أكد عبد الواحد سهيل عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن نظام الحماية الاجتماعية التي أقرها قانون الإطار، تعتبر مشروعا مجتمعيا مهما، نابعا من قرار سياسي مهم جدا، وهو أيضا جزء من التفكير السياسي لحزب التقدم والاشتراكية وجزء من نضاله الطويل الرامي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتقدم المجتمعي.
واعتبر عبد الواحد سهيل، خلال الندوة التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية، الخميس الماضي بالرباط، حول “موضوع الحماية الاجتماعية: الحكامة والتمويل”، وذلك في إطار الإعداد التشاركي للبرنامج الانتخابي للحزب، أن الوقت قد حان لتصبح التغطية الاجتماعية شيئا ملموسا، وأن يكون هناك قانون إطار يحدد هذا الأمر رغم أن مفهوم التغطية الاجتماعية كما تحددها هيئة الأمم المتحدة والمكتب الدولي للشغل هو أوسع مما هو موجود في القانون الإطار.
وبحسب سهيل، فقد حدد المكتب الدولي للشغل، وفق ما هو مضمن في الاتفاقية 102 التي لم يصدق عليها المغرب بعد، تسعة مبادئ أساسية للتغطية الاجتماعية منها على وجه التحديد التعويضات العائلية والتعويضات عن المرض التي هي موجودة في قانون الإطار، وهي متوفرة بالنسبة للأجراء، لكن المستفيدين من نظام المساعدة الطبية (راميد) لن يكونوا معنيين بهذا النوع من التعويضات، بالإضافة إلى مبدأ التعويض عن العطالة والتعويضات عن الشيخوخة والتعويضات عن حوادث الشغل والأمراض المهنية والتعويضات عن الأمومة. لكن على الرغم من كل ذلك فإن قانون الإطار، يضيف عبد الواحد سهيل، يعد تقدما كبيرا، كما أن المستقبل، بحسبه، يعد بالأحسن.
واستبعد عبد الواحد سهيل، خلال هذه الندوة التي أدارتها النائبة البرلمانية توريا الصقلي، عضوة الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، تطبيق كل المقتضيات التي جاء بها قانون الإطار داخل آجال الخمس سنوات، بالنظر إلى بعض العراقيل التي قد تواجه هذا المشروع، مشيرا إلى أن القانون الإطار حدد 22 مليون مستفيد، و7 ملايين طفل سيستفيدون من التعويضات العائلية وذلك بإعمال مبدأ الاستهداف، كمحاربة الهدر المدرسي، بالإضافة إلى بعض الأسرة الفقيرة حسب منطوق القانون، وتوسيع قاعدة المتقاعدين.
وأوضح القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، أن من أبرز الإشكالات التي ستطرح في المستقبل، والتي قد تكون بمثابة المعرقل الأساسي هي إشكالية الانضباط “لدولة الحق”، في إشارة إلى القطاع الغير مهيكل الذي يعتبر في نظره مشكلا حقيقيا، يتعين مواجهته لينخرط الجميع في إطار دولة الحق والقانون، مؤكدا على أنه ليست هناك تغطية اجتماعية دون تنمية اقتصادية، ودون وجود عدالة اجتماعية، والتي تعتبر، في نظره، أسس الفكر التضامني والفكر الديمقراطي والعدالة الاجتماعية.
وبما أنه من غير الممكن أن يستفيد أي شخص يشتغل في القطاع الغير مهيكل من التعويض عن فقدان الشغل، لأنه غير مساهم وهو مختبئ من القانون، فالوضعية المثالية، بالنسبة لعبد الواحد سهيل، هي أن يمكن قانون الإطار من الحد من ظاهرة القطاع الغير مهيكل في بلادنا، وهذا في نظره يعتبر من الأوراش الأساسية التي يجب أن تصاحب هذا المشروع المجتمعي من اجل إنجاحه، مؤكدا على ضرورة فتح نقاش مجتمعي لإقناع الناس بأهمية المساهمة وإلزاميتها بقوة القانون، وأن لا تبقى اختيارية حتى لا يتملص أحد بدعوى أنه غير معني، وحتى لا يكون التضامن مقتصرا فقط على الفقراء، لأنه بدون مساهمة الجميع، أغنياء وفقراء، لن يكون هناك معنى للتضامن، وبالتالي فإن المسألة، في نظره، هي مسالة سياسية واجتماعية يتعين أن تأخذ بعين الاعتبار .
وبحسب المقتضيات التي جاء بها القانون الإطار، أوضح القيادي السياسي، بأنه لن يكون هناك نظام موحد، بقدر ما سيكون هناك تعايش مع أنظمة مختلفة، فحتى بالنسبة لنظام التأمين الإجباري عن المرض هناك، يقول عبد الواحد سهيل، “من هو مشمول بالتغطية من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وآخر مشمول بالتغطية من طرف التعاضدية، وهو ما يعني أن هناك نوعا من تعدد الأنظمة، في الوقت الذي تعاني فيه العديد من التعاضديات من مشاكل يتعين حلها، لإعادة تأهيلها في أفق بلورة نظام موحد يمكن جميع المغاربة من الولوج إلى نفس الخدمات الصحية وبالجودة ذاتها”.
وعلى الرغم من أن التوجه بالنسبة لقانون الإطار هو الانطلاق من ما هو موجود، إلا أنه من الضروري، في نظر عبد الواحد سهيل، الاشتغال على سياسة الالتقائية بين مختلف الأنظمة، مشيرا إلى أن الدولة أصبحت بموجب هذا القانون تضطلع بهذا الدور، بالإضافة إلى أدوارها الأخرى المتمثلة في التمويل ووضع القوانين، فيما ستتكفل مؤسسات مختصة، يحددها القانون، بالجانب المرتبط بالتسيير والتدبير.
وقال عبد الواحد سهيل “إن تعدد الأنظمة والتعايش فيما بينها لمدة معينة، سيجعلنا أمام خدمات اجتماعية مختلفة، وسنكون أمام نظام تتسع فيه القاعدة، لكن ستبقى هناك اختلافات بين الأنظمة، خصوصا حين نصطدم في المستقل بمشكل التقاعد”، مشيرا في هذا الصدد إلى أن مشاكل التقاعد بالقطاع العام لم تحل بعد، وأن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يشتغل وفق ما جاء في قانون 1972 فيما يخص التقاعد، ويضع سقف اقتطاعات لا يتجاوز 6000 درهم، وينمح معاشات للتقاعد لا علاقة لها بالمعيش اليومي. وهي رواتب يمكن وصفها ب “معاشات الفقر”، مشيرا إلى أن هذا الواقع لم تتم إعادة النظر فيه وبالتالي لا يمكن ، يضيف سهيل “أن نطلب من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن يلعب دورا مهما، دون منحه الوسائل والإمكانيات للقيام بذلك”.
وبناء على ما سبق، يرى عبد الواحد سهيل، أن الرؤية حول أنظمة التقاعد تبقى مطروحة، ويتعين أن يفتح حولها نقاش مجتمعي، حتى لا يتحول المغرب إلى بلد المسنين الفقراء، وأن يتحول عوض ذلك إلى بلد يضمن الكرامة لأبنائه من الطفولة إلى الشيخوخة.
ومن ثمة، يؤكد عبد الواحد سهيل أن نظام الحماية الاجتماعية سيطرح مجموعة من الأسئلة التي يتعين الاشتغال عليها من الآن، من قبيل كيف يمكن الاشتغال على الالتقائية بين هذه الأنظمة المتعددة؟ وهل سيتم الاشتغال على هذا الموضوع في أفق 2025؟ وما هي الأنظمة المستهدفة؟ وما نوع الحكامة التي يتعين اعتمدها؟ هي أسئلة أساسية، يرى المتدخل أنه يتعين التفكير فيها من الآن، وهو ما يفرض في نظره إطلاق نقاش مجتمعي، من أجل إيجاد حلول لكل الإشكاليات التي يمكن أن تواجه هذا المشروع المجتمعي.
وبخصوص الجانب التعلق بالتمويل، ذكر عبد الواحد سهيل أن وزير المالية عندما قدم هذا المشروع، تحدث عن 51 مليار درهم، سنويا، تخصص منها 14 مليار لنظام التأمين الإجباري عن المرض، و20 مليار للتعويضات العائلية، ومليار و 600 مليون درهم للتقاعد، فيما سيخصص مليار درهم للتعويض عن فقدان الشغل، وفي نظره لا يمكن أن يستفيد من هذا التعويض الأخير، إلا الأشخاص الذين يشتغلون في إطار القانون، وفي إطار الشفافية، ومن يؤدون الضرائب، حتى لا يكون هناك نوعا من العبث.
من جانب آخر، دعا القيادي في حزب التقدم والاشتراكية إلى ضرورة إعادة النظر في عرض العلاجات، وفي مسلك العلاجات للاستجابة للطلب المتزايد، وبالتالي يضيف المتحدث، يتعين تكوين الأطباء والأطر الصحية والشبه صحية، ووضع سياسة لإنتاج الأدوية، وهو ما يؤكد، بحسبه أن هذا المشروع المجتمعي له تفرعات كبرى على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي وعلى مستوى الحكامة وأيضا على مستوى علاقة المواطن المغربي مع الصحة، كل ذلك في نظره، يفرض نقاشا مجتمعيا وتفكيرا جماعيا من أجل إنجاح هذا الورش المجتمعي الكبير.
من جانبه، تطرق رضا بن عمار مدير الدراسات والتواصل والتنمية بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في معرض مداخلته، إلى التحضيرات التي يقوم بها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل إنجاح هذا الورش الملكي الذي يحظى بدعم ورعاية جلالة الملك محمد السادس، ويهم جميع المغاربة، مشيرا إلى أن قانون الإطار الذي تمت المصادقة عليه، حدد تطبيق تعميم التغطية الاجتماعية خلال الخمس سنوات المقبلة، وأن هذا التعميم يهم محورين أساسين، الأول يهم الإنسان والثاني يتعلق بالجانب المادي.
ومن ثمة، ذكر رضا بن عمار بطبيعة ونوعية الخدمات التي سيتم تعميمها ابتداء من سنة 2022 والتي ستنطلق من التأمين الإجباري عن المرض، حيث سينتقل عدد المستفيدين من هذا التأمين من 8 مليون مستفيد إلى 30 مليون مستفيد، أي 22 مليون مستفيد على مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي دون احتساب موظفي الإدارات العمومية، فيما ستهم التعويضات العائلية 7 ملايين طفل متمدرس سنة 2023.
وخلال سنتي 2024 و 2025 يقول رضا بن عمار، سيتم وضع نظام للتقاعد يهم جميع المستخدمين في المغرب، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بمشروع مجتمعي طموح سيتطلب الكثير من الجهد، وبحسبه فإن تفعيل هذا المشروع وأجرأته، ستتم عن طريق وضع مبدأ التضامن وإعادة التوزيع، مع خلق الآليات الأساسية التي يكون هدفها ضمان نوع من التضامن المهيكل في إطار منظم، من أجل عقلنة إعادة التوزيع بدل الاعتماد على حسن النية.
وأكد رضا بن عمار على أن مبدأ عدم التمييز في تقديم الخدمات سيمكن كل المقيمين فوق التراب الوطني من الاستفادة، وفق مقاربة تقوم على روح العالمية في تقديم هذه الخدمات، وهو المبدأ الثاني الذي سترتكز عليه أجرأة هذا المشروع والذي يفرض أيضا إطلاق حملة للتواصل والتوعية عبر إشراك جميع الفاعلين من أجل تقاسم المعلومة والنصيحة لتوقع المخاطر.
وأوضح رضا بن عمار أن الاستعدادات بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي جارية من أجل أن تكون هذه المؤسسة في مستوى هذه الثورة ، وفي مستوى الثقة التي ستوضع فيها من أجل تدبير هذا النظام، مشيرا إلى أنه يتعين على الصندوق، أن يدمج في أفق 2025 ملايين المستفيدين من نظام التأمين الإجباري عن المرض، وأنه ابتداء من السنة المقبلة سيتم إحداث هيئة للتدبير الموحد من أجل الإشراف على دمج 11 مليون مستفيد من نظام المساعدة الطبية (راميد) في نظام التأمين الإجباري عن المرض الذي يدبره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ليصبح عدد المستفيدين من الصندوق 30 مليون مستفيد سنة 2022 عوض 7 إلى 9 مليون حاليا.
وبالموازاة مع ذلك، يرى المسؤول الإداري أنه يتعين على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي العمل على تحسين جودة الخدمات التي يقدمها، من أجل ضمان ثقة المتعاملين، مشيرا إلى أن ذلك هو السبب الذي دفع بالصندوق لتحديد مهمته الأولى، خلال هذه المرحلة في رقمنة نظام تجميع ومعالجة ملفات المرض التي يتلقاها، ووضع في هذا الإطار هدف الوصول إلى تلقي 80 ألف ملف يوميا، عوض 20 إلى 25 ألف ملف حاليا، مشيرا إلى أن هذا النظام الجديد سيكون جاهزا ابتداء من شهر يونيو المقبل، حيث سيتم الترويج لنموذج رقمي يعتمد على الرقمنة على مستوى الأرشيف وعلى مستوى تلقي الطلبات والذي يتعين أن يشرك جميع الفاعلين المعنيين بمن فيهم مهنيي الصحة.
ولبلوغ هذا الهدف، يقول مدير الدراسات والتواصل والتنمية بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، “سيعمل الصندوق على توظيف 47 وحدة اتصال في جميع أنحاء المغرب عبارة عن وكالات سيتم فتحها في أفق نهاية العام الجاري، وهي الهياكل الجديدة التي سيتم تشغيلها عبر عملية توظيف سواء بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة والتي ستوفر أكثر من ألف منصب شغل”.
وبدوره، وصف محمد الشيكر، رئيس مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال، ورش الحماية الاجتماعي ب”الورش الإصلاحي المهيكل” لكنه لا يستقيم، في نظره، بدون فتح أوراش إصلاحية مواكبة، ولا يتحقق إلا بتحقق مجموعة من الشروط القبلية، التي تشكل مفاتح نجاحه من جهة، واحترام محددات مبدئية من جهة أخرى.
وأوضح محمد الشيكر، في معرض مداخلته، أن هذه الإصلاحات التي يجب أن تواكب هذا الورش المجتمعي، تصنف إلى نوعين من الإصلاحات، واحدة جاء بها قانون الإطار، وتخص المنظومة الصحية ونظام المقاصة، ثم هناك الإصلاح الثالث الذي أشير إليه في قانون الإطار وهو إصلاح الأنظمة الاجتماعية، مشيرا في هذا السياق، إلى أن 51 مليار درهم التي تحدث عنها المشروع، منها 28 مليار درهم التي تأتي من نظام المساهمات، أما 23 مليار درهم فهي موجودة أصلا تأتي من ما سمي إصلاح المقاصة، وبالتالي فالدولة لن تأتي بأي شيء على مستوى التمويل.
وبجانب هذه الإصلاحات التي أشير إليها في القانون الإطار، ذكر رئيس مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال أن هناك إصلاحات لم يشر إليها القانون، وهي على وجه التحديد النظام الجبائي وأنظمة التقاعد، والاقتصاد المركب الذي يمكن أن تجد فيه الاقتصاد المهيكل وغير مهيكل، والاقتصاد الممنوع، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الاقتصاد غير المهيكل، بحسب تعريف المكتب الدولي للشغل والمندوبية السامية للتخطيط، هي الأنشطة التي لا تتوفر على محاسبة، والتي لا يمكن للمحاسبة الوطنية أن تمسك بها، على مستوى القيمة المضافة، تلك في نظره هي الأنشطة التي يعبر عنها بالاقتصاد غير المهيكل، ولذلك ينطبق هذا التعريف على الباعة الجائلين، وعلى الكهربائي أو الميكانيكي، وينطبق أيضا على المقاولات المهيكلة، التي تصرح بجزء من رقم المعاملات ولا تصرح بالجزء الثاني، فهي إذن تعمل في إطار الاقتصاد الغير مهيكل، أو تعمل بنظام مزدوج واحد مهيكل والآخر غير مهيكل.
وفي نظر محمد الشيكر، فإن الإشكالية التي يعيشها الاقتصاد المغربي، هي أن الرأسمالية في المغرب هي طافحة وغير مهيمنة، وأن هناك اقتصاديات، وأن الاقتصاد الذي اتخذه المغرب هو الاقتصاد غير المهيكل، لأنه في البداية لم يكن هناك نظام محاسبة كما نعرفه اليوم، مشيرا إلى أن الإشكال الكبير هو غياب الشفافية، وأن الحل في نظره، يكمن في تحديد صيغة محاسباتية معينة، باتفاق مع المعنيين بالأمر لتخصيص جزء من القيمة المضافة، التي تخلق عن طريق الاقتصاد غير المهيكل، أي ضرورة الاشتغال على إقناع المشتغلين في هذا القطاع بضرورة إيجاد نوع من المحاسبة، بالإضافة إلى تنظيم الحرف كما كان الأمر في الماضي خاصة في المدن القديمة، مشيرا إلى أنه إذا ما تحقق ذلك سيساهم في حل العديد من المشاكل .
وأضاف محمد الشيكر أن هذه الإصلاحات، ستكون لها كلفة مادية، لكن تلك الكلفة ستتحول إلى مصدر لموارد قارة، محبذا أن تكون مصادر تمويل الحماية الاجتماعية مستقلة عن ميزانية الدولة، حتى لا يأتي يوم من الأيام ويتم التخلي عنه بدعوى ارتفاع الكلفة، أو بدعوى ضغط الإكراهات الخارجية كما وقع مع المقاصة، مشيرا في السياق ذاته، إلى أن الهدف من ذلك، هو توسيع قاعدة المساهمة وتقليص نظام المساعدة إلى أبعد حد، وسيكون لذلك، في نظره تأثير إيجابي على هذا المشروع، وسيضمن احترام كرامة الإنسان.
وفيما يخص النقطة الثانية المتعلقة بالشروط القبلية لتعميم الحماية الاجتماعية، أكد محمد الشيكر على ضرورة سمو القانون، وأن ذلك لا يتطلب أي شيء، فقط أن تكون هناك إرادة سياسية، ليندرج الجميع تحت طائلة القانون، والقطع مع الامتيازات ومحاربة الريع، مشيرا في هذا الإطار إلى ضرورة احترام قانون الشغل من خلال التصريح بالعمال واحترام الحد الأدنى للأجر، واحترام العمل اللائق وغير ذلك.
ومن ضمن الشروط القبلية لإنجاح هذا الورش، يؤكد محمد الشيكر، على ضرورة الحفاظ على القدرة الشرائية للطبقة الوسطى بصفة خاصة، والأجراء بصفة عامة، بالإضافة إلى إصلاح القطاع الاجتماعي، من خلال القيام بإصلاح جذري لكل المؤسسات والحسابات والصناديق الخاصة التي تندرج في إطار القطاع الاجتماعي، والتنسيق بين الفاعل العمومي والفاعل الخصوصي وفق صيغة، على شكل هيئة يمثل فيها كل المتدخلون يكون دورها التنسيق والتتبع، بالإضافة إلى التفكير في ضرورة اعتماد مالية اجتماعية على غرار المالية العمومية.
وذهب محمد الشيكر إلى التأكيد على أن تلك الإصلاحات التي أوردها، هي رهينة باحترام مجموعة من المحددات والمبادئ الأساسية وفي مقدمتها إعادة الاعتبار للإنسان وجعله ليس فقط وسيلة، ولكن هدفا في حد ذاته، وهذا يقتضي في نظره إعادة النظر في علاقة الاجتماعي بالمحاسباتي، واختيار من له الأولوية. هل التوازنات الاجتماعية والمجتمعية، أم التوازنات المالية، مشيرا إلى أن احترام كرامة الإنسان، تقتضي تمكينه من الاستقلال المالي، ومن ثمة يؤكد المتحدث على أن الأولوية القصوى لإنجاح هذا المشروع هي التشغيل، مما يفرض إعادة النظر في الاقتصاد المغربي المركب، وإطلاق الأشغال الكبرى التي تعتمد على الإنسان وعلى السواعد من قبيل شق المسالك والطرقات لفك العزلة عن المناطق الجبلية والقروية..
ويرتكز المبدأ الثالث الذي ساقه رئيس مركز الدرسات والأبحاث عزيز بلال، على تعبئة الموارد المالية خارج المالية العمومية، الذي أكد على ضرورة التفكير في تعبئة موارد خارج المالية العمومية، مقترحا في هذا السياق، إصلاح الوقف، واستغلال تقنين الكيف، للاستفادة من موارد إضافية لتمويل الحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى تنظيم الزكاة والهبات، وأيضا فرض رسم على الوافدين على الوطن يخصص لصندوق الحماية الاجتماعية، وفرض رسم على التلوث، وإعطاء الأهمية لنظام التكافل.
وبخصوص المبدأ الرابع الذي ساقه محمد الشيكر يتعلق بإعادة النظر في دور الدولة، ليصبح من مهامها ضمان الرفاه للمواطنين، ووضع الاستراتجيات بالإضافة إلى وظيفة الضبط والتقنين وأيضا دور الدولة المقاولاتية أي التي تساهم في تحريك الاقتصاد عبر صيغ ممكنة ومبتكرة، قد تكون بشراكة مع القطاع الخاص.
وشدد رئيس مركز الدرسات والأبحاث عزيز بلال على أن احترام الشروط القبلية والمحددات المبدئية التي أوردها، سيؤدي بالضرورة إلى توسيع قاعدة المساهمة وتقليص قاعدة المساعدة، والتي يمكن تقليصها أيضا، يضيف المتحدث، عن طريق توفير دخل للكرامة أو تطبيق الضريبة السلبية، مشيرا إلى أن التغطية الاجتماعية، تعد أيضا، رافعة للتشغيل، ورافعة للتوفير المؤسساتي الذي يجب التفكير في طريقة توظيفه واستثماره.
> محمد حجيوي
> تصوير: رضوان موسى