رشيد حموني يسائل وزيري الفلاحة والتجارة حول مدى صحة ادعاءات الحكومة بدعم قطاع الدواجن

أثارت تصريحات حكومية بشأن صرف دعم لمهنيي الدواجن من أجل تقليص أسعار اللحوم البيضاء التي ارتفعت بشكل قياسي خلال الأسابيع الماضية، جدلا واسعا في أوساط المهنيين.
ونفت عدة مصادر مهنية تمثل هيئات وجمعيات مختلفة لمهنيي الدواجن هذه التصريحات التي صدرت عن وزير التجارة والصناعة بشأن صرف دعم استثنائي لمهنيي الدواجن في إطار دعم المواد الاستهلاكية التي تعرف ارتفاعا في تكلفة الإنتاج من أجل تخفيض السعر لدى المواطنات والمواطنين، معتبرين أن هذا الأمر بعيد عن الصحة ولا يعد أن يكون مجرد تصريحات.
وعبرت عدد من الهيئات عن نفيها القاطع لتلقيها أي دعم من الحكومة أو وزارة الفلاحة أو أي جهة أخرى، مشيرين إلى أن السعر انخفض لاتفاقات جرت بين وزارة الفلاحة وبعض الهيئات المهنية، التي بدورها لم تؤكد أنها تلقت درهما واحدا كدعم.
في هذا السياق، وجه رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب سؤالا كتابيا لكل من وزير التجارة والصناعة، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات حول مدى صحة ادعاءات الحكومة بتقديم دعم لقطاع الدواجن.
وقال حموني في معرض سؤاله إن أسعار معظم المواد الغذائية تعرف ارتفاعا قياسيا وغير مسبوق، بما جعل الأسر المغربية تئن تحت وطأة الغلاء وتدهور قدرتها الشرائية. متابعا في سؤاله “ومن خلال متابعتنا الدقيقة لإجراءات الحكومة، المطلوب اتخاذها من أجل الحد من هذا الغلاء، اطلعنا، على غرار الرأي العام الوطني والمهنيين المعنيين، على تصريح إعلامي تلفزيوني على القناة الثانية، صادر عن أحد الوزراء، مفاده أن الحكومة قدمت دعما لقطاع الدواجن، وأن مربي الدواجن تلقوا من الحكومة دعما مباشرا”.
وأشار حموني إلى أن هذا التصريح الحكومي قابله تكذيب من قبل الجمعية الوطنية لمنتجي لحوم الدواجن، وذلك من جراء ما سببه من احتقان والتباسات وسط المهنيين المتضررين بدورهم من ارتفاع تكلفة الإنتاج وتقلبات أثمنة البيع، في ظل ضعف القدرة الشرائية للمواطن المغربي.
ودعا حموني، في هذا الإطار، الوزيرين المعنيين إلى إيضاح ملابسات هذه المسألة إلى الرأي العام، متسائلا في نفس السياق عن الإجراءات التي ستتخذها الحكومة من أجل تصحيح مسار التصريحات الحكومية ذات الصلة بأسعار المنتجات الفلاحية والغذائية.
كما ساءل رئيس فريق التقدم والاشتراكية الوزيرين المعنيين حول الإجراءات التي تعتزم مصالحهما القيام بها من أجل خفض أسعار الدواجن ولحومها في الأسواق المغربية، لاسيما وأن شهر رمضان على الأبواب.
من جهته، كشف محمد أعبود رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم أن المهنيين لم يتلقوا أي دعم مباشر كما جاء على لسان وزير في الحكومة، موضحا أن جميع المهنيين والفلاحين العاملين في هذا المجال لم يتوصلوا لحدود اللحظة ولو بدرهم واحد كدعم.
وأوضح أعبود أن أسعار الدجاج والدواجن واللحوم البيضاء عموما عرفت تراجعا فعلا في الأسعار بعد تصريحات الوزير، حيث بدأت الأسعار تتراجع من حاجز 17 درهم إلى حوالي 12 درهما، إلا أن صيغة الأمر غير واضحة ومفهومة حسب المتحدث.
وكشف أعبود أن المهنيين وبسبب التصريحات الحكومية أصبحوا يسجلون خسائر مهولة، حيث أن التكلفة الحقيقية للإنتاج تبلغ حوالي 17 درهما لدى المهنيين والمنتجين العاملين في مجال الدواجن، فيما ثمن البيع في السوق وفق الحكومة محدد في 12، متسائلا عمن سيعرض المهني في خسارة 5 دراهم.
وعبر أعبود عن استغرابه من هذا الانهيار في السعر بعد تصريحات الحكومة وبعد اجتماعات حصرها وزير الفلاحة مع هيئة مهنية واحدة، وهي الهيئة التي بدورها نفت تصريحات الوزير بخصوص الدعم المباشر والتي أكدت أنها لم تستفد من أي دعم، حيث قال إن هذا الأمر يطرح شكوكا حول جدية وزارة الفلاحة في حل هذه الإشكالية ويطرح أكثر من سيناريو للاجتماع الذي جمع الوزير ببعض المهنيين، مضيفا أن الأمر محير ويفتح الباب أمام مجموعة من الشكوك والشبهات.
ودعا رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم إلى فتح تحقيق جدي ومسؤول حول هذه التصريحات وحول مدى صحة صرف هذا الدعم، وكذا فتح تحقيق آخر في حالة ما إن كان فعلا هناك دعم قد صرف، وتحديد المهنيين أو الجهات التي استفادت منه.
من جهة أخرى، دق أعبود ناقوس الخطر إزاء الوضعية التي أصبح يعيشها المهنيون بقطاع الدواجن، حيث كشف أن ارتفاع الأسعار الذي ربطته الوزارة المعنية بضعف الإنتاجية لدى الفلاحين خاطئ، لكون الضعف لا يكمن في الإنتاج وإنما في عدد المنتجين أنفسهم الذين قل عددهم بشكل كبير بسبب الخسائر المتوالية وإفلاس مجموعة من المقاولات العاملة في المجال.
ولفت أعبود إلى أن السياسة العامة التي حددها مخطط المغرب الأخضر كانت تهدف إلى توفير اللحوم البيضاء بأقل من 8 درهم لعموم المواطنات والمواطنين في 2012، موضحا أن هذا الرقم لم يتحقق وأن الحد الأقصى الذي كان يجب أن تصله أسعار اللحوم في الفترة الحالية هو 10 دراهم، معتبرا أن العراقيل الفعلية الموضوعة في وجه القطاع هي من ترفع تكلفة الإنتاج وتكلفة السعر الموجه للمستهلك والتي تفوق 17 درهما.
ومن ضمن هذه العراقيل، كشف أعبود عن ارتفاع أسعار الأعلاف بالرغم من انخفاضها دوليا، مشيرا إلى أن هذا الموضوع كان موضوع مراسلة من المهنيين للوزير المعني من أجل التدخل لدى الشركات المحلية وخفض أسعار الأعلاف بما يعود بالنفع على المهنيين وعلى المستهلك من حيث ثمن الموجه للاستهلاك، إذ أوضح أن الوزارة لم تتدخل، كما لم تتدخل فيما يتعلق بالضرائب المفروضة وكذا حجم الفوائد التي تفرضها البنوك.
واعتبر أعبود أن مجموعة من هذه المشاكل أدت إلى إفلاس عدد كبير من المقاولات الفلاحية في مجال الدواجن، حيث دعا إلى إعادة النظر في هذا القطاع وتسهيل العمل أمام المهنيين من أجل أن تعود جميع المقاولات لطبيعة عملها وأن تحقق الاكتفاء الوطني وسعر معقول يخدم مصالح الجميع.
وشدد أعبود أن وزارة الفلاحة مسؤولة بشكل مباشر أمام ما يعيشه القطاع، داعيا إلى التخلص من سياستها الحالية والضغط على المهنيين، والبحث عن سبل أنجع تحفظ كرامة المهنيين وتحفظ المقاولات من جهة، ومن جهة أخرى تفعل آليات المراقبة والتتبع من أجل مصلحة المقاولة وما يتعلق بالجودة في الإنتاج وكذا ما يتعلق بحماية المستهلك وضمان أسعار معقولة ومستقرة بالسوق الوطني.

< محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top