بالرغم من التقدم العلمي، لا يزال السرطان أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، وقد يصيب أي شخص بغض النظر عن مستواه الاجتماعي، وبالتالي فإن التزام جميع الأفراد بالعمل اليومي يعتبر عاملا مهما للحد من هذه الآفة على المدى المتوسط والطويل.
ويهدف اليوم العالمي لمكافحة السرطان، وهو محطة سنوية أطلقها الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، إلى تشجيع الأفراد والمجتمع الصحي والحكومات على العمل والالتزام الشخصي المتواصل بحيث لا يقف عند هذا اليوم الذي يوافق 4 فبراير من كل عام. إن الفكرة المؤسسة لشعار اليوم العالمي لهذا العام: “أنا وسأفعل” تعد “قوية للغاية”، يقول منير بشوشي طبيب متخصص في علاج الأورام، “إذ يتعلق الأمر بحملة مدتها ثلاث سنوات تدعو الجميع إلى التحرك بأي شكل من الأشكال من أجل تطوير نظام التكفل بمرضى السرطان”.
وأوضح الأخصائي في الأورام، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الهدف من ذلك هو تحسيس الجميع بأن السرطان هو شأن الجميع، وأي شخص يمكنه المساهمة سواء بالوقت أو الابتسامة أو الحضور، أو الدعم المالي من أجل الأبحاث، فضلا عن الزيارة ومواكبة مرضى السرطان و المشاركة في حملات التوعية والوقاية والاكتشاف المبكر للمرض.
ولفت الأخصائي إلى أن العديد من أنواع السرطان يمكن الوقاية منها لارتباطها بالتعرض لمنتجات ضارة مثل التبغ والكحول والتلوث الفيروسي كما هو الحال بالنسبة ل “فيروس الورم الحليمي البشري” المرتبط بسرطان عنق الرحم، مشيرا إلى أن أستراليا،على سبيل المثال، قضت تقريبا على سرطان عنق الرحم عبر تطعيم الفتيات والفتيان عند سن البلوغ.
وأكد الدكتور بشوشي، أن الوقت قد حان لمواجهة هذه المشاكل سواء تعلق الأمر بتوفير العلاج والولوج إليه أو سداد التكاليف التي يتكبدها المرضى للحد من الصعوبات المختلفة التي يواجهها المرضى وكذا الأطباء المعالجين.
“ليس من الطبيعي أن يموت المرضى تحت سمائنا بسبب عدم توفير العلاج أو الرعاية. وليس من الطبيعي أيضا إثارة المسألة المادية مع مريض مصاب بالسرطان”، يقول الأخصائي، مشيرا إلى أن “الناس لا يدركون دائما هشاشة وضعهم”. و شدد الدكتور بشوشي على ضرورة اتخاذ تدابير تحفيزية وتحميل كل شخص نصيبه من المسؤولية في هذا الباب دون السقوط في التهويل أو الذهان النفسي فيما يتعلق بمرض السرطان، مبرزا أهمية تطوير الفحص والتشخيص المبكر، على اعتبار أن العلاج المبكر للمرض يزيد من فرص الحياة.
إنها حالة شادية، التي أفلتت من مخالب السرطان، والتي قالت في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء “تشكلت عقدة صغيرة في صدري ولاحظت فقدان الشهية لدي، وصعوبة في النوم، وشعور بالتعب في غالب الأحيان، فقررت التوجه إلى طبيب أخصائي في أمراض النساء، وبعد بضعة أيام أجريت عملية استئصال للثدي الأيسر”.
تقول شادية “تقبلت إصابتي بالسرطان، الذي يتردد عادة في ذكر اسمه، والذي يوصف بالطويل والمؤلم والغامض. لقد قررت مواجهته دون أن أخبر عائلتي بذلك في البداية حتى لا أسبب لهم القلق، لكنهم للأسف أو لحسن الحظ، عرفوا ذلك”.
وأضافت “لقد مكنتني نظرة الآخرين وأفراد العائلة والأصدقاء من رفع معنوياتي ودعمي لمواجهة المرض حتى النهاية”، إلا أنها أبدت غضبها من سهام نظرات الشفقة الناتجة عن تصور البعض أن مرضي يؤشر “لقرب موتي” و”أن أيامي باتت معدودة”.
وتابعت “أن المرض في عام 2005 كان من الطابوهات، حتى أن بعض الأشخاص الذين جاءوا لزيارتي في المنزل أو في المستشفى كان بعضهم يتفادى ذكر اسمه والاكتفاء بنعته بـ “المرض الخايب”.
“كان العلاج باهظا خصوصا في غياب التكفل به، وقد خضعت لـ 6 جلسات للعلاج الكيميائي، و25 جلسة للعلاج الإشعاعي، كان ذلك جحيما بعينه! خاصة عندما لا تتوفر الأدوية، إنه حقا وضع محبط للمريض”، تتذكر شادية بحزن، مضيفة أن المرض “مؤلم” جسديا ومعنويا”.
“عشت محنة قاسية وتجاوزتها مثل كل المحن الأخرى في الحياة. وأعتقد أن قصتي قد يكون لها صدى إيجابي لدى الأشخاص الذين يكافحون هذا المرض أو المطوقون في عزلة كبيرة وهم يواجهون هذا الوحش. فإذا نجحت في هذه المعركة فباستطاعة غيري فعل ذلك أيضا”، تقول الناجية من السرطان.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإنه إذا وضع 48.3 مليون من الناجين من السرطان أيديهم في أيدي البعض، وشكلوا سلسلة بشرية، فيمكنهم تشكيل دائرة حول الأرض، وربما أكثر من ذلك بقليل. لكن من خلال العمل اليومي في هذا المجال، يمكن أن تتطور الأمور لتحقيق عالم خال من السرطان.
> زينب بوعزاوي (ومع)