أو التزوير والارتشاء، أو أفعال أخرى يعاقب عليها القانون.

Top