قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، إن على دول العالم وقواها المؤثرة مسؤولية شاملة وتحد كبير بوضع حد لهذا الخرق والاستهتار المتواصل بحقوقنا التاريخية وبقرارات الشرعية الدولية، والتصدي للمواقف الأميركية المتلاحقة والانتهاكات الإسرائيلية التي تهدف جميعها إلى حل قضايا الحل النهائي التفاوضية بشكل أحادي، وبالاستناد إلى جبروت الاحتلال وغطرسة القوة، الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين، ويدفع المنطقة إلى المزيد من النزاعات التي لن تحمد عقباها.
جاء ذلك خلال كلمته في عشاء الميلاد المجيد حسب التقويم الشرقي، مساء السبت المنصرم في بيت لحم، بحضور عدد من الشخصيات الرسمية والدينية والاعتبارية.
وقال الحمد لله: “نتشرف اليوم بحضور معالي وزير الداخلية الأُردنيّ الأخ غالب الزعبي بيننا في هذه الاحتفالات، ممثلاً عن جلالة الملك عبد الله الثاني، في رسالة أُخرى يبديها الأردن الصديق والشقيق لدعم شعبنا والتضامن معه. حيث إننا نرتبط معكم بأواصر تاريخية راسخة، وكنا وما نزال نعول على الدور الرياديّ الذي يضطلِع به الأردن في الانتصار لِحقوق شعبنا ونضالاته في كافة المحافل الدولية، ورفضه لأية خطوات أُحادية لفرض حقائق جديدة لتغيير وضع ومكانة القدس. وفي هذا المقام، باسم فخامة الرئيس نشكر جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي لم يتوانَ تحت أي ظرف، عن نصرة القدس والدفاع عن مقدساتها، ودعم أهلها في مواجهة الاحتلال الاسرائيليّ وأطماعه التوسعية التي تتهدد القدس، والاقصى خاصة”.
واستطرد: “نجتمع على هذه الأرض المقدسة التي باركنا الله فيها، على وقع الكثير من الألم والمعاناة، وفي خضم لحظات صعبة وحاسمة تمر بها قضيتنا الوطنية، حيث تستمر إسرائيل في عدوانها الغاشم على أرضنا ومقدساتنا وحقوقنا، وفي توطيد نظام الفصل العنصري من خلال توسيع الاستيطان غير الشرعي، وقضم الأراضي وهدم البيوت والمنشآت، وفي تهديد شعبنا بمخططات الاقتلاع والتهجير، واستهدافه بالاعتقال وبأعمال التنكيل، خاصة ضد الأطفال والقاصرين. لقد شجع إعلان الرئيس الأميركي، إسرائيل على التمادي في ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات، وتوسيع هجمتها الاستيطانية، في القدس ومحيطها، وفي الأغوار الفلسطينية، ومواصلة تدمير حل الدولتين، الذي يشكل إجماعا دوليا لم تخرج عنه إلا الولايات المتحدة بإدارتها الحالية”.
وتابع الحمد الله: “وفي هذا السياق، فإننا نعتبر قرار الولايات المتحدة تجميد التمويل المخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ابتزازا مرفوضا وعملا غير قانوني يقوض حقوق اللاجئين الفلسطينيين ويزيد من معاناة وأزمات مخيمات اللجوء، ويعرض لخطر حقيقي حياة اللاجئين الذين يعتمدون على الخدمات الصحية والتعليمية والإنسانية التي تقدمها لهم الوكالة منذ عقود طويلة”.
وأوضح ” أن هذه اللحظات الفارقة، تستدعي مزيدا من التلاحم والوحدة والالتفاف حول القيادة الوطنية في توجهها للمحافل والمنظمات الدولية وإعمال الأدوات القانونية والدبلوماسية لحماية الحقوق الفلسطينية ومساءلة إسرائيل على انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي، لنؤكد للعالم أجمع أنه، ومهما بلغ حجم العدوان أو ضراوته، فشعبنا لن يقايض أو يساوم على القدس ومقدساتها. ولن يزعزع أي قرار من ثباته وإصراره على الدفاع عن حقوقه العادلة، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، الذي يشكل استمراره وصمة عار على جبين الإنسانية”.
وأضاف: “سنواصل، بكل عزم وثبات، تمتين جبهتنا الداخلية وتحقيق الوحدة والمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الكارثي. وكما أكدت من قبل، فإن هذا الطريق شائك وطويل لكننا اتخذنا فيه خطوات هامة وأساسية، وسنسير فيه حتى نهايته، للوصول إلى وحدة وطنية راسخة وصلبة، فهي صمام الأمان لمشروعنا الوطني، وبها فقط نعزز صمود شعبنا، ونعطي قضيتنا المزيد من المنعة والقوة والعنفوان”.
وأضاف رئيس الوزراء: “بعد أكثر من ألفي عام على ميلاده، وعلى نوره الذي اهتدت به البشرية، نتواجد هنا في مدينة بيت لحم، منبع الأمل، التي تلتف حولها اليوم المستوطنات الاستعمارية، ويطوقها جدار الفصل العنصري ويفصلها، لأول مرة منذ نشأة المسيحية عن مدينة القدس، حيث أن عقودا طويلة من الاحتلال والطغيان، قد غيرت بالتأكيد من معالم بلادنا، لكنها لم تفلح في زعزعة هويتها أو طمس تاريخها ووجودها”.
> أسمى جابر