كيف يكون شعور القارئ الذي اعتاد طيلة حياته على القراءة في الكتاب الورقي، عندما يكتشف أن بإمكانه بضغطة زر امتلاك الكتاب عينه في صيغته الرقمية؟
أولا ينبغي عليه أن يزيل دهشة اللقاء الأول بالكتاب الإلكتروني. لا شك أن هذا القارئ التقليدي، سيؤجل الشروع في القراءة، إلى أن يستأنس بهذا الجليس الجديد، الذي يختلف عن جليس المتنبي الذي قال عنه في قصيدته: خير جليس في الزمان كتاب.
***
حسب تجربتي الشخصية، لم أتمكن لحد الآن من إتمام قراءة كتاب رقمي، شيء ما كان يزعجني باستمرار، رغم توفر ظروف القراءة، كلما شرعت أقرأ في هذا النوع من الكتب، لا أكف عن التفكير والحنين إلى الكتاب الورقي.
نحن جيل التعب والشقاء، لا نقبل بترف أن يأتي بين أيدينا كتاب، في طبعته الكاملة، بمجرد طقطقة أصبعنا، ونحن مستلقون على الأرائكأ.
***
في مواجهة أزمة القراءة، لا يجازف الكاتب المغربي بإنجاز طبعات متعددة للكتاب عينه، وإن كان هناك بعض الكتاب الذين يحاولون أن يتباهوا بأنهم بلغوا الطبعة كذا أو كذا، في حين أن الطبعة الأولى لم تنفد بعد. المنطقي هو أن ننتظر إلى أن تنفد الطبعة الأولى، وبعد ذلك نقرر ما إذا كان الأمر يستدعي بشكل جدي إصدار طبعة ثانية، أم أن السوق لا يحتمل ذلك، سيما وأن الطبعة السابقة، لم تنفد إلا بعد زمن غير يسير، وتبعا لمجهودات خاصة تعتمد بالأساس على حفلات التوقيع وما إلى ذلك من المبادرات.
هل ينبغي على الكاتب أن يقوم بكل شيء: يكتب ويصمم الغلاف ويطبع ويحمل منشوره على كتفه ويوزعه على الأكشاك؟
***
لا شك أن العديد من الشغوفين باقتناء الكتب والذين يخصصون جزءا غير يسير من راتبهم الشهري لشراء الإصدارات الحديثة والقديمة على حد سواء، لا شك في أنهم يتوفرون على مخزون محترم من الكتب، انتهوا من قراءتها ولم يعودوا في حاجة للرجوع إليها.
هناك رفوف من الكتب تحيط بجدران بيوتهم، إلى حد أنهم لم يعودوا يجدون لها مكانا إضافيا، واضطروا إلى مراكمتها داخل العلب والصناديق، مع العلم أن أسوأ عمل يقوم به القارئ هو هذا بالذات، ذلك لأن الكتاب خرج إلى الوجود لأجل أن يقرأ، ويتم تداوله بين القراء، لا أن يتم إقباره.
عبد العالي بركات