جيل جديد من الفكاهيين المغاربة

تبث القناة الأولى للتلفزة المغربية بعض مراحل التباري بين مجموعة من الفكاهيين الشباب تحت أنظار لجنة تحكيم مؤلفة من أسماء راكمت خبرة في مجال التشخيص الفكاهي.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقام فيه مثل هذه البرامج، حيث أفرزت العديد من الأسماء التي شقت طريقها في ميدان الفكاهة، ومن هذه الأسماء من صارت تتولى حاليا تدريب فكاهيي المستقبل وتلقينهم مجموعة من الدروس التي تساعد الفنان على أدائه الفكاهي.
من خلال العروض التي تقدمها التلفزة المغربية في برنامج التباري «سطاند آب» الخاص بإبراز المواهب الجديدة في فن الفكاهة ومساعدتها على شق طريقها بثبات ونجاح، يتبين مدى استفادة تلك المواهب من التعليمات والملاحظات التي يقدمها لها، سواء المشرفون على تدريبهم أو أعضاء لجنة التحكيم نفسها.
 نجد في لجنة التحكيم أسماء مقتدرة: لطيفة أحرار، دنيا بوطازوت، محمد الخياري، كما نجد في لجنة الإشراف على التداريب: يسار، طاليس، رفيق.. وهذه الأسماء كلها أثبتت نجاحها في مسارها الفني، وبالتالي كان من الطبيعي جدا أن يحملوا الفائدة للجيل الصاعد من الفكاهيين.
 من خلال هذا النوع من البرامج، تبرز بعض الخفايا، ففي مختلف المشاهد التي تنقلها لنا التلفزة المغربية عن مسار التباري بين الفكاهيين الصاعدين، نقف على حقيقة أكيدة، وهي أن الفكاهة ليست فنا سهلا، بل وراءها مجهود على مستويات مختلفة: البحث عن الفكرة المبتكرة، إيجاد القالب المناسب لعرضها، التشخيص، امتلاك القدرة على التعبير بتلقائية، ترتيب المشاهد ذهنيا.. إلى غير ذلك من القدرات.
 وقد تبين من خلال البرنامج كذلك، التحدي الذي يواجهه الفكاهيون المتبارون، حيث يتم فرض عرضين عليهم: أحدهما موضوعه من اختيارهم، فيما العرض الثاني يكون موضوعه مفروضا عليهم، وفي هذا العرض بالذات تتجلى القدرات التي يمتلكها كل متبار في الأداء وفي ابتكار المواقف المضحكة، إلى جانب سرعة البديهة.
 إنه من السهل في اعتقادي أن تخلق مواقف حزينة وتشرك المتلقي في هذا الإحساس السلبي، لكن أن تجعل هذا المتلقي يضحك لموقف من المواقف، يتطلب منك ذلك الإتيان بفكرة مبتكرة، لها القدرة على خلق إحساس لدى المتلقي، إحساس عصي، وهو متعة الضحك، هنا تكمن الصعوبة.
من خلال متابعتي لبعض العروض التي قدمها هؤلاء الفكاهيون الذين يمثلون الجيل الجديد، تبين لي بالفعل أن هناك شيئا جديدا انضاف إلى تجربة الفكاهة ببلادنا، خاصة من حيث المواقف التي يتم التعبير عنها، هناك من يسخر من ذاته، في الوقت الذي كان الفكاهيون السابقون لا يسخرون إلا من الآخر: البدوي، المديني، المعلم.. هناك كذلك حضور موضوع تأثير التواصل الافتراضي على حياتنا الاجتماعية.. إلى غير ذلك من المواضيع التي لم تكن مطروحة من قبل، من طرف: بزبز وباز، الداسوكين، الزعري، بلقاس.. وغيرهم من جيل الرواد.
 ملاحظة أخرى، وهي أن جل المشاركين يقدمون عروضهم بمفردهم، أو ما يعرف بالوان مان شو، وهذا الوضع كنا نفتقر إليه في السابق.
على العموم، يمكن القول إن هذا النوع من الإنتاجات التي تقدمها التلفزة المغربية، يعد بمثابة كوة الضوء في خريطة برامجها، على أمل أن يتم فتح كوات أخرى لبرامج تستحق المشاهدة فعلا.  

عبد العالي بركات

Related posts

Top