أكد خبراء ومختصون في مجال الصحة، مؤخرا بالدار البيضاء، أهمية “الرصد الممنهج عند الولادة” في تحديد الأمراض النادرة والتكفل بها، وتوفير العلاجات الملائمة لها.
وأوضحوا، في ندوة نظمها الائتلاف المغربي للأمراض النادرة بشراكة مع (سانوفي جينزيم) في موضوع “التعايش مع مرض نادر”، أن قضية التشخيص تعد من أهم التحديات التي يواجهها المغرب اليوم، مع كل ما يرتبط بها من إشكالات تتصل بالأطر الطبية المؤهلة والمختصة، والموارد المالية، والمعدات الملائمة، والولوج إلى العلاج بأقل كلفة ممكنة.
وأضافوا، في الندوة التي عرفت حضور ممثلي وسائل الإعلام الوطنية وجمعيات المرضى وناشطين في مجال الامراض النادرة، أنه من الضروري تكثيف الجهود للوصول إلى استراتيجية وطنية للتعامل مع هذه النوعية من الأمراض، ورفع التحديات المذكورة، ومرافقة عائلات المرضى وتوفير الدعم لهم، من خلال التوجيه والمواكبة الطبية.
وفي هذا الصدد، اعتبر مدير التواصل والمسؤولية الاجتماعية للمقاولات لدى (سانوفي جينزيم) عزيز يوسفي مالكي أن تنظيم هذا اللقاء، بتزامن مع اليوم العالمي للأمراض النادرة الذي يصادف 28 فبراير من كل سنة، يروم تحسيس وتوعية العموم وصناع القرار بشأن الأمراض النادرة وتأثيرها على حياة الأشخاص المصابين وأسرهم.
وأشار إلى أنه عادة ما يتم تعريف الأمراض النادرة على أنها حالات تصيب أقل من شخص واحد من أصل 2000، غير أنه حاليا تم تحديد حوالي ثمانية آلاف نوع مرضي، فيما يناهز عدد المصابين بأمراض نادرة 350 مليون شخص عبر العالم، ومليون ونصف مصاب بالمغرب، مضيفا أن هذا العدد يفوق إجمالي المصابين بأمراض السرطان وداء السكري.
ومن جهتها أبرزت رئيسة الائتلاف المغربي للأمراض النادرة خديجة موسيار أنه في كل سنة يتم اكتشاف ما بين 200 إلى 300 مرض نادر، مسجلة أن هذه الأمراض تطرح عدة مشاكل تتعلق بالتشخيص وتحديد العلاج، بسبب نقص المعلومات وعدم توفر المراكز المرجعية وقلة الموارد الطبية المختصة، فضلا عن غياب التشخيص عند الولادة.
وللمساهمة في مواكبة المرضى والتكفل بهم، يقوم الائتلاف بتشجيعهم على إحداث جمعيات تساعد على تجميع المعطيات والمعلومات الخاصة بهذه الأمراض، وتقوم بالتواصل مع الجهات المختصة من أجل توفير العلاجات المناسبة وتسهيل الولوج إليها، إلى جانب الانفتاح على الأطباء لتشجيعهم على التعاطي مع هذا النوع النادر من الأمراض.
وشددت، في هذا الإطار، على أهمية القيام بالتشخيص المبكر عند الولادة، لكونه يسهم بشكل كبير في رصد هذه الأمراض في بدايتها، وبالتالي يمكن من الحد من تطورها، وفي حالات أخرى يساعد على التقليص من آثارها الوخيمة على صحة المريض.
فيما قدمت رئيسة مصلحة طب الأطفال بالمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط يامنة كريول عرضا عن أمراض “الليزوزم”، كفئة من الأمراض النادرة الوراثية، وتضم تسعة أنواع منها بالخصوص “غوشو” و”فابري” و”بومب”.
وذكرت أن المصلحة، من خلال وحدة مختصة، تستقبل أطفالا يعانون من هذه الأمراض مرة في الأسبوع أو مرتين في الشهر، والذين يتم التكفل بهم من قبل طاقم طبي متعدد التخصصات، مؤكدة بدورها أهمية إيجاد إطار قانوني للتعامل مع هذه الأمراض، وإحداث وحدات مختصة بباقي المراكز الاستشفائية الجامعية، وتزويدها بالأطر الطبية المؤهلة مع ضمان التغطية الاجتماعية وإدماج الأمراض النادرة في خانة الأمراض المزمنة.
ومن جهته، أبرز مدير شؤون الطبية لمختبرات سانوفي جامع صديق أن هذه المؤسسة تخصص ميزانية هامة لتطوير البحث والتنمية في ميدان الأمراض النادرة، وتحسين تشخيصها عن طريق التكوين الطبي المستمر والتعاون مع جمعيات المرضى عبر التوعية، وتوفير حلول شاملة.
وذكر أنه من الواجب العمل على توفير المعلومات لفائدة المهنيين في قطاع الصحة حول الأمراض النادرة، وتطوير علاجات جديدة، وتجميع السجلات وقواعد البيانات ونشر الدراسات السرية، إلى جانب تنظيم ندوات مختصة بمشاركة مختلف المهنيين، مشيرا إلى أن استراتيجية المؤسسة تسير في اتجاه الاستجابة لتطعات المرضى والتخفيف من معاناتهم.
فيما أكدت مديرة وحدة “سانوفي جينزيم” للأمراض النادرة بشرى أنافلوس أن هذا اللقاء يأتي في سياق المبادرات التي تقوم بها مختبرات سانوفي للتحسيس وتوعية الرأي العام بخطورة هذه الأمراض النادرة، والتعريف بالمشاكل التي يعاني منها المصابون، مشيرة إلى أن خطورتها تتجسد في كونها تتسبب في مجموعة من الأعراض الجانبية، التي قد تؤدي إلى الإعاقة الذهنية أو الإعاقة الحركية أو إلى الوفاة في بعض الحالات.
وقالت إن “سانوفي جينزيم” تعمل على عقد ندوات لتكوين الأطباء المختصين في علاج هذه الأمراض، وتوفير أدوية مختصة لعلاج أربعة أنواع منها “غوشي” و”بومب” و”فابري” والمرض متعدد السكاريد من نوع 1، فضلا عن برنامج مساعدة المرضى وضمان الأدوية بطريقة مجانية.
كما استعرضت حبيبة طلباوي تجربة المختبر المركزي للكيمياء الحيوية في تشخيص هذه الأمراض، مسجلة وجود ضعف كبير على هذا المستوى بسبب الافتقار إلى المعدات الملائمة، وقلة الموارد الطبية المختصة، والعجز في الموارد المادية، ومنوهة إلى تقديم مشروع إلى إدارة المستشفى الجامعي ابن سينا من أجل تجهيز المختبر بمعدات متطورة تساعد على تشخيص جيد لهذه الأمراض، وبالتالي الكشف عن الأمراض الوراثية وتوفير العلاجات الملائمة لها.
خبراء: “الرصد الممنهج عند الولادة” من أهم تحديات مكافحة الأمراض النادرة
الوسوم