الوطن في عيوننا اليوم ودائما…
الوطن، أمام هول مأساة زلزال الحوز، ليس رأيا أو تشظيا أو انشطارا، وهو ليس استقالة أو لامبالاة…
هو… الوطن، وواجبنا كلنا أن نلتف حوله ونحضنه وننتصر له وحده.
المغرب في حداد… يلفنا جميعنا الحزن جراء الكارثة التي هوت على أهلنا، لكن شعبنا، في نفس الوقت، لم يستسلم لليأس والقتامة والعجز، وهب الكثيرون للمساعدة والتضامن والدعم، واستعادت فئات عديدة بمختلف مناطق المملكة قيم التآزر والتبرع للآخرين، وانخرط المغاربة في مبادرات التطوع الميداني والدعم المادي والتبرع بالدم وسوى ذلك…
ليس الإحساس بالوطن هنا شيئا بلا أهمية أو قيمة، وهو ليس حدثا عابرا، ولكنه المعنى المجسد لـ «تمغربيت»، والاعتزاز بخدمة الوطن الذي يعنينا كلنا، ننتمي إليه وينتمي إلينا.
أبكتنا مشاهد وأخبار الآلام والموت التي نقلتها القنوات والصحف ومنصات التواصل الاجتماعي، وأفاضت علينا الكثير من الحماسة أخبار الهبة الشعبية ومبادرات التطوع الإنساني التلقائي.
كنا نحس أن المأساة تنهزم أمام مشاهد الانخراط التلقائي للمغاربة في تقديم كل أشكال المساعدة والدعم والإسناد.
نحن مدعوون اليوم للتمسك بهذه القيم والمشاعر الصادقة، وأن نستمر في مبادرات التبرع بالدم، وفي التبرع المالي للصندوق الوطني المعلن عنه، وأن نتطوع في برامج الإنقاذ والتأهيل تحت إشراف المصالح الإدارية والترابية القائمة ميدانيا وفي عين المكان منذ اللحظة الأولى، وكذلك أن نتعبأ جميعنا للتصدي للأخبار المضللة ودحض الشائعات وأفكار الدجل والخرافة التي يروجها بعض الجهلة وسط الناس.
لقد أعلن جلالة الملك عن كثير قرارات وبرامج ذات صلة بالمأساة التي وقعت، وانخرطت أجهزة الأمن والدرك والقوات المسلحة والقوات المساعدة والوقاية المدنية وأطقم وزارة الصحة ومصالح التجهيز في أعمال ميدانية مباشرة، لكن دورنا الشعبي الإنساني يكمن في الدعم والمساندة، وأيضا في إشعاع وإعمال قيم التضامن الوطني، وفي فضح الأخبار المغلوطة الرائجة ومواجهتها…
الوقت اليوم للإنقاذ، لمواساة أسر الضحايا ودعمهم، لعلاج المصابين والجرحى، لإعادة الإعمار والبناء، لتوفير الدواء والمؤونة والغطاء، ولتوفير مقومات مرحلة التأهيل، ولإعادة الثقة للناس بمنطقة الحوز وضواحيها في وطنهم وفي… المستقبل.
في أيام المأساة، يبقى الوطن في عيوننا كلنا…
التفاف المغاربة واحتشادهم للتطوع والمساعدة والتضامن يزيدنا جميعا حماسة وتفاؤلا وتعلقا ببلادنا وشعبنا.
الحزن لا يزال يلف مناطق الزلزال، الألم والوجع لايزالان يلفان القلوب والعقول والأبصار، وأعمال الإنقاذ والإغاثة متواصلة إلى الآن، شعبنا في كل الجهات تسيل دموعه و… يبكي من هول ما أصاب أهلنا…
البلد كله في… حداد.
الأولوية اليوم للناس… للمناطق المنكوبة، لتضميد كل الجراح.
لا أحد اليوم يحق له أن يقول بأنه غير معني…
كلنا مسؤولون، وكلنا مدعوون للتضامن والمساعدة والدعم…
الصدمة والحزن هما اليوم في دواخلنا كلنا على إثر الكارثة التي وقعت، ويجب أن نحولهما إلى إرادة عمل وبناء من أجل استنفار كل الجهود ضمن تعبئة وطنية للبناء والتأهيل ومواكبة الناس في عين المكان لاستعادة الاستقرار، ولمحاولة استعادة أمل الحياة.
وطننا مسؤوليتنا نحن كلنا، ودورنا أن نتعبأ لبنائه، وأن نبادر، في زمن الكوارث، لإسناده، ومن أجل حماية ذاكرتنا نحن، وأيضا صيانة انتمائنا واعتزازنا بوطننا.
واجبنا نحو وطننا وعلاقتنا به ليست صلة مصالح، ولكنها تعني كرامتنا نحن، واليوم في مرحلة كهذه، حيث البلاد تحيا مأساة وأصابتها كارثة حقيقية، فإن انخراطنا في التطوع من أجل البناء يعني التمسك بالشرف، وينبع من كوننا من هذا الوطن وإليه، ولسنا عابرين فيه أو غير معنيين بحاضره ومستقبله.
الرحمة لضحايا زلزال الحوز….
المواساة لأسرهم…
التضامن مع كل المتضررين…
سلام الاعتزاز والفخر لوطننا وشعبنا…
<محتات الرقاص