حيوا الفريق.. حيوا الوطن

لم نربح كأس العالم وقالوا إننا ربحنا العالم، وأقول والله أعلم قبل هذا وذاك ربحنا الوطن وأحيينا الشعور بالانتماء لهذه الأمة، ورددنا الاعتبار للأهل والأحباب والأسرة أمام العالم.
فالاستثناء المغربي هو أولئك الشباب الذين نمت فيهم غريزة حب الوطن منذ الطفولة، بفضل تلك الأسر البسيطة التي كانت تشتغل ليس فقط لتوفير الأكل والشرب والحياة اللائقة لأبنائها، بل أكثر من ذلك، وهنا مربط الفرس، كان هؤلاء الآباء والأمهات ولا زال الكثيرون من أمثالهم لحد الآن، يشتغلون طيلة السنة ليجمعوا ما تيسر وحتى ما تعسر من النقود ليأتوا بهؤلاء الأبناء الذين ولدوا في المهجر، ليقضوا عطلتهم الصيفية في بلدهم الأم، إنهم حريصون على استمرار علاقة أبنائهم بهذا البلد السعيد مهما كانت الظروف التي دفعتهم يوما ما للهجرة، وحتى تلك التي يتم استقبالهم بها إلى الآن، فكل ما يهمهم هو زيارة العائلة و”البلاد” كما يصطلح عليها بينهم.. ولولا ذلك لما كان نجم أبناء الجالية المغربية ساطعا اليوم في الفريق الوطني لكرة القدم، بدءا من مايسترو الفريق وليد الركراكي مرورا بقائده رومان سايس والسد المنيع ياسين بونو ومعه الساحر المبدع حكيم زياش ثم سليل أسرة أمرابط التي أعطتنا سفيان أمرابط وقبله أخوه نور الدين أمرابط وكذلك نجم باريس سان جيرمان مرضي الوالدين أشرف حكيمي والمبدع سفيان بوفال والرائع مزراوي والكبير أبو خلال، وآخرين لا يتسع المجال لذكرهم جميعا لأنكم صرتم تعرفونهم جيدا، وصاروا جميعا في نظرنا يحتلون أعلى مراتب الحب والتقدير ومازال العاطي يعطي….
هؤلاء الشباب لعبوا للراية المغربية وغنوا للصحراء المغربية بعد كل انتصار وصدحت أصواتهم ورقصاتهم تلقائيا على نغمات “العيون عينيا والساقية الحمرا ليا”..
كأس العالم كان لنا فيها سفراء آخرون رافقوا فريقنا الوطني منذ انطلاق هذه الدورة إلى نهايتها، وقد لا يكون الكثيرون انتبهوا لدورهم الجميل في رفع راية المغرب والتحدث بلسانه والدفاع عن قضاياه، وأهمها قضيتنا الوطنية، فيكفي أن يقول جواد بدة على قناة بين سبورت وهو ينقل مباريات المغرب “ارفع رأسك أنت مغربي” ومبروك على المغرب من “طنجة العزيزة إلى الكويرة الغالية”، وكذلك تلك اللحظة الراقية التي يهدي خلالها اللاعب الدولي السابق والمستشار الحالي للقناة يوسف شيبو قميص الفريق الوطني داخل الاستوديو إلى زميله القطري محمد سعدون الكواري ويجلعه يصدح بمقطع “الله الله الله” من أغنية المسيرة الخضراء، لنعود بعد الفاصل ونتابع البث والقميص الوطني فوق الطاولة أمام العالم، ونحن نتابع تحليلات الخبراء داخل الاستوديو. هؤلاء السفراء المغاربة من صحفيين ومستشارين دوليين مغاربة لدى القنوات الأجنبية الذين واكبوا مباريات الفريق الوطني غنى منهم البعض وعلى المباشر “نداء الحسن” قائلا مسيرة أم شعب بأولادو وبناتو شعارها سلم وحب والغادي سعداتو” ويتعلق الأمر بالدولي السابق عبد العزيز بنيج ولا ننسى ذكر كذلك اللاعب الدولي السابق بنعطية الذي أبلى البلاء الحسن في الحديث والدفاع عن الفريق أما عمر دافونسيكا وكل الفريق الفرنكوفوني الذي رافق المونديال…
أما كبير المراسلين وقيدوم الدبلوماسيين فقد استحقها الجمهور المغربي بدون منازع الذي حمل معه اللباس المغربي، الأغاني الوطنية والروح الرياضية وصدح ليل مساء بأغاني الصحراء المغربية، وهذا أكبر دليل على أن المغاربة مهما كان موقعهم وأينما حلّوا وارتحلوا وكلما غابوا أو ابتعدوا إلا وزاد حنينهم وحبهم لهذا البلد الأبي الذي ليس مِلكا لأحد بل هو مِلك لجميع المغاربة أينما تواجدوا. لذلك ديما مغرب، وسيييييير سييير على الله ودائما إلى أعلى المراتب هو شعار المرحلة.. ولمن يعتقد أن الأمر سيتوقف بعد كأس العالم فهو مخطئ تماما، لأن المغاربة شعب لا يعرف المستحيل، كانت تنقصه قليل من الثقة وها هي الآن تملأ القلوب وتدفئ الصدور، وكما قال اللاعب المغربي الذي ولد وعاش بفرنسا ويرتدي القميص الوطني المغربي سفيان بوفال: “كانخافو غير من الله واللي جا مرحبا بيه”..
وكما يقال لكل فرس كبوة، فتوقف مسيرتنا في قطر وإن كان في مرحلة مشرّفة جدا، ما هو إلا كبوة فرس سينهض قريبا ويعود للسباق مدججا بجماهيره الوطنية.

بقلم: بشرى مازيه 

Related posts

Top