الأجوبة التي ساقها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أول أمس الاثنين، بمجلس النواب، توحي بأن كل برامج الحكومات السابقة، فاشلة، إلا برنامج مخطط المغرب الأخضر، وحده الذي بلغت منجزاته مستوى الطموحات التي كان ينتظرها المغاربة، وحقق الأهداف المنتظرة منه، خاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي.
هكذا كان لسان حال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية، بمجلس النواب والتي تمحورت حول موضوع “الرؤية الحكومية لإرساء منظومة وطنية للسيادة الغذائية”، حيث أثنى بشكل كبير وملفت على ما وصفها بـ “منجزات مخطط المغرب الأخضر”، التي قال إنها بلغت “الطموح المسطر والأهداف وحققت الأهداف المنتظرة منه، لاسيما فيما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي للمغاربة”، في الوقت الذي اعتبر فيه الكثير من المتتبعين أن ما جاء على لسان رئيس الحكومة الحالي، ووزير الفلاحة في الحكومات السابقة، مجرد تغليط للرأي العام، لأن هذا المخطط، وإن كان مهما في بعض جوانبه، إلا أنه أخطأ الموعد مع طموح المغاربة في تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، وضمان الأمن الغذائي.
في هذا السياق، تساءل رشيد الحموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، في إطار تعقيبه على جواب رئيس الحكومة، حول ما إذا كان بالفعل مخطط المغرب الأخضر قد حقق غاية الأمن الغذائي للمغاربة؟ مشيرا إلى أن هذه الغاية مرتبطة بشكل وثيق بالسياسات العمومية الهادفة إلى ضمان العيش الكريم، وحماية القدرة الشرائية للمغاربة، في الوقت الذي أخفقت فيه هذه الحكومة في مواجهة موجة غلاء الأسعار.
وبما أن الحق في الغذاء هو حق من حقوق الإنسان وفق ما تنص عليه المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد شدد رشيد الحموني على أن قضية السيادة الغذائية، باتت اليوم مطروحة في العالم، وبحدة أكبر في المغرب، وتفرض في نظره “التركيز أكثر على إنتاج ما نستهلكه، وعلى استهلاك ما نـــنتجه، وفق مواردنا، ووفق احتياجاتنا الوطنية، وليس بالخضوع إلى مصالح المتحكمين الكبار في سوق الأغذية، دوليا ووطنيا”، مسجلا في السياق ذاته، أن السيادة الغذائية تفرض إحداث منظومة وطنية متكاملة تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، كما أكد على ذلك جلالة الملك محمد السادس.
كما تساءل رشيد الحموني عن مقومات الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي؟ في الوقت الذي يضطر فيه المغرب إلى استيراد الحبوب والأبقار واللحوم والسكر والزيت إلى غير ذلك، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تقتضي فيه الموضوعية الإقرار بأن السياسة الفلاحية ببلادنا راكمت عدداً من النجاحات، لا سيما من حيث تكثيف وتنويع الإنتاج؛ والزيادة في التصدير؛ وتطوير البحث العلمي الزراعي، إلا أن ذلك يفرض في نظره، الاعتراف بأنه بقدر ما ارتفعت وفرة بعض المنتوجات، بقدر ما نشهد غلاء غير مسبوق يفوق إمكانيات المواطنين.
ومن بين الإخفاقات التي أوردها، رشيد الحموني في معرض تعقيبه، هي أن معظم أشكال الدعم المالي استفاد منها، في المقام الأول، كبارُ الملاكين في حين لا يزال الفلاحون الصغار والمزارعون يعانون، حيث أن ثلاثة أرباع من الفقراء موجودون في الوسط القروي، يضيف رئيس فريق حزب الكتاب، الذي أكد أن هذا الوسط فقد مؤخرا 229 ألف منصب شغل حسب ما أوردته المندوبية السامية للتخطيط.
وعبر رشيد الحموني عن استغرابه لإصرار الحكومة على تقديس مخطط المغرب الأخضر واعتبار مناقشته موضوعا محرما، ويُثير حساسية مفرطة، وكأنه موضوع شخصي لا يحق لأحد الاقتراب منه أو المطالبة بتقييمه ومراجعته، والحال أنه لا يُوجد أي مخططٌ في العالم يَنجح 100 بالمائة.
وانطلاقا من موقع حزب التقدم والاشتراكية في المعارضة المسؤولة والبناءة، دعا رشيد الحموني حكومة عزيز أخنوش إلى الحفاظ على حق الأجيال اللاحقة في الموارد الطبيعية؛ والتوازن بين السوق الداخلية والخارجية؛ وتحقيق الاكتفاء الذاتي الأساسي؛ وتحسين الظروف المعيشية للفلاحين والكسابة الصغار، والرفع من دخل العمال الزراعيين؛ والاهتمام بالفلاحة الأسرية والتضامنية؛ والاستثمار في الزراعات المستدامة؛ وإصلاح أسواق الجملة؛ وزجر المضاربات والاحتكار؛ وجعل الإنتاج السمكي في خدمة المستهلك المغربي أولاً؛ وتطوير الصناعات الغذائية والزراعية.
وبما أن غلاء الأسعار هو المصدر الأول لقلق المواطن المغربي، تساءل رئيس فريق التقدم والاشتراكية، عن تلك الوعود التي أطلقتها الحكومة، والمتمثلة أساسا في دخل الكرامة، والزيادة في الأجور والمعاشات، وتوسيع رقعة الطبقات الوسطى في الوسط القروي، وتحقيق 4 بالمائة كنسبة نمو، وعن مآل إحداث 200 ألف منصب شغل قار سنويا، وإخراج مليون أسرة من وضعية الفقر.
وذكر الحموني بمقترحات حزبه التي دعا فيها إلى التسقيف المرحلي للأسعار ومراقبة اختلالات التسويق؛ والزجر الصارم للممارسات الفاسدة لبعض كبار الوسطاء والمضاربين؛ وإجراء تقييم فوري لدعم أرباب النقل؛ وتوظيف المداخيل الضريبية الإضافية والاستثنائية في تقديم الدعم المباشر للأسر الفقيرة؛ وإلغاء TVA و TIC على المواد الأكثر استهلاكا؛ وتنقية قطاع المحروقات؛ وتمكين مجلس المنافسة من المراسيم اللازمة لعمله.
وأكد رشيد الحموني على أن تصور فريق التقدم والاشتراكية للسيادة الغذائية، ينطلق من كونها جزء لا يتجزأ من هويته، التي تجعل كرامة الإنسان المغربي في قلب هذا التصور، وأن من حق كل مواطن أن يتوفر على الغذاء بشكل كاف ومضمون، وبأسعار مناسبة للدخل.
< محمد حجيوي