أيام قليلة تفصلنا عن موعد بداية الموسم الدراسي الجديد 2020/2021 ..بين العودة المأمولة إلى المدارس والهاجس المشوب بالحذر واليقظة، ترتسم معالم مفعمة بالرغبة تارة، والخوف تارة أخرى من المستقبل. تلك الأحاسيس التي من المؤكد أنها تجيش في صدر ولي أمر كل تلميذة وتلميذ. وتلك هي المشاعر التي تعتمل في نفس كل مدرس وكل تربوي في الساحة التعليمية والتربوية.
إن معالم الطريق ما تزال غير واضحة في خضم ارتفاع حالات المصابين بوباء كورونا المستجد ببلادنا مؤخرا. هذا الوضع يطرح تساؤلات عديدة وسيناريوهات متعددة تتأرجح بين مؤيد ومتحفظ، يعتريها التذمر تارة والخوف تارة أخرى.
لقد أكد عديد من التربويين وأولياء الأمور أن نظام التعليم عن بعد والذي تم تنزيله منذ مارس كان جيدا إلى حد ما مع بعض الملاحظات عليه. لكن من الطبيعي أنه لا يرقى إلى مستوى التعليم الحضوري.
وفي المقابل، تبرز بين الفينة والأخرى الكثير من الأصوات والآراء لتعبر عن هواجسها ومخاوفها من العودة إلى المدرسة، باعتبار أن المجتمع المدرسي إنما هو وعاء لانتقال وباء كورونا في صفوف التلاميذ والمدرسين والأطر التربوية والإدارية على حد سواء.
لا أحد ينكر بأن الجائحة تركت آثارها وتداعياتها وبصماتها على كافة نواحي الحياة الصحية والتعليمية والاقتصادية والسلوكية والنفسية. ولكن ما يهمنا هنا هو التعليم وأبناؤنا وانعكاس آثار جائحة كورونا على مجتمعنا حيث واصل تلامذتنا تعليمهم عن بعد من خلال جهود نساء ورجال التعليم وكذا المديريات الإقليمية والأكاديميات.
إننا الآن، ومع ارتفاع حالات المصابين بوباء كورونا المستجد، مضطرون إلى تطبيق التعليم الهجين الذي يجمع بين الحضوري وعن بعد. وهذا مطلب لابد منه لمواكبة التغيير المصاحب للأزمة الحالية ولضمان استمرار النشاط البيداغوجي ومسيرة التعلم دون توقف.
هل سيواصل الأبناء بداية الموسم الدراسي الجديد نهج التعلم عن بعد إذا ما استمرت الجائحة أم سيتعايشون مع الوباء والعودة إلى الفصول الدراسية..أسئلة كثيرة مشروعة تطرح في الميدان التربوي والمجتمعي عن طبيعة التدابير والتوجيهات الواجب أخذها في الاعتبار. الكل ينتظر ويترقب سيناريوهات الوزارة الموسم الدراسي الجديد.
في نظري إذا ما استمرت الجائحة وتزايدت أعداد المصابين بالوباء، ينبغي تطبيق التعليم الهجين الذي يجمع بين الحضوري وعن بعد مع تطبيق كافة الشروط الصحية اللازمة وزيادة الوعي الصحي والتعقيم المستمر أثناء اليوم الدراسي. هذا النظام يعتمد على تحديد مجموعات للتلاميذ وأيام مخصصة للتناوب بنظام الدفعات. مجموعة تدرس في المدرسة ومجموعة من المنزل بنظام الدراسة عن بعد.
إن سلامة تلامذتنا تعتبر من الأولويات التي تحرص عليها الأسرة في ظل انتشار وباء كورونا..ومهما يكن، فرجوع تلامذتنا إلى الفصول الدراسية أفضل بكثير من البقاء في المنزل. لأن المدرسين يصرخون ويفسرون الدروس بنوع من التركيز عكس الحصص الدراسية الافتراضية التي يتلقاها التلاميذ غالبا ما يتدخل فيها أولياء الأمور ولا يبذل التلاميذ الجهد الكافي. ويضيع وقتهم أمام الجهاز الإلكتروني لأكثر من خمس ساعات في اليوم دونما تركيز أو فهم أو استيعاب.
إن التعلم عن بعد أو التعليم الهجين المدمج من الممكن أن يمثل مخرجا في حال استمرار جائحة كورونا وتهديدها لسلامة التلاميذ.
نتمنى صادقين أن نستقبل موسما دراسيا جديدا ومناسبا لتلامذتنا ولأسرة التعليم حتى يتسنى للجميع الاستمرار في العملية التعليمية.
علينا أن نتعايش مع الواقع الحالي مادام العالم لم يتوصل بعد إلى اعتماد اللقاح المناسب.لمواجهة هذا الوباء اللعين والعابر للقارات بدون تأشيرة.
خليل البخاري باحث تربوي