العديد من المخرجين المغاربة فشلت أعمالهم بسبب سوء اختيار الممثلين
يحتل” الكاستينغ” مكانة مرموقة داخل منظومة صناعة الفيلم، إذ يتعلق الأمر باختيار الممثلين، وهي مهمة صعبة ومعقدة، من حيث أن مسؤولي الكاستينغ والمخرجين والمنتجين يعملون على اختيار الممثلين من خلال خلفيتهم الخاصة، مما جعلها أحد المشاكل الرئيسية في أن يتم تحقيق النجاح في اختيار الممثلين الذين يعملون بطريقة منسجمة مع الدور وهذا ما يجعلنا نتساءل :
ماذا نعني بالكاستينغ في السينما؟ ومن المسؤول عنه ؟ وكيف تتم هذه العملية؟ وبناء على أية معايير يتم اختيار الممثلين؟ هل يتم اختيار الكفاءة أم اختيار الأقرب فالأقرب من الأصدقاء؟
في موسوعة العمل السينمائي يشير مصطلح “الكاستينغ” (Casting )، إلى اختيار الممثلين بناء على فكرة المخرج، واعتماد على فكرة الفيلم، فعلى المخرج أن يكون مستعدا ليتحمل المخاطر الإبداعية لاستخدام ممثلين غير محترفين، هذا يمكن أن يتطلب شهورا من البحث والاختبار بواسطة “مدير الكاستينج”. فهو يقوم بدور معقد و صعب في التواصل مع قائمة من الممثلين السينمائيين من أجل الاختبار ، فعملية اختيار الممثل تهدف إلى تحديد مجموعة من الصفات و المميزات في شخصية الإنسان التي تتوافق مع الدور الذي سيشخصه.
إن المسؤول عن مهمة اختيار الممثلين هو “مدير الكاستينغ”، حيث يعمل جاهدا من أجل تقديم طاقم مثالي من الممثلين للمخرج، ويعمل مع عدد من المساعدين ”مساعد الكاستينغ” من أجل التأكيد أن كل شخص تم اختياره سيعمل في المكان المناسب له في وقت زمني محدد، وعلى هؤلاء أن تكون لهم روح العمل السينمائي و المهارات التفاوضية والتعاونية، وعلاقات ناجحة مع الممثلين في جميع أنحاء العالم، ولكن بناء على أية معايير يتم اختيار الممثلين؟
ذكر المخرج السويدي “إرنست إنغمار برغمان” في كتاب ”الإخراج السينمائي” لـ “تيرنس سان جون مارتر” أن عملية اختيار الممثل تبدأ أثناء مراحل كتابة السيناريو، فكتابة السيناريو لفيلم دون معرفة إمكانات وقدرات مجموعة من الممثلين، تصبح مثل تأليف سيمفونية دون أن يتأكد الموسيقار من أصوات الآلات الموسيقية المستخدمة، وعلى المخرجين أن يحتفظوا في ذاكرتهم بنخبة من الممثلين الدين يعرفون مستوى أدائهم .
ليست هناك معايير معينة في اختيار الممثلين، ولكن على الأرجح أن نفرق بين أن يختار المخرج طاقمه بنفسه أو أن يوكل هذه المهمة إلى “مدير كاستينغ” أو منتج، وهنا تكمن الخطورة و خاصة في الأفلام المغربية، فالكاستينغ القائم على العلاقات بدل الكفاءة يتجه لا محالة إلى هفوة مضمونها ضعيف وسيء وغير منضبط، قد يدمر سمعة المخرج بوعي أو بدون وعي من المخرجين، فالدارسون والمتخصصون يعلمون في داخل أنفسهم خطورة هذه النقطة ويتجاهلون الحديث عنها.
يقول “روبرت وجين بنديك” في كتابه “صنع الأفلام”: أن مما لا شك فيه أن الممثلين هم الأقرب إلى المشاهد من جميع العاملين في السينما، بل أن بعد كل مشاهدة عدة أفلام لممثل ما، تحس وكأنك تعرفه فعلا أو بينك وبينه نوعا من الصداقة”. وفي السينما المغربية تذوقنا طعم هذه الخاصية في ممثلين دوي أصول مغربية قحة” منهم المرحوم البسطاوي” والمرحوم محمد مجد” والممثل محمد خوي والممثلة القديرة فاطمة وشاي…
إن العديد من المخرجين المغاربة فشلت أعمالهم بسبب سوء اختيار الممثلين سواء كان هذا الاختيار منهم أم اختيار المسؤول عن “إدارة الكاستينغ” المهم أن هذه النقطة يجب الحسم فيها، لأن مخرجين السينما العالمية، لا يوكلهم هذه المهمة لأحد غيرهم، لأنهم يعرفون أهميتها وصعوبتها، يقول المخرج الأمريكي “كين دانسايجر” في كتاب فكرة الإخراج السينمائي ”أن نصف عمل المخرج يتحقق عند ما يختار أفضل الممثلين الملائمين لشخصيات الفيلم.”
يقول المخرج المغربي سعيد خلاف ”مخرج فيلم مسافة ميل بحذائي” في حوار صحفي له: إن نجاح الفيلم حقيقة، هو نجاح في اختيار الممثلين أولا، إذ يمثل الكاستينغ 90 بالمائة من نجاح الفيلم، هذا فضلا عن القصة الهادفة طبعا.. ولأني أولي أهمية قصوى لمرحلة الكاستينغ فقد تطلب مني هذا الأمر، تريثا كبيرا دام سنوات”. ومن هنا يمكن أن نستنتج أن أهمية اختيار المخرج لطاقمه الفني بنفسه، وليس هذا فحسب فوجه الممثل هو أكثر ما يرسخ في ذاكرة المشاهدين و يبقى عالقا في أذهانهم.