استعرضت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، يوم الأربعاء الماضي بالرباط، مضامين مشروع الاتفاقية الجماعية الجديدة، الذي أعدته النقابة من أجل النهوض بالأوضاع الاجتماعية للصحافيات والصحفيين المهنيين.
وأجمع المتدخلون في الندوة التي نظمها فرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، حول “الاتفاقية الجماعية للصحفيين المهنيين بين الحاجة والواقع”، أن الأوضاع التي أضحى يعيشها الصحفيون المهنيون بالمغرب، صعبة على العديد من المستويات، سواء من حيث الحقوق واحترام القانون، أو من حيث الأوضاع الاجتماعية وتدني الأجور.
وأوضح المتدخلون في الندوة أن الاتفاقية الجماعية التي تم توقيعها في 2005 بين مختلف الشركاء، لم تعد صالحة في ظل التطورات المجتمعية الحالية، خصوصا وأنه كان قد جرى الاتفاق على إعادة مناقشة بنودها بعد خمس سنوات من توقيعها، وهو ما لم يحصل بعد مرور 17 سنة.
وسجل المتدخلون من أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة أن الوقت حان لوضع ميثاق جديد، واتفاقية جماعية جديدة تصون حقوق الصحافيين المهنيين وتحفظ كرامتهم، وتنهض بأوضاعهم الاجتماعية التي ظلت جامدة لما يقارب عقدين من الزمن.
في هذا السياق، قال عبد الله البقالي رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية إن الأوضاع العامة للصحافيات والصحفيين المغاربة تعرف مجموعة من الصعوبات، التي زادت حدتها بشكل أكبر مع التداعيات السلبية لجائحة كورونا.
وتابع البقالي أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية على وعي ببعض التجاوزات التي تطبع الوضعية المهنية للصحافي المغربي، مشيرا إلى أن مجموعة من المؤسسات الصحفية لم تعد تحترم حتى الاتفاقية الجماعية المعمول بها حاليا.
ولفت نقيب الصحفيين المغاربة إلى أن هناك مؤسسات صحافية تتعامل بأسلوب أداء لا يحترم الاتفاقية الجماعية الحالية، التي تنص على أجر أدنى في حدود 5800 درهما، مسجلا أن هذه المؤسسات تؤدي أجورا تصل أحيانا إلى أقل من 2000 درهم.
كما سجل البقالي قيام مؤسسات معينة باسترداد جزء من رواتب صحفييها، في إطار التحايل على وضعيتها القانونية، كما سجل أن بعض الصحفيين يتلقون أجورهم في أظرفة وبطريقة غير لائقة.
وشدد البقالي على أن “النقابة الوطنية للصحافة المغربية تعمل في الوقت الحالي على توفير كل المعطيات التي تمس بحقوق ومكتسبات عدد من الصحافيين من أجل دراستها وإيجاد حلول لها بما يحترم الاتفاقية الجماعية والقوانين المنظمة للمهنة.
من جهته، استعرض محمد حجيوي عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وأمين مالها، الخطوط العريضة لمشروع الاتفاقية الجديد، في ما يخص الشق الاجتماعي.
وبعدما قدم حجيوي قراءة في الأوضاع الاجتماعية التي يعيشها كثير من الصحفيين، سجل أن بعض من المؤسسات لم تعد تلتزم بالاتفاقية الجماعية الحالية، وتعتبرها لاغية لعدم تجديد مناقشتها، حيث أكد، في هذا الإطار، أن أي اتفاقية جماعية، كيفما كانت تظل قائمة بذاتها ما لم يتم تجديها.
وأوضح أن هذه الاتفاقية الجماعية تظل سارية المفعول ما لم يعلن أحد الأطراف عن إلغاءها، وأن هدف المشرع من تحديد نطاق زمني لمراجعة الاتفاقية الجماعية هو مواكبة التطورات الاقتصادية والمجتمعية، والرغبة في استمرار تحسين أوضاع العاملين بشكل يتماشى مع التطورات المذكورة.
وزاد حجيوي “ولكن هذا لا يعني أن عدم تجديد الاتفاقية الجماعية يعفي المقاولات والمؤسسات الصحفية من التزاماتها الاجتماعية المضمنة في هذه الاتفاقية”، وفق تعبيره، مشيرا إلى أن تجديد أي اتفاقية شغلية، يتم بشكل أوتوماتيكي.
ونبه المتحدث إلى أن استمرار التجاوزات في حق الصحفيين يضر بوضعيتهم الاجتماعية والاعتبارية، كما يضر بالقطاع وسمعته.
إلى ذلك، قال حجيوي إن النقاش سيتم توسيعه بشكل أكبر مع مختلف الفاعلين في القطاع، حيث جرى في مرحلة أولى عرض المشروع على وزارة الشباب والثقافة والتواصل التي رحبت به، فيما سيتم ابتداء من الأسبوع المقبل عرض المشروع على باقي الشركاء وهم فيدرالية وجمعية الناشرين.
من جهته، قدم عزيز الجهابلي عضو المكتب التنفيذي للنقابة قراءة في هرم الأجور للصحفيين المغاربة، حيث سجل أن أزيد من 51 بالمئة من الصحافيين المغاربة تتراوح أجورهم بين 3000 و6000 درهم، فيما تتقاضى نسبة قليلة أجر 2000 درهم، ونسبة أكبر بقليل راتب فوق 6000 درهم.
وأضاف الجهابلي، في ذات اللقاء الذي سيرته مليكة أومهاني رئيسة فرع النقابة بالرباط، أن أجور الصحافيين لم تعد تحترم الاتفاقية القديمة التي تتراوح بين 5800 و6000 درهم، فضلا عن تردي الوضع الحقوقي، وتنامي حالات الطرد والتضييق في العمل.
وفي دراسة مقارنة، كشف الجهابلي أن أجور الصحافيين المغاربة تبقى الأقل بالمقارنة مع عدد من التجارب الدولية، خصوصا منها التجربة الفرنسية والتجربة التونسية التي تعد من التجارب الأقرب إلى المغرب.
كما سجل تراجع العدد الإجمالي للصحافيات والصحفيين المهنيين المغاربة الذي لا يتجاوز 3200 صحفي مهني بالقنوات التلفزية والإذاعات والمواقع الالكترونية والصحف المكتوبة ووكالة المغرب العربي للأنباء، وذلك في الوقت الذي تتوفر فيها فرنسا، كمثال، على ما يزيد عن 30 ألف صحفي.
ويرى الجهابلي أن هناك حاجة ماسة لتفعيل النقاش بجدية من قبل جميع الشركاء إزاء هذه الاتفاقية الجديدة وتفعيل مضامينها للنهوض بأوضاع الصحافيات والصحفيين والرقي بهذا القطاع المهم والحيوي.
يشار إلى أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية تعتزم تنظيم مجموعة من اللقاءات التواصلية المماثلة بفروعها بعدد من المدن، وذلك للتواصل وفتح باب المشاورات حول مشروع الاتفاقية الجماعية الجديد، الذي شددت على أنه يحتاج إلى مشاركة الصحفيين في التعبئة والمرافعة عليه.
محمد توفيق أمزيان