يفتتح البرلمان المغربي، يومه الجمعة، الدورة البرلمانية الثانية من السنة التشريعية الحالية، والتي تتميز بأجندة تشريعية مهمة وقضايا اقتصادية واجتماعية ذات راهنية حيث من المقرر أن تتم المصادقة على ثمانية مشاريع قوانين جاهزة دون أن يتم برمجة أي مقترح قانون ضمن جدولة هذه الجلسة وفق ما تم تأكيده من أكثر من مصدر، علما أن الرهان معقود على هذه الدورة للارتقاء بمستوى النقاش السياسي والتعاطي بمايلزم من الجدية مع القضايا التي تشغل بال الرأي العام وفي مقدمتها غلاء أسعار المواد الأساسية.
وأمام هذا المعطى وللتخفيف من تبعاته، خاصة وسط الفرق والمجموعة النيابية، والتي سبق وأبدت انتقادات بشأن استئثار الحكومة بسلطة التشريع وعدم تجاوبها مع مقترحات القوانين التي تقدمها الفرق والمجموعة النيابية، بادر مجلس النواب خلال انعقاد مكتبه إلى مناقشة مسألة الرفع من نسبة مقترحات القوانين والدفع بها نحو مسار المناقشة والتصديق، شرط أن يتم هذا المسار عبر لجنة خبراء سيتم تكوينها لغربلة المقترحات ودراستها والتأكد من عدم مساسها بالتوازن المالي للدولة ومدى انضباطها لمنطوق الدستور قبل إحالة كل نص حسب الموضوع على اللجان النيابية المختصة.
وكانت عدد من الفرق والمجموعة النيابية قد أبدت قلقا بالغا حيال التجاهل الذي تلقاه مقترحات القوانين التي يتقدمون بها والتي تجاوز عددها المائة مقترح قانون، تم التجاوب مع 21 منها وفق إحصائيات بشان هذا الموضوع.
ولفتت الملاحظات التي ساقتها الفرق والمجموعة النيابية بخصوص إشكالية عدم التفاعل مع مقترحات القوانين، إلى أنه من النادر ما تتفاعل الحكومة مع مقترحات القوانين وفي حال ما قامت بذلك يكون بعد مرور سنوات على وضع مقترح القانون، مشيرين إلى أن ضعف التفاعل لايأتي فقط من الحكومة وحدها كجهاز بل أيضا من طرف بعض القطاعات الحكومية التي لاتبدي تجاوبا مع مقترحات القوانين المقدمة.
بهذا الخصوص، أكد رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، أن الرهانات المطروحة اليوم تهم ثلاثة محاور أساسية، كما ورد في خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحالية، وهي الأمن الغذائي والأمن الصحي والأمن الطاقي، لافتا أيضا إلى رهان آخر لايقل أهمية ويتعلق بمواجهة ارتفاع الأسعار.
وأوضح رشيد حموني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المعارضة البرلمانية قدمت اقتراحات للحكومة، وتأمل أن تلقى تجاوبا من طرف الحكومة، مشيرا في هذا السياق إلى أن حزب التقدم والاشتراكية تقدم بمقترح قانون يتعلق بإحداث “الوكالة الوطنية لتوزيع المنتجات الغذائية”.
ويروم مقترح القانون الذي يتضمن 23 مادة، وضع آلية مبتكرة ومندمجة لتسويق المنتجات الفلاحية، وتأطيرها تشريعيا للحد من غلائها، في أفق اعتماد سياسة عمومية جديدة تنصب على تأهيل وتنمية أسواق الجملة، ومعالجة ما يتصل بها من المظاهر التي تعد اليوم من العوامل التي أدت إلى ارتفاع الأسعار.
ودعا رئيس الفريق البرلماني في هذا الإطار إلى “تجاوز المزايدات والصراعات لإيجاد حلول عملية لدعم القدرة الشرائية”.
وبخصوص الأجندة التشريعية للدورة الربيعية، أفاد حموني، على الخصوص، بأن لجنة القطاعات الاجتماعية صادقت على خمسة مشاريع قوانين مهمة تتعلق بالورش الملكي المرتبط بالتغطية الصحية، حيث تمت المصادقة على مشاريع القوانين المتعلقة بالوظيفة الصحية، وبإحداث كل من الهيئة العليا للصحة، والوكالة المغربية للدم ومشتقاته، و الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، و المجموعات الصحية الترابية.
وأبرز أن هذه النصوص “هي بمثابة عمل تأسيسي لتغطية صحية شاملة وخدمات صحية في المستوى”، مضيفا أنه لا يمكن ملاحظة أثر هذه القوانين إلا بعد عشرين سنة، أي بعد تعاقب أربع حكومات، وم نب ها إلى “رهان” تدبير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لإجراءات الانخراط والاشتراك في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض.
وذكر البرلماني بأن حزبه تولى سابقا تدبير قطاع الصحة ويعي جيدا الإكراهات المطروحة، منبها إلى المعطى المتعلق بالعامل الزمني والإمكانيات البشرية والمالية والتي تعتبر حاسمة في بلوغ منظومة صحية وطنية متكاملة، إضافة إلى مساهمة القطاع الخاص باعتباره شريكا.
< فنن العفاني