أسقط الفيتو الروسي مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، يربط بين قضية التغير المناخي والأمن العالمي.
ويطالب المشروع الذي قدمته النيجر وأيرلندا، وتدعمه الولايات المتحدة، بدمج “المخاطر المتعلقة بالمناخ في الاستراتيجيات الشاملة لمنع نشوب النزاعات، ومعالجة المعلومات المتعلقة بالآثار الأمنية لتغير المناخ” من قبل مجلس الأمن.
ويعزو معارضو القرار موقفهم إلى أنه يهدف إلى وضع أي بلد على جدول أعمال مجلس الأمن تحت ذريعة المناخ. ولدى الأمم المتحدة بالفعل هيئات مكرسة للتصدي لتغير المناخ، ولا تدخل في جدول أعمال مجلس الأمن، إذ يمكن أن تصبح القضية مسيسة.
وبينما يتزايد الاعتراف بالتغير المناخي والتهديد الوجودي الذي يمثله، وتتصاعد كذلك المبادرات والبرامج، إلا أن بعض الآراء تعتبر أن بعض القوى الغربية بدأت تأخذ القضية في اتجاه مختلف.
بين السطور
تتصاعد التحذيرات من تحول قضايا التغير المناخي إلى شكل جديد من الاستعمار وذريعة للتدخل في شؤون الدول، تأسيسا على محاولات بعض القوى ربط التغير المناخي بتهديد النظام العالمي، وبالتالي اتخاذه حجة لتجاوز سيادة الدول والتدخل في شؤونها.
ورغم أن الغالبية لا تختلف على التهديد الذي تشكله قضايا المناخ، فإن الأمر بدأ يتحول، بحسب دراسة أعدها مركز المناخ والأمن البحثي، من قضية بيئية بحتة إلى القضية الأمنية الأبرز على مستوى العالم.
ووفقا لستيوارت باتريك من مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، فإن ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي الناتج منها، أصبحت حجة تتناقض مع سيادة الدول. وبالتالي، لم يعد ممكنا الدفاع عن مبدأ السيادة الوطنية.
كمقدّمة لذلك، يتصاعد الجدل حول حدود الولاية القضائية للدول، وأن الغلاف الجوي للدولة لا يدخل ضمن هذه الحدود، ما يمكن أن يشكل حجة لبعض القوى للتدخل في دول أخرى، تأسيسا على “التدخل المناخي”.
إضافة إلى ذلك، تطرح قضية التغير المناخي قضايا فرعية أخرى، قد يشكل التعاطي معها ذريعة للقوى الغربية، إذ يأتي 90% من اللاجئين الخاضعين لولاية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من بلدان على الخطوط الأمامية لحالة الطوارئ المناخية.
وثمة جانب آخر لتغير المناخ يتعلق بما يمكن تسميته “الاستعمار المناخي”، إذ أعلنت المفوضية الأوروبية عن خطة أوروبا الخضراء التي تهدف إلى أن تصبح أوروبا أول قارة محايدة مناخيا بحلول العام 2050. تهدف الخطة إلى تصفير الانبعاثات الغازية في أوروبا، لكن خارج الاتحاد الأوروبي، تتزايد المخاوف بشأن دور هذه الخطة في نقل الأضرار البيئية.
على سبيل المثال، تستورد أوروبا ملايين الأطنان من المحاصيل واللحوم. ونتيجة لذلك، تقوم العديد من البلدان بإزالة الغابات لإفساح المجال للأراضي التي تغذي الطلب الأوروبي. بين العامين 1990 و2014، تمت إزالة نحو 11 مليون هكتار من هذه الأراضي على مستوى العالم، بينما شهدت غابات أوروبا في الفترة ذاتها زيادة بمساحة 13 مليون هكتار، وهو ما بات يشار إليه بالاستعمار الأخضر.
ما هو المقبل؟
وفقا للمحلل الألماني أندرياس كلوته، فإن آثار ظاهرة التغير المناخي التي يواجهها العالم لن تقتصر على الجوانب الطبيعية، وإنما “ستمتد إلى تغيير نمط العلاقات الدولية، وستؤدي إلى نزاعات جديدة، وبالتالي إلى حروب ومعاناة”.
تكمن مقاربة دول العالم الغني للتغير المناخي في تحميل كلفته للدول النامية. يقول الرئيس الأوغندي، يويري موسيفيني، إن “الانتقال السريع إلى الطاقة المتجددة الذي تدفعه البلدان المتقدمة، يهدف إلى إحباط محاولات أفريقيا للخروج من الفقر”.