فتح تألق فريق نهضة بركان خلال السنوات الأخيرة، الباب أمام عديد المقارنات والقراءات المستقبلية، وتشبيه ما يقع بعاصمة الليمون بتألق مماثل، سبق أن عرفته مدن أخرى على المستوى الرياضي، وعجزها عن الحفاظ على نفس التوهج، ونفس الحضور اللافت.
وإذا كانت المقارنة في هذه الحالة ظالمة، لما تحمله من حيف نظرا لاختلاف الظروف، واختلاف تفكير الأشخاص، والأكثر من ذلك اختلاف السياقات الزمنية، التي أحيطت بكل تجربة من هذه التجارب.
أمثلة عادة ما يتم استحضارها لحظة الحديث عن ارتباط أندية معينة بشخصيات عمومية نافذة، ومدى الاستفادة من الإمكانيات التي كانت متوفرة يومها، الشيء الذي من الممكن أن يضمن لها الاستمرارية المطلوبة، وهو الهدف الذي لم يتحقق.
يتحدثون عن الواقع الحالي لنهضة سطات الذي يعاني بالأقسام السفلى، وهو الذي كان أيام وزير الداخلية السابق إدريس البصري يستفيد من قوته ونفوذه، إلى درجة أن الكثيرين يرددون بكثير من الدعابة، كيف حصلت “النهيضة” على إشهار الخطوط الملكية المغربية، رغم أن هذه المدينة الصغيرة لا تتوفر على مطار.
نفس المقارنة تستحضر بالنسبة للكوكب المراكشي، الفريق الذي كان مهاب الجانب أيام الحاج محمد المديوري، وكيف حصل على دعم شركة للنقل البحري، رغم أن مراكش ليست مدينة بحرية، وكيف تحول به الحال، حتى أصبح مجرد فريق عادي بدون حماية، يتلاعب بمصيره أشباه المسيرين، وأناس ممن يعبثون بحاضره ومستقبله.
المقارنات تتحدث أيضا عن الاتحاد القاسمي أيام المرحوم محمد الدليمي، الرجل القوي في فترة من الفترات العصيبة التي عاشها المغرب، وكيف تحول والده إلى متسلط، يقرر في شؤون كرة القدم الوطنية، وكيف كان يرهب الحكام ومسؤولي الفرق المنافسة.
هذه البعض من النماذج التي يتم استحضارها دائما، ويعاد حاليا التذكير بها أمام تألق فريق نهضة بركان، وهو الفائز بكأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وكيف يربط اسمه بفوزي لقجع رئيس جامعة كرة القدم، ومدير الميزانية بوزارة المالية.
المؤكد أن لقجع ليس هو البصري أو المديوري أو الدليمي، فالرجل موظف سام، وسلطته لا توازي السلطات التي كان تتوفر عليها الشخصيات التي ذكرناها، لقجع رجل أرقام بامتياز ووظيفته تقنية أكثر منها سلطوية، ولم يثبت أن قام بجلب لاعبين بقوة من أندية أخرى، قصد تقوية فريقه وإضعاف الآخرين، ولا قام بممارسات فساد أو استغلال نفوذ، أو شيء من هذا القبيل.
على مستوى التفكير، فما يحدث حاليا ببركان مختلف تماما عما سبق، فما ينجز حاليا من بنيات تحتية متطورة، وما يقام من مشاريع مهمة، وما يتم التخطيط له، سيجعل من النهضة البركانية مؤسسة قائمة الذات مفتوحة على المستقبل، تستفيد من بعد مقاولاتي وتدبير حداثي.
هذه الأبعاد هى ما يضمن لها الاستمرارية بنفس القيمة وأكثر، دون أن تبقى مرتبطة أو رهينة بتواجد لقجع أو مضران، رغم أن حضورهما سيبقى أساسيا في أي مشروع مستقبلي، لأنهما ببساطة عشاق، وليسوا فقط مسيرين عاديين، يغلقون هواتفهم مباشرة بعد انتهاء المباريات.
>محمد الروحلي