سامية ورضان شاعرة وفنانة تشكيلية عصامية، من مواليد1977 بالدار البيضاء ذات الأصول الهشتوكية المحاذية لمدينة آزمور، أستاذة للغة الانجليزية، عشقت الشعر والحرف على يد خالها الشاعرة والناقد حسن بوسلام الذي لطالما كانت مكتبته ملاذا لها، لم تتخيل يوما أنها ستدخل غمار الرسم والتشكيل رغم محاولاتها لما يزيد عن ثلاث سنوات، إلى أن تم توجيهها من قبل زوجها عبد الرحيم الحسنوي لتعلم قواعد وأبجديات الرسم على يد الفنان التشكيلي زين العابدين الأمين، الذي قال عنها ” تتعدد مواهب الأستاذة سامية في عدد من الأنشطة الفنية والثقافية، حيث دأبت على البحث في مجال الكتابة والشعر وحتى مجال الفن التشكيلي، اشتغلت في ورشتي لمدة تقارب السنة، خلالها لاحظت أنها تطور مهاراتها البصرية بتجاوب متناسق بين التركيب والتكوين، وتتميز أعمالها بعمق في البحث خصوصا على مستوى التلوين ومعالجة المستويات”.
تعتبر سامية ورضان من الفنانات العصاميات المبتدئات في مجال الرسم والتشكيل، لكنها استطاعت أن تفرض اسمها كعاشقة للون والفرشاة، لتبحر من خلال البحث والتنقيب وتطوير تجربتها، وآليات اشتغالها وتوظيفها في أعمالها، التي أكسبتها الهوية الفنية الحقيقية وأصبح لها أسلوب مميز بحضورها الفني مختزلة إياه بإحساس مرهف، يمزج الواقع بالخيال كفنانة تجريدية يغلب عليها الانطباعي أحيانا، جاعلة من أعمالها رسالة حب وجمال نابعة من مشاعرها، ناثرة الفن بين أرجاء مجتمعها ليشعر بكم المشاعر التي بداخلها، محاولة من خلال ريشتها الفنية ملامسة البعد النفسي، وسبر أغواره، فأعمالها تعكس قوة الإبداع لديها وقوة حضوره وجماله، كما أنها تصف سمات البيئة التي تعيشها، حيث تقول عنها الفنانة التشكيلية فاطمة العويسي ” تتميز لوحات سامية ورضان بالطابع التجريدي الراقي المعاصر، وأنت تتأمل إبداعات هذه الفنانة الشابة تلمس حركية وسلاسة أناملها في تجريد الأشكال والتعبير العميق عن أفكار تختلج صدرها بحس خاص، كما تعمل على توزيع الألوان والظلال والمعاني الغامضة المفتوحة على شتى التفسيرات والقراءات.” فهي بالرغم من ميلها إلى التبسيط واعتماد ألوان الحياة التي يغلب عليها اللون الأزرق لون الأمل والتحدي في ظل اللون الرمادي الذي يرمز للاكتئاب والإحباط والغموض، فقد استطاعت من خلالها أن تشد المتأمل لأعمالها، إلى فضاءات ملونة زاهية متجاوزة الحدود المغلقة لمشهدية الزمان والمكان، وتركته متسائلا بذات الوقت باحثا عن أجوبة، كما نلمس انصهارها و توحدها وفق مواد متناقضة ومتداخلة فيما بينها بعناية بالغة، استطاعت تطويعها وجعلها تقبل اختلافاتها، لدرجة لا يمكن للمتلقي الفصل بين مكوناتها كما يجعله يقدم قراءات وتأويلات مختلفة باختلاف وتنوّع المواضيع والرموز التي تبثها الفنانة وتخاطب من خلالها جمهورها، كما عبر عن ذلك الدكتور والباحث في تاريخ المغرب مصطفى الريس: “عندما تتأمل كاريزمية التشكيلية سامية ورضان، تدرك أنها مزيج من الانفتاح على الثقافة الانجلوساكسونية بكل امتداداتها تدريسا وتنظيرا وتأطيرا، وبين ثقافة التشبث بإرث المحافظة والأصول ورائحة الأرض، لوحات التشكيلية سامية هي الخيط الناظم والجسر الرابط بين المرجعيتين.” الأمر الذي يجعل أعمالها لها أبعاد عاطفيه وعقلانية معا، تنبعث منها نشوة التماهيات اللونية في حوارية جدلية رائعة تجعل المتلقي في تواصل مع مضامينها وأشكالها المتميزة بخصوصيتها المتفردة و أسلوبها خاصة من حيث الألوان التي توظف محورين متضادين البارد والساخن في شكلانية جميلة لها وهج فريد.
ليبقى الإبداع الفني الذي نشاهده اليوم في أعمال الفنانة سامية ورضان هو نتاج لفطنتها وذكائها، كما ساهمت به أيضا ظروف ثقافية واجتماعية وحضارية متوارثة رسمت أهم ملامحه، بحيث أنه ليس بغريب على سامية هذا الانسياب والتدفق الجمالي في لوحاتها، وجعلها تحض بهذه الرؤيا المتعددة القراءات والتأويل إذ أنها إلى جانب غوايتها بالرسم والتشكيل، فهي تتنفس شعرا، مما يجعل أعمالها تتشكل ضمن علاقة تجمع بين جمال التعبير الحرفي وامتداد أفق الرؤيا وتعدد مسارات القراءات، بحيث أن كل شاعر يختزن تشكيليا بداخله وكل تشكيلي يختزن شاعرا، يصرف من خلال لوحاته جمال أفكاره وسحرها وفق أسلوب واع وهادف، وهذا ما نستشفه من قراءة لإحدى لوحات الفنانة سامية ورضان للناقد حسن بوسلام: ” قبل الوقوف عند هاته اللوحة ، لابد أن أشير إلى أن ورضان سامية قبل أن يسكنها الرسم هي عاشقة للشعر، حاولت فيه نصوصا متناثرة، لكن لم تتوقع أن تغير لغة إبداعها ومجال صنعتها الجمالية، فكان اللون هو مطيتها نحو بناء هاته العوالم التشكيلية، لكن بإمعان النظر في متنها التشكيلي نجد خاصية تميزت بها، وهي اعتمادها الألوان الخفيفة نسبيا، وعدم الإكثار من التوظيف اللوني، وتمكنها من المزج الذكي للألوان التي تريد أن تعبر من خلالها عن رؤيتها الفنية وموقفها التشكيلي، وذلك من خلال اختيارها للأسلوب التجريدي، كأسلوب فني يعتمد على عمق النظر والتمكن الجيد من الأداة التعبيرية “.
< بقلم: محمد الصفى