في هذا الحوار تقدم فاطمة الشعبي، عضوة المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي المنتهية ولايته، حصيلة عن النقاشات العميقة والشاقة التي شهدها المؤتمر الثاني عشر لنقابة نساء ورجال التعليم العالي، والتي دامت ثلاثة أيام متتالية ببوزنيقة أي ابتداء من يوم 18 أكتوبر الذي شهد افتتاح أشغال المؤتمر بالرباط، وأيام 19 و20 وإلى غاية صبيحة يوم 21 من شهر أكتوبر الجاري، والتي تمحورت حول قضايا مفصلية تهم القطاع برمته، بما في ذلك النظام الأساسي للأطر الأكاديمية وعدد من المطالب الاجتماعية والمهنية للأساتذة الجامعيين.
تمكن المشاركون في المؤتمر الوطني الثاني عشر للنقابة الوطنية للتعليم العالي، من انتخاب القيادة الوطنية الجديدة للنقابة المتمثلة في اللجنة الإدارية والتي تضم نسختها الحالية 160 عضوا.
كما تقدم فاطمة الشعبي لمحة عن الرهانات والتحديات التي على الجسم النقابي للتعليم العالي رفعها خدمة للتعليم الجامعي العمومي، والاستحقاقات التي لازالت المؤتمرات والمؤتمرون داخل النقابة على موعد معها، معلنة أنه من المنتظر أن تجتمع اللجنة الإدارية التي تم انتخابها في هذا المؤتمر، عما قريب من أجل انتخاب المكتب الوطني والكاتب العام الجديد للنقابة، كما تقدم توضيحات بشأن مصادقة المؤتمر على توصية بعقد مؤتمر استثنائي بنفس أعضاء المؤتمر الحالي ربيع 2025، لاستكمال مناقشة القانون الأساسي والمصادقة عليه، والذي لم يتمكن المؤتمرات والمؤتمرون من الحسم فيه واختاروا منح أنفسهم المزيد من الوقت لوضع صيغة مدققة المضامين بما يخدم أطر الجامعة والتعليم الجامعي.
> عقدت النقابة الوطنية للتعليم العالي مؤتمرها الثاني عشر نهاية الأسبوع الماضي، ما تعليقكم على سير هذا المؤتمر ومدى أهمية هذه المحطة بالنسبة لنساء ورجال التعليم العالي في ظل سياق يطبعه الكثير من الجدل والنقاش حول قطاع التعليم العالي بالمغرب، وفرص تجويده خدمة للتنمية الشاملة في البلاد.
< لا شك أن المؤتمر الوطني لنقابتنا يشكل محطة مهمة وأساسية بالنسبة لنساء ورجال التعليم العالي من حيث أنه ليس فقط فرصة للنقاش حول مسار ومصير التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب كرافعة حقيقية لتنمية وتقدم البلاد، لكن أيضا للنقاش والتفكير حول نجاعة العمل النقابي في ظل التحولات السياسية والفكرية والاقتصادية وطنيا ودوليا. وفي ظل، أيضا، سياق وطني يطبعه الجدل حول منظومة التربية والتكوين وقبلها منظومة القيم المتأثرة بالتحولات المجتمعية بفعل التقدم التكنولوجي والرقمنة وسوء الاستعمال لمواقع التواصل الاجتماعي.
محطة المؤتمر الوطني هي ملتقى لنخبة المجتمع المغربي التي من شأنها أن تُنظّر وتفكر في قضايا المنظومة وفي كيفية خلق الفرص لتجويدها وتوحيدها ودمقرطتها خدمة للتنمية الشاملة للبلاد بعيدا عن الحسابات الحزبية والإديولوجية الضيقة التي لا تخدم الجامعة ولا البلاد في شيء.
هي أيضا، وخصوصا، محطة لتجديد الأجهزة القيادية (التقريرية والتنفيذية) من أجل ضمان استمرار المنظمة خدمة لمصالح السيدات والسادة الأساتذة الباحثين.
> انتخبت المؤتمرات والمؤتمرون خلال هذه المحطة، اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، مكونة من 160 عضوا، ألا يعتبر هذا العدد ضخما مما يحول دون الفعالية المطلوبة ويعرقل تحرك النقابة وطيناميته ويصعب الحسم عند اتخاذ القرار؟
<بالفعل تم انتخاب لجنة إدارية مكونة من 160 عضوا في المؤتمر الوطني 12 للنقابة الوطنية للتعليم العالي، ويعتبر هذا العدد كبير بالنسبة للعدد السابق (بزيادة 50 بالمائة) لكنه يجسد توسع دائرة النقابة وفسح المجال لكي يجد الجميع نفسه ممثلا داخل هذا الجهاز النقابي العتيد. وهذا، في اعتقادي، لا أظنه سيشكل عرقلة أمام الممارسة النقابية أو اتخاذ القرارات داخل اللجنة الإدارية، بل من شأنه أن يعكس مبادئ النقابة الوطنية للتعليم العالي كمنظمة مواطنة وعالمة وديمقراطية مستقلة تسع للجميع وتؤمن بالتنوع الفكري والحوار البناء.
> توزعت المؤتمرات والمؤتمرون على 3 لجان داخل المؤتمر الوطني، ما هي أهم الخلاصات التي خرجت بها هذه اللجان والتوصيات التي رفعتها للمؤتمر؟
< نعم، كما قلت، تشكلت ثلاث لجان لمناقشة أوراق المؤتمر والخروج بتقارير وتوصيات يصادق عليها المؤتمر لتكون خارطة طريق للمرحلة القادمة بين مؤتمرين ويتعلق الأمر بـ:
– لجنة التعليم العالي والبحث العلمي حيث نوقشت الوضعية الحالية للتعليم العالي والجامعة العمومية والتوجه المتسرع نحو الخوصصة على حساب جودة التعليم بالجامعة العمومية، كما نوقشت وضعية البحث العلمي ببلادنا وهزالة الميزانية المرصودة له مقارنة مع بلدان الجوار بالإضافة إلى الضريبة المفروضة عليه.
من جهة أخرى، كان شعار المؤتمر يشكل جوهر النقاش وهو شعار ما فتئت النقابة الوطنية للتعليم العالي ترفعه منذ عقود حول التوحيد والتجويد والدمقرطة .
– لجنة الملف المطلبي حيث تشكل مطالب وحقوق السيدات والسادة الأساتذة المحرك الأساسي للعمل النقابي ووأساس الترافع عن ملفاتهم. خلال النقاش، تمّ تثمين ما تحقق خلال الولاية السابقة والذي يجد جذوره وبداياته في الفترة التي سبقتها وخصوصا فيما يتعلق بالنظام الأساسي للأساتذة الباحثين وتحسين وضعيتهم المادية على قدم المساواة. طبعا هناك ملفات لازالت في طور المفاوضات وأخرى لا زالت عالقة يتعين على الجهاز الوطني المقبل الدفاع عنها وعن ملفات أخرى جديدة
– لجنة القوانين وهي خاصة بتعديل القانون الأساسي للنقابة حيث قامت اللجنة التحضيرية للمؤتمر بطرح 56 مادة للتعديل لكن لم يتم الحسم إلا في ست مواد مع مقترح تعديل المادة 42 والدعوة إلى مؤتمر استثنائي ينعقد بنفس المؤتمرين في ربيع 2025 لتعميق النقاش حول التعديلات المقترحة.
> لماذا تأجيل الحسم إلى مؤتمر استثنائي ينعقد بنفس أعضاء المؤتمر لاستكمال مناقشة القانون الأساسي والمصادقة عليه؟ هل ثمة مواد خلافية في مشاريع تعديلات قانونكم الأساسي، وما هي هذه النقاط التي ربما كانت عصية على إيجاد صيغة توافقية وفرضت اتخاذ هذا القرار؟
< قرار الدعوة إلى مؤتمر استثنائي فرض نفسه في لجنة القوانين بسبب كثرة المواد المطروحة للتعديل من طرف اللجنة التحضيرية، وبسبب أيضا كثرة التدخلات التي تحتاج إلى حيز زمني أكبر من الذي يسمح به زمن المؤتمر، تأجيل النقاش حول تعديل القانون الأساسي هو أمر عادي وجرت به العادة لدى الهيآت النقابية والجمعوية مما سيتيح الفرصة لتعميق النقاش وتجويد ما يجب تجويده أو إضافته أو تغييره.
> باعتباركم عضوة نشطة وفاعلة داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي، هل كان هناك ترافع رفقة زميلاتك من المؤتمرات في اتجاه أخذ المؤتمر بعين الاعتبار إعمال مقاربة النوع بما يتيح تمثيلية النساء المناضلات داخل الهياكل التنفيذية والتقريرية للنقابة؟
< مسألة التمثيلية النسائية في الأجهزة النقابية كانت دائما موضوع نقاش وترافع منذ التحضير للمؤتمر الحادي عشر (2018) سواء في المكتب الوطني أو اللجنة الإدارية وحتى في الجموع العامة محليا وجهويا.. لكن الواقع شيء صادم وغير معقول بالنظر إلى المهمة التنويرية التي تقوم بها الجامعة وإلى المستوى الفكري الذي يجب أن يكون لدى الأستاذات والأساتذة في مسألة المساواة والنوع المطروحة في الجامعة ككل وليس فقط في النقابة. الواقع هو أن عدد النساء في الهياكل النقابية ضئيل جدا مما يؤثر سلبا على تمثيليتهن كمؤتمرات وبالتالي كأعضاء في الأجهزة القيادية المنبثقة عن المؤتمر ناهيك عن الإقصاء الذي تعاني منه تلك القلة القليلة الموجودة حين يتعلق الأمر بالترشح للقيادة الوطنية. هذا الواقع غير الطبيعي وغير الملائم مع الدستور يجب أن يتغير ليس فقط بتغيير العقليات لكن بتغيير القانون وهذا ما تمّ طرحه في لجنة القوانين بحدة وبإلحاح من خلال إضافة مسألة تعزيز التمثيلية النسائية في بعض المواد التي يفرض السياق إضافتها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى إحداث مادة خاصة تقنن للتمثيلية النسائية في الأجهزة والمواقع النقابية يفصل فيها وفي أجرأتها بنص تنظيمي بالنظام الداخلي والتي ستكون ملزمة في حال ترشح النساء للمهام النقابية محليا، جهويا ووطنيا.
> بعد اختتام أشغال المؤتمر وما شهده من نقاشات عميقة، ما هي التحديات التي تعتقدين كمؤتمرة ومناضلة داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي، أنه على القيادة الجديدة مواجهتها ارتباطا بانتظارات الأساتذة الجامعيين والسياق الوطني؟
< هناك دائما انتظارات للسيدات والسادة الأساتذة، وهناك دائما مطالب مشروعة، لكن في نفس الوقت هناك أيضا أولويات وأمور مستعجلة أكثر من غيرها. القيادة المقبلة تنتظرها تحديات كبرى بالنظر للسياق الوطني عامة والسياق الجامعي على وجه الخصوص. لكن المسؤولية لا يجب أن تقع فقط على عاتق القيادة وحدها، على القواعد أن تكون أيضا في مستوى التحديات وذلك بالتحلي بالحس النقابي وروح المسؤولية واليقظة المستمرة حول ما يقع في الساحة الجامعية سواء على مستوى الإصلاحات البيداغوجية أو غيرها من مستجدات سياسية واجتماعية قد تنعكس بشكل أو بآخر على مسارهم العلمي والأكاديمي.
ما هي توقعاتكم بالنسبة لتولي منصب الكاتب العام للنقابة، هل هناك أسماء معينة مرشحة أم تتوقعين أن يلجأ المؤتمرون إلى الإجماع على اسم معين لقيادة النقابة؟
< الكاتب العام الوطني ينتخب بعد انتخاب أعضاء المكتب الوطني في أول اجتماع للجنة الإدارية.
< أجرت الحوار: فنن العفاني