غالبا لا يوجد آباء يفرقون بين أطفالهم في المعاملة عمدا، ولكن قد يحدث ذلك منا دون قصد، أو قد يتوهم الأطفال حدوثه، وهناك بعض الآباء يفضل طفلا على آخر بالفعل لسبب يتعلق بالأب أو الأم وليس بميزة معينة لدى الطفل يفضل بها إخوته، وهذا بالفعل أم سيء وخطير. وفي كل الأحوال فإن شعور أحد الأبناء بالظلم والتفرقة في المعاملة ينتج عنه نتائج سلبية جدا، منها الغيرة بين الأخوة، وما يترتب عليها من محاولات الإيذاء البدني. كما قد تتطور العلاقة بين الطفل وأسرته لتصبح علاقة عقوق للوالدين وكراهية بين الإخوة.
فالتمييز بين الأولاد وتفضيل بعضهم على بعض يؤثر على نفسية الأولاد ويزرع فيهم العقد النفسية ويورث عندهم فساد الأخلاق ويضعهم أمام الانحراف وجها لوجه.
لذلك يجب الخرص على عدم ارتكاب عدد من الأخطاء الت يقد تكون غير مقصودة في بدايتها ولكن مع الوقت وتطور الأحداث قد تؤدي إلى الانكماش والعزلة والانطواء كنتيجة سلبية، بل وإلى النزاع والاصطدام والقطيعة.
كما يؤدي التمييز إلى علاقة سلبية بين الأبناء؛ إذ يميل الطفل المميز ضده إلى كره أخيه الآخر وغيرته منه كونه مقربا من والديه، وحسده على الحنان والرعاية التي يحظى بها، والتي جاءت على حسابه، فظاهرة عدم العدل بين الأولاد لها أسوأ النتائج في الانحرافات السلوكية والنفسية، لأنها تولد الحسد والكراهية، وتسبب الخوف والانطواء والبكاء، وتورث حب الاعتداء على الآخرين لتعويض النقص الحاصل بسبب التفريق بين الأولاد، وقد يؤدي التفريق بين الأولاد إلى المخاوف الليلية، والإصابات العصبية، وغير ذلك من الأمراض غير العضوية. ولا شك في أن المُفضل يعاني هو الآخر من نظرة إخوانه العدائية والكره الممارس ضده على مستوى السلوك اليومي، إن لم تتطور إلى مستوى إلحاق الضرر بالتجريح والهجر والضرب في بعض الحالات، فتصل بذلك الأسرة إلى حالة لا تحسد عليها، ليكون الولد المفضل والمفضل عليه والوالدين أيضا في صراع دائم يتعكر معه صفو الحياة، فالتمييز بين الأولاد والتفريق بينهم في أمور الحياة سبب للعقوق، وسبب لكراهية بعضهم لبعض، ودافع للعداوة بين الأخوة، وعامل مهم من عوامل الشعور بالنقص، وظاهرة التفريق بين الأولاد من أخطر الظواهر النفسية في تعقيد الولد وانحرافه، وتحوله إلى حياة الرذيلة والشقاء والإجرام.
وبالمقابل فإن المساواة والعدل يجب أن يكونا في الطعام، وفي توزيع الكلام، وفي توزيع الانتباه والاهتمام، وفي توزيع النظرات والضحك والمداعبات، كل هذا بقدر الإمكان، لذا يجب أن يحرص الأب أن يسعى إلى تحقيق العدالة في هذا الجانب. وكذلك المساواة في الهدايا والعطايا والمساواة باتخاذ القرارات من خلال استشارة الجميع بدون استثناء، وأخذ القرارات بالأغلبية فيما يخصهم.
وهناك المساواة بالمشاركة باللعب والمساواة في كلمات المحبة، وكذلك وهذا مهم جدا، المساواة في الإصغاء والاستماع؛ فالأبناء يتفاوتون في الجرأة والخجل، وليس كل واحد منهم يبادر بالحديث ويستأثر بأذن والديه واهتمامه، ومنهم من تزيد متعة الاستماع إليه ومنهم من تقل، ولضبط هذا الجانب الصعب ولتلبية حاجة الأبناء إلى الاستماع إليهم والاهتمام بهم والتعبير عن أفكارهم، يجب تخصيص وقت للأحاديث الخاصة.
فمن الضروري أن يشعر الأبناء بأن هناك وقتا مخصصا لكل منهم تحترم فيه خصوصيّاتهم. بل يجب العدالة في الاصطحاب بأن يخصص الوالدان لكل ولد من أبنائهما يوما ليصطحبه معه، وبهذا الشكل يكون قد حقق العدالة بينهم وفي الوقت نفسه يحقق الصفوة والمحبة والحنان بين أبناء البيت الواحد.
وقد سألوا امرأة أعرابية أي أولادك أحب إلى قلبك؟ فأجابت: “الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يشفى، والغائب حتى يعود”. وهكذا جمعت بينهم جميعهم في الحب، لكن حتى في هذه الحالة فيجب أن تتم الأمور بحرص وحذر شديدين، لأنه في بعض الأوقات قد تلجأ بعض الأمهات – وبدون قصد – إلى تمييز طفل من أبنائها على الآخر نتيجة لصغر سنه أو لحاجته للعناية بصورة أكبر، وأحيانا تتصرف بصورة لا شعورية اتجاه أحدهم، فيولد ذلك غيرة قد تفتك بالأسرة ويخلق جوا غير مريح فيها.
خطوات بسيطة لشعور أفضل بالمساواة بين الأبناء
+ اسمح لأطفالك بأن يقولوا هذا ظلم: شجع أطفالك أن يعترضوا إذا شعروا بأنك تفرق بينهم في المعاملة، ولكن اطلب منهم أن يعبروا عن ذلك بأدب، قد يلفت الطفل نظرك أحيانا إلى أمر غير عادل بالفعل، وقد يكون متوهما ونقاشك معه يوضح حقيقة الأمر.
+اقض وقتا خاصا مع كل طفل بمفرده: قضاء وقت خاص مع كل طفل يشعره بأنه قريب منك، وأن له مكانة خاصة، لا يستطيع أحد أن يسلبها منه، احرص على الاهتمام بطفلك في هذا الوقت دون أي مشتتات.
+ وضح لهم فارق العمر بينهم: قد يغضب طفلك الأصغر لأن أخاه الأكبر يذهب إلى أصدقائه أو يخرج بمفرده، وقد يغضب الأكبر لأنك تقين وقتا طويلا في الاهتمام بالأصغر، اشرح لهم ببساطة أن هناك فارق عمر بينهما، ووضح للأصغر أنه يوما ما سيكبر ويأخذ دوره في هذه الأمور ويفعل كل ما يفعل أخوه الأكبر، ووضح للأكبر أنك قد قضيت معه كثيرا من الوقت وهو صغير تهتم به والآن هذا دور أخيه الصغير.
+ لا تتدخل بينهم دائما: يغضب الأطفال ويتشاجرون، وهذا أمر طبيعي بل وصحي، خاصة عندما يترك الأطفال يحلون مشاكلهم بأنفسهم ويصلون إلى حلول، لا تتدخل إلا إذا استمر الصراع لفترة طويلة، أو اعتدى أحدهم بدنيا على الآخر. استخدم سياسة التعويض عندما تسوء الأمور: إذا اعتدى أحد أطفالك على الآخر بدنيا، أو أتلف أحد الأشياء الخاصة بأخيه عمدا، فاطلب من طفليك أن يجلسا معا ويصلا إلى تعويض يرضي الطرف المُعتدَى عليه، يجب أن يكون التعويض منطقيا، فمثلًا إذا أتلف شيئا يشتري بدلا منه من ماله الخاص، وإذا اعتدى عليه بالضرب أو السب يعوضه بأن يقوم ببعض مهامه المنزلية، وهكذا.
+ عزز مهارة التعاطف عند أطفالك: اطلب منهم أن يضعوا أنفسهم مكان الآخرين ويحاولوا الشعور بمشاعرهم.
+ شجعي أطفالك على العمل التطوعي: العمل التطوعي يشعر الأطفال بأن لديهم مسؤوليات تجاه مجتمعهم، ويجعلهم لا ينتظرون دائما مقابلا لعملهم الطيب. لا تكافئهم على كل عمل جيد يفعلونه: المكافأة تجعل الأطفال ينتظرون مقابلا لكل تصرف جيد يفعلونه، وهذا ليس في صالحهم، شجعهم ولا تكافئهم.
+ علم أطفالك احترام الآخرين: الاحترام المتبادل بينك وبين أطفالك أساس احترامهم للآخرين.