المعاناة تفاقمت والمشكلات متزامنة

يعتبر هذا الصيف استثنائيا لشعبنا، وطبعا لشعوب أخرى كذلك، وهو الأمر الذي لا يتصل بحرارة استثنائية أو غير مسبوقة، ولكن لكونه يحل ضمن تلاقي العديد من الضغوط على الأسر المغربية، وهي التي تهوي على رؤوس المغاربة وجيوبهم مجتمعة ومرة واحدة.
تستمر معاناة شعبنا وبلادنا جراء الجفاف وما نجم عنه، منذ بداية السنة، من ارتفاع أسعار الكثير من المواد الأساسية، ثم تتواصل تداعيات ما بعد الجائحة، والتي أضيفت إليها تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، وهذه الأخيرة نتج عنها غلاء مضاعف في الأسعار، شمل المحروقات والحبوب ومواد أساسية أخرى، وخصوصا بعد توقف صادرات الحبوب من أوكرانيا وروسيا، وأيضا مضاربات سوق المحروقات.
وهذه الأوضاع الدولية والإقليمية المتقلبة والمشتعلة وما نجم عنها من مشكلات وأزمات اقتصادية وتموينية، أرخت كذلك بآثارها على كلفة خدمات أخرى، ما فرض زيادات جديدة مست جيوب الفئات الفقيرة والمتوسطة من شعبنا.
كل هذه المعاناة الناجمة عن موجات الغلاء المتتالية تضاف هذه الأيام إلى هاجس أضحية العيد، والتي تمثل كابوسا آخر لدى العديد من الأسر، ذلك أن المناسبة صارت ضرورة اجتماعية أكثر من شعيرة دينية.
وتنقل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وكل مجالس الحديث العديد من القصص والأخبار عن الأثمنة الخيالية للأضاحي، ويتوقع الكثيرون ارتفاعها كذلك في المقبل من الأيام.
ويحل عيد الأضحى هذه السنة في شهر بوليوز، حيث جرى تمديد الدراسة، ما يعني، بالنسبة للمدارس الخصوصية، استخلاص رسوم شهر جديد، وبالتالي كلفة مالية أخرى.
ويعني الأمر أيضا أن شهر غشت سيبقى وحده هذا العام شهر عطلة، والأسر التي اعتادت السفر أو هي مضطرة لذلك، لأسباب مختلفة، ستجد نفسها أمام مصاريف أخرى، أي رسوم  تمدرس الأبناء خلال شهر يوليوز، وسعر أضحية العيد في الشهر نفسه، وباقي متطلبات الحياة التي فاقمتها الزيادات في أثمنة كل المواد الضرورية، ثم بعد ذلك كلفة السفر في شهر غشت، والإعداد لمصاريف الدخول المدرسي في الشهر الموالي، أي شتنبر.
النظر لكل هذه المتطلبات، وخصوصا لتزامنها، وأيضا للسياق المتسم بالغلاء وارتفاع الأسعار بشكل عام، يجعلنا ندرك أننا فعلا أمام معاناة اجتماعية حقيقية تمس أوساط متعددة من شعبنا.
عيد الأضحى أو فصل الصيف لهذه السنة يستحقان نعتهما بـ: «أضحى الغلاء» أو»صيف الغلاء»، والجميع يتحدث عن كون فئات عديدة من شعبنا مفجوعة من هذه المصائب الاجتماعية التي تنزل عليها متزامنة، ولا تترك لها أي فرصة لاستعادة النفس.
وحدها حكومتنا الكفأة جدا لا تسمع كل هذا الأنين، ولا تدرك هذه المعاناة، ولا تريد أن تتحرك…
يحس الناس أن الحكومة رمت الكرة على الشعب، وتركته وحده يواجه كل هذه المحن، وتعتقد أنه سيحل مشكلاته بصبره على تحملها، ولا يهمها كيف سيكون حال الناس أو أوضاع البلد بعد ذلك.
إن كفاءة أي حكومة تبرز في زمن الشدائد والمحن، ومن خلال ما قد تبدعه من حلول أو مخارج للتخفيف من حدة معاناة الناس، لكن عندنا نحن، تفضل حكومتنا الصمت الكامل، وأيضا عدم الإنصات، وألا تتدخل لحل أي مشكلة.
هل لدى حكومتنا إجراءات عملية ملموسة للتخفيف مثلا من الغلاء المتفاقم في سعر المحروقات؟ وفي أسعار ما يتصل بذلك من خدمات ومواد؟
هل لدى حكومتنا قرارات ترتبط بأسعار أضحية العيد؟
هل لدى حكومتنا حلول لمشاكل الأسر مع مدارس التعليم الخصوصي؟
هل لدى حكومتنا رؤية للسياحة الداخلية ولأثمنة النقل العمومي وتكاليف الأسفار في الجهات، وسوى ذلك بما يحفز الناس على الاستمتاع ولو ببضع أيام عطلة داخل وطنهم؟
وهل تنوي حكومتنا، قبل هذا وبعده، الكلام مع الشعب حول هذه الانشغالات التي تؤرقه الآن؟

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top