دعت آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الحكومة إلى القطع مع التردد السياسي والتشريعي والتصويت لصالح القرار الأممي القاضي بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، كخطوة على درب اعتماد الإلغاء النهائي لهذه العقوبة، قائلة ” إن المجلس يطمح أن يتم مع حلول السنة القادمة إلغاء عقوبة الإعدام خاصة وأنه مرت نحو ثلاثين سنة على وقف المغرب تنفيذ الإعدام بشكل عملي “.
جاءت دعوة رئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، في كلمة ألقتها في افتتاح الندوة المشتركة التي نظمها المجلس مع كل من الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام والمرصد المغربي للسجون، كتقليد سنوي بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الإعدام، وحضرها عدد من الفاعلين الحقوقيين وممثلي منظمات والهيئات والبعثات الدبلوماسية، ضمنهم ممثل عن الجمعية الفرنسية” جميعا ضد عقوبة الإعدام”، وذلك صباح أمس الأربعاء بالرباط.
وأكدت بوعياش في كلمتها، “على أنه ليس هناك أي خصوصية مجتمعية مغربية لدعم عقوبة الإعدام، وأن الأمل في الحياة وحماية الحق في الحياة ينبغي أن يكون أساسه القطع هذه السنة مع التردد السياسي والتشريعي بالتصويت لصالح الوقف العالمي لعقوبة الإعدام أولا وللإلغاء ثانيا”.
ولدعم ترافعها في هذا الاتجاه، استعرضت بوعياش قضية الطالب إبراهيم سعدون التي كانت قد حظيت بمتابعة مختلف الفاعلين بما فيهم السياسيين الداعمين لعقوبة الإعدام، مشيرة إلى الفرح الذي تم التعبير عنه جماعيا، خلال إطلاق سراح الطالب وعدم تنفيذ عقوبة الإعدام، قائلة” هذه اللحظات، عشتها، باعتبارها نجاحا لإصرارنا كمدافعين عن الإلغاء وتأكيدا بعدم وجود أي خصوصية مجتمعية مغربية لدعم عقوبة الإعدام، وعشنا جميعا لحظات ترقب في أمل عدم التنفيذ”.
كما دعمت بوعياش ترافعها في اتجاه الإلغاء، بالتذكير بالمسار الذي قطعه المغرب على المستوى الحقوقي والذي بات يفرض القطع مع عقوبة الإعدام، خاصة وأن هذا المسار ، تشير المسؤولة الحقوقية، “تعزز مؤخرا بانخراط المملكة في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان بالانضمام إلى البروتوكول الخاص باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والبروتوكول الإضافي الأول للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واللذان يوسعان إمكانيات وضع الشكايات الفردية ذات الصلة بحقوق الإنسان وعدم احترامها. وقبل ذلك الاضمام للبروتوكول الاختياري الملحق بمناهضة التعذيب ووضع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب “.
وشددت في هذا الصدد بالقول” إن المجلس ينتظر رفقة باقي الفاعلين أعضاء جبهة مناصرة مناهضة الإعدام، مواصلة هذا المسار باتخاذ قرار في اتجاه انخراط المغرب بالبروتوكول الاختياري الثاني الخاص بإلغاء الإعدام. والتصويت لصالح التوصية المقبلة للجنة الثالثة للأمم المتحدة ذات الصلة بوقف التنفيذ القانوني لعقوبة الإعدام”.
هذا ولم يفت المسؤولة الحقوقية تقديم توضيحات بشأن تقديم ونشر شهادات عدد من المحكومين بعقوبة الإعدام، والتي تقوم بها لأول مرة مؤسسة حقوقية رسمية ، مبرزة أن انشر هذه الشهادات على مدى عشرة أيام القادمة ابتداء من تاريخ 10 أكتوبر الجاري، سيمكن من إثارة إشكالات متعددة تتعلق بشروط المحاكمة العادلة والمساعدة القضائية، ودور المحامي، ودور القاضي، وأهمية مسطرة العفو.
وأضافت أن هذا التناول سيسمح بتقديم وجهة نظر المحكومين بالإعدام وحقوقهم داخل المؤسسة السجنية من تطبيب، دراسة، إعلام، العمل، الزيارات والعلاقة بالعائلة، الطرود البريدية، الهاتف…، بل وظروف إيواء السجناء (الأحياء الخاصة أو ممرات الموت، الزنازين الفردية والجماعية، الإجراءات التأديبية، التنقيل داخل المؤسسات السجنية…).
وأفادت مبرزة، بالكثير من التأثر” إننا نتوخى بالمجلس نقل مشاعر وأمل ملتبسة لأشخاص في دهاليز الإعدام بين ترقب القتل والأمل في الحياة، وهي شهادات تنصب في صلب موضوع الاحتفاء العالمي لإلغاء عقوبة الإعدام”.
ومن جانبه، طالب النقيب عبد الرحيم الجامعي، منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، الحكومة إلى ل اتخاذ قرار بالإلغاء النهائي للإعدام، بحيث تستلهم ذلك من قرارات ملك محمد السادس بإصدار عفوه عن المحكومين بالإعدام، بل من مطالبته بالإفراج عنهم كما هو الشأن بالنسبة للطالب المغربي إبراهيم سعدون”
كما دعا النقيب الجامعي الحكومة في هذا الإطار، إلى القطع مع عقيدة التردد و التخلف عن مسار إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب والتي هي سائدة لدى عدد من الفاعلين في السلطة و في الساحة السياسة و الثقافية، بأن كونية حقوق الإنسان ثقافة غريبة عن المغاربة وهي سلاح الغرب الذي يريد أن يقوض مقومات المغرب القافية والدينية”.
وقال بهذا الخصوص بنوع من التحذير ” إن هذه العقيدة هي التي تشكل التردد و التخلف عن تقديم الأجوبة الحقيقية لقضية إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب، وهي ما سيشكل العقبة أمام الجهود الرامية إلى الدفاع عن مقترح قانون الإلغاء، وحمل في هذا الصدد الحكومة المسؤولية عن الإبقاء،
وأقر النقيب الجامعي، منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، بالصعوبات التي تواجهها جبهة المناهضات والمناهضين للإعدام رغم اتساعها، قائلا” إن جبهة المناهضات والمناهضين اتسعت وهي تعلم بأن طريق الإلغاء ليس سهلا ولازالت أمامه عقبات”، مبديا نوعا من الأمل بالنظر للحصيلة التي حققتها الجبهة على مدى مسار امتد لعقدين من الزمن، تمثل في تحقيق تنسيق مع شبكات وهيئات عالمية ومغاربية ، والوصول بإثارة النقاش حول الموضوع إلى المسمتوى المؤسساتي والسياسي، وأساسا داخل المؤسسة التشريعية .
ودعا هذا الصدد مناصري إلغاء عقوبة الإعدام إلى المزيد من التعبئة، بالحفاظ على الحيوية النضالية واليقظة والحضور والتشبث بالأمل ، فالأمر يشير النقيب ليس سهلا، خاصة وانه يتعلق بقضية يجتمع فيها الحقوقي والسياسي والفكري والتاريخي والإنساني،داعيا في الوقت ذاته إلى تطوير وسائل العمل وخلق فرص للتحسيس اتجاه الرأي العام وكل القوى الحية بالبلاد”.
ومن جهته، رفع عبد الله مسداد الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون، في كلمته بالمناسبة، ستة (6) توصيات للحكومة، حيث طالب بالمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والقاضي بإلغاء عقوبة الإعدام، والتصويت لفائدة القرار الأممي المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام مع الالتزام بتنفيذ التوصيات الصادرة عن الآليات الأممية التعاقدية وغير التعاقدية، عبر إقرار قانون جنائي خالي من عقوبة الإعدام/، والاهتمام [أوضاع المحكومين بالإعدام خاصة على مستوى الصحة العقلية والنفسية وبرامج للتكوين والتأهيل في انتظار تحويل عقوبة المحكومين بالإعدام إلى عقوبة محددة.
فنن العفاني