دار الشعر بمراكش تحتفي بتجربة الشاعر محمد واكرار

أجمع المتدخلون في احتفالية الدورة الثامنة لـ “تجارب شعرية”، والتي خصصتها دار الشعر بمراكش لتجربة الشاعر محمد واكرار، على فرادة تجربة إبداعية وشعرية أسهمت في تحديث القصيدة المغربية بالأمازيغية.. كما نوه المتدخلون، الذين التأموا في فضاء تانيت الفني بأورير (مدينة أكادير) أمسية السبت 24 فبراير، إلى أن قصائد محمد واكرار “لا تتوقف عن إعادة تشكيل العالم وعلى الكتابة الاستعارية لبناء منجز شعري مختلف، حتى تصبح الكتابة الشعرية، نفسها، موضوعا للتأمل والتفكير”. هذا الوعي النصي الجديد، جعل من تجربة الشاعر محمد واكرار تسعى دوما لأفق تحديث القصيدة المغربية المكتوبة باللغة الأمازيغية وتجاوز النمط التقليدي.. إلى جانب انفتاحها، هي أيضا، على الأغنية الأمازيغية من خلال رموزها الكبار.
وشارك في الدورة الثامنة لـ “تجارب شعرية” ثلة من الشعراء والنقاد: الشاعرة أمينة إيقيس والباحث رشيد أوترحوت والشاعر والفاعل الجمعوي الحسن الكامح، بينما أحيت الحفل الخاص بالمناسبة الفنانة زورا تانيرت إلى جانب العرض الفني الحي للحروفي والفنان لحسن الفرسيوي.
كما كرمت دار الشعر بمراكش، ضمن فقرة “استعادة” ترسيخا لثقافة الاعتراف برواد الحركة الثقافية والجمعوية لأورير، الفاعل الجمعوي الراحل الأستاذ عبد الله بليليض، مؤسس الملتقى الوطني للشعر الأمازيغي وجمعية أورير للثقافة والرياضة.
وقدم الشاعر الحسن الكامح ورقة وسمها بـ “أيقونة الشعر الأمازيغي محمد واكرار”، في محاولته الإجابة على سؤال “من هو محمد واكرار؟” معتبرا تجربته خارجة عن المألوف وتتجاوز الشعر الشفاهي، بل ذهب الكامح إلى التأكيد أن الشاعر محمد واكرار قد استطاع تغيير طريقة الكتابة الشعرية الأمازيغية، لأنه متشبع بالحداثة وأسئلتها.. والتأكيد أيضا على بلاغة اللغة الأمازيغية وقدرتها على شعرنة الذات والعالم. لقد استطاع الشاعر واكرار، ينوه الشاعر الكامح، “أن يشق طريقه نحو الريادة في تحديث القصيدة الأمازيغية بجرأته على اختراق اللغة وتثويرها وتطويعها على حمل رؤى جديدة”.
واستعادت الشاعرة أمينة إيقيس صورة الشاعر محمد واكرار، المتجددة إبداعيا وإنسانيا، حيث “لم يكن يوما، الشاعر محمد واكرار، شاعرا أمازيغيا عاديا يحشد المفردات ليبذلها على عتبات أرض اللغة، لقد كان منذ البدء ومازال ذلك الشاعر “أمدياز” المبدع الخلاق المقرونة كلمته “تاكوري” بالدهشة. ذلك الشاعر البوهيمي “أمكسا” الذي تقوده البديهة والارتجال إلى أعلى مرتفعات الروح صاعدا بها من بئر الصدر ليتحقق المنجز الشعري الأمازيغي الحداثي العظيم”. محمد واكرار، تؤكد الشاعرة إيقيس، “فلتة شعرية نبيهة لا تستنسخ تجربة إبداعية بعينها، عشق الحاج بلعيد وأبو بكر أنشاد وسيدي حمو الطالب، افتتن بالروايس ومجموعة انزنزارن وأوسمان وأرشاش، فأسس لنفسه بكل هذا التعدد الخلاق مكانا بارزا في الموجة الشعرية الجديدة والحديثة مع شعراء آخرين كالشاعر مبارك بولكيد والشاعر صدقي أزايكو..”
وقدم الباحث رشيد أوترحوت “ما يشبه البورتريه.. محمد واكرار سيرة شاعر مختلف”، شاعر كبير ومجدد في الشعرية الأمازيغية المعاصرة، ليس فقط بالنظر إلى منجزه النصي، ولكن اعتبارا أيضا لاختياراته المجازية. سيرة الشاعر محمد واكرار، هي أيضا سيرة “المسالك المعتمة وخشبات مسرح الهواة واقتراب الجسور من النص الجديد واللغة الجديدة والمنهج الجديد وزواج “ذلك القلق الفلسفي العميق والمخصب”. محمد واكرار، أهياض، الشاعر المشدود إلى الكتابة والكتابة وحدها والمبدع الوفي للتخيل الحرون والعمل الغامض، حريص على عزلته ومنصرف إلى إقامته السرية حيث الكتابة بصمت مهيب”….
يأتي الشاعر محمد واكرار من معين رواد ورموز الحركة الشعرية المغربية، المكتوبة بالأمازيغية، بل استطاع أن ينفتح على صياغات جديدة ورؤى وإبداع شعري، لقصيدة تنصت لراهنها وتنفتح على آفاق إبداعية رحبة. واكرار، أحد أيقونات الشعر المغربي، يقول في أحد نصوصه:
“له الطريق ولي الحجر/ هو الجلد اليابس وأنا الأفعى/ له عروس المطر/ ولي دموع الريح”، (…)
“أردت أن أقبله/ فأعماني/ ومد يده كي يصفعني/ فصارت المرآة شظايا/ فأدماني”.
وعن علاقة تجربة الشاعر محمد واكرار بالفنان الراحل عموري مبارك، والتي سعت في لحظة متقدمة من تجربته الفنية الانفتاح على تجارب جديدة، تحدثت الفنانة زورا تانيرت عن تجربة “أمل سيفاو”/2015، والتي سعى الفنان عموري مبارك إلى اختيار قصائد واكرار، في تمردها وجرأتها في البناء الشعري واختياراتها اللغوية ورؤيتها.. ويبدو ذلك جليا في أغنية “لست موجودا ولا أملك شيئا”، وأكدت زورا زوجة الفنان الراحل، أن “الفنان عموري مبارك تعامل مع الشاعر محمد واكرار حيث لحن له عدة قصائد أخرى، كقصيدة «تيسيت» (المرآة)، كما لحن قصيدة «ءوريي د ياغ» (أنا مشغول).. وأخرى لحنها للفنانة زورا تانيرت نفسها”، والتي قدمتها في اختتام برنامج تجارب شعرية.
الحفل الفني كان حوارا شعريا وفنيا خالصا، أهدى الحروفي الفنان لحسن فرساوي، المتوج السنة الماضية بجائزة محمد السادس لفن الحروفيات، لوحة فنية كانت محط اشتغال فني حي أثناء انعقاد اللقاء، اشتغل فيها على أحد المقاطع الشعرية لمحمد واكرار. فيما قدمت الفنانة زورا تانيرت أغانيها مع المجموعة، ضمن حوار آخر، قدم الشاعر المحتفى به قصيدته فيما قامت الفنانة زورا بأدائها أمام جمهور تجارب شعرية.
هذه الفقرة التي سهرت دار الشعر بمراكش، من خلالها، على الاحتفاء بتجارب إبداعية مغربية، من شجرة الشعر المغربي الوارفة، هي برمجة شعرية ونقدية، والتي سبق لها أن استقصت تجارب الشعراء والنقاد المغاربة: (محمد بنطلحة، أحمد بلحاج آيت وارهام، مليكة العاصمي، محمد الشيخي، مبارك الراجي، سليمة أمرز، وجمال أماش، ونبيل منصر)، وعادت في مدينة أكادير، بفضاء تانيت ببلدة أورير، شمال أكادير، إلى تأمل مسار الشاعر محد واكرار، أحد رموز الحداثة الشعرية المغربية ضمن سعي دار الشعر بمراكش الدائم الى الاحتفاء بالتعدد اللغوي والثقافي المغربي المتسم بالغنى والثراء والاختلاف..

Top