في مطلع الأسبوع، كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والمرشح للرئاسة، قد أكد أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد أبلغه بأنه لا يصغي للرئيس جو بايدن. فسارع مكتب نتنياهو للتوضيح بأن إسرائيل تصغي لحليفتها الولايات المتحدة، لكنها مستقلة في قراراتها.
هذا في البيان الصحفي، ولكن على الأرض يواصل نتنياهو تقديم الدعم غير المباشر لصديقه وحليفه ترامب، والاستخفاف ببايدن وبالإدارة الأمريكية، وابتزازها في مرحلة حساسة عشية الانتخابات الرئاسية الوشيكة، ويفعل ما يحلو له، رغم أن بايدن أثبت صهيونيته بالقول والفعل في ولايته المنتهية، خاصة في الحرب الأكثر دموية ووحشية في تاريخ الصراع.
في زيارته الخاطفة الأخيرة، جاء وزير الخارجية الأمريكي بلينكين للمنطقة، وفي إسرائيل تركزت مداولاته مع قادتها بالشأن الإيراني بدافع سياسي يرتبط بالانتخابات الأمريكية.
المنافسة بين ترامب، الرجل الأبيض صاحب التوجهات الذكورية الفظة والعنصرية، وهاريس، السيدة السمراء، شديدة جدًا، وتدلل الاستطلاعات على أن أي حدث داخلي أو خارجي، خاصة في الناحية الأمنية، كتوسيع النار في الشرق الأوسط، من شأنه أن يرجح كفة ترامب، وهذا مصدر قلق كبير للحزب الديموقراطي والإدارة الأمريكية. وهذا ما يدركه نتنياهو، السياسي الإسرائيلي المجرب، العارف بالشؤون الأمريكية الداخلية، والمعني بفوز ترامب طمعا بدعم أكثر سخاء لإسرائيل في كل الجبهات والمستويات.
من هذا المنطلق، تشير تصريحات ومؤشرات متنوعة إلى أن نتنياهو مصمم على توجيه ضربة قوية في إيران لتحقيق عدة غايات عامة وخاصة، غير مكترث بالطلبات الأمريكية التي حملها بلينكن في هذه الزيارة، والتي يبدو فيها وكأنه يتحدث بلغة التوسل أو الاستعطاف، إذ اقترح المزيد من المال والسلاح والذخائر والمنظومات الدفاعية على إسرائيل مقابل تقليص ضربتها في إيران، كما تؤكد تسريبات نشرتها أول أمس الثلاثاء صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
عنوان “بايدن والفرصة الأخيرة”، يقول المعلق السياسي البارز في “يديعوت أحرونوت”، ناحوم بارنياع، إن هناك خيارين للتعامل مع الإدارة الأمريكية في ساعاتها الأخيرة: تجاهلها، أو التعاون معها لاستغلال فرصة أخيرة. فلا ترامب، ولا هاريس، سيكرسان الطاقات التي وظفها بايدن في محاولة استعادة المخطوفين وإنهاء الحرب.
وينقل بارنياع عن مصادره أن بلينكن نقل طلب الإدارة الأمريكية بتقليص ضربة إسرائيل في إيران إلى أبعاد رمزية، وتأجيلها لما بعد الانتخابات الرئاسية، مقابل عرض أمريكي سخي: منظومات دفاعية وأسلحة إضافية. منوها لوجود معضلة صعبة.
ومن جملة تبعات الاستجابة للطلب الأمريكي أنه من شأنها إغضاب ترامب، وهو المرشح الذي يراهن نتنياهو على فوزه.
نتنياهو وبايدن.. مصير مشترك
في واقع الحال، لا تبدو أن هناك معضلة حقيقية أمام نتنياهو، فكل المؤشرات تقول إنه يتجه لتوجيه ضربة قريبا جدا من موعد الانتخابات الأمريكية، على أمل أن تعطي ترامب الدفعة المطلوبة لتأمين فوزه وعودته للبيت الأبيض.
ومن جملة تبعات الاستجابة للطلب الأمريكي أنه من شأنها إغضاب ترامب، وهو المرشح الذي يراهن نتنياهو على فوزه.
وكان من قبل الحرب وبعدها يسعى لتوريط أمريكا بمجابهة مباشرة مع إيران، وهذه هي الغاية غير المعلنة لاغتيال رضا زاهدي في أبريل، وهنية في تموز، فكلتاهما ضربة لهيبة وكرامة إيران بالأساس. على مسافة أسبوعين من انتخابات الرئاسة، وعين نتنياهو الأولى على الماضي والعين الثانية على المستقبل: يتذكر نتنياهو الدعم الأعمى غير المسبوق للاحتلال، كما يتمثل بقرارات بنقل السفارة للقدس المحتلة، دوره في “اتفاقات أبراهام”، والتطبيع، والاعتراف بضم الجولان السوري المحتل، وغيره. وفي ذات الوقت، يطمع نتنياهو برئيس أمريكي شعبوي، كاره للعرب والمسلمين، يبسط اليد بسخاء في دعم إسرائيل وأطماعها الجديدة: ضرب إيران ومشروعها النووي، مواصلة الحرب على لبنان وغزة، ودعم الاستيطان داخل القطاع وحسم الصراع مع الفلسطينيين.
رغم المخاوف المعلنة المزعومة من ترامب، واحتمال انقلابه على نتنياهو لحسابات مختلفة، يبدو أنهما على تنسيق تام في ما يخدم حظوظ ترامب العودة للحكم، وبالتالي مساعدة نتنياهو نفسه في البقاء، في الحكم والتاريخ.
****
“حزب الله” يستهدف قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200 ضواحي تل أبيب
أعلن “حزب الله”، في بيان، أن عناصره استهدفوا، أمس الأربعاء، قاعدة غليلوت الإسرائيلية التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200 في ضواحي تل أبيب بصلية صاروخية نوعية.
وقال “حزب الله”، في بيان، إنه “دعما لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وإسنادا لمقاومته الباسلة والشريفة، ودفاعا عن لبنان وشعبه، وفي إطار سلسلة عمليات خيبر، وردا على الاعتداءات والمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني، وبنداء لبيك يا نصر الله، قصفت المقاومة الإسلامية، عند الساعة 00:08 من صباح أمس الأربعاء 2024-10-23، قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200 في ضواحي تل أبيب بصلية صاروخية نوعية”.
يذكر أن المناطق الحدودية في جنوب لبنان تشهد تبادلا لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله”، منذ الثامن من أكتوبر الماضي، بعد إعلان إسرائيل الحرب على غزة، وإعلان حزب الله مساندة غزة. وأعلن الجيش الإسرائيلي، في أول أكتوبر الحالي، عن بدء عملية برية مركزة في جنوب لبنان.