ضد التهجم الوقح على بلادنا 

بعض ما تنشره وسائل إعلام دولية عن المغرب هذه الأيام، وما تروجه من مغالطات وأخبار أقل ما يقال عنها إنها غير صحيحة، يمكن عدم الرد عليها والاكتفاء بالصمت والتجاهل تجاهها، ويمكن أيضا الترفع عن ذلك واعتبار ما تقوم به هو من صميم حريتها في قول ما تريد، ويمكن كذلك اعتبار اهتمام كبريات وسائل الإعلام الدولية بالمملكة والتنويه بتدبيرها لمواجهة الوباء هو أحسن رد على كتابات أخرى خرجت من هنا وهناك في الأيام الأخيرة.
ولكن ما يقترفه بعض المدونين السعوديين والإماراتيين في حق بلادنا يستحق فعلا التوقف عنده، وفضح ما ينم عنه من جهل وعدم فهم واعتداء على المغرب والمغاربة.
إن ما نشره إماراتيون من قبل حول المغرب على “تويتر” بالخصوص، وفضلا عن تنديد المغاربة به وفضح رعونته، هم كذلك سخروا منه وضحكوا من حجم الجهل الذي يلف رؤوس من كتبه.
والأكثر مدعاة للشفقة عندما تتحول قناة فضائية مقرها الإمارات للاعتماد على هذه التدوينات الذبابية، وإدراجها كما لو أنها أخبار مؤكدة ومتحرى بشأنها.
هذه الأذرع المسخرة لم تجد سوى أن تصر على تهويل أوضاع المغرب، والترويج على أن فيروس “كوفيد – 19″، قتل المئات، وربما الآلاف، في المغرب، ولم تكلف نفسها عناء الالتفات إلى كون السلطات المغربية تنشر يوميا آخر الإحصائيات بهذا الخصوص، ونسيت أيضا أن الوباء ينتشر عبر العالم كله، بما في ذلك في بلدها، وأن المجتمع الدولي بكامله منهمك في مواجهته، ووحدها هي بعقولها الفارغة لم تجد ما تفعله سوى الاعتداء على المغرب والمغاربة.
بدورهم بعض التافهين من العربية السعودية انخرطوا هم كذلك في جوقة التهجم الوقح على المغرب، وكان آخرهم إعلامي رغما عنه، لم يتردد في “التنظير” بشأن طبيعة الاقتصاد المغربي، عبر مقطع فيديو عممه على “يوتوب”، وتقيأ على من سمع كلامه كثيرا من الجهل والتعالي والتخلف.
يستغرب الكثيرون لهذه التهجمات السعودية والإماراتية على المغرب والمغاربة، ويستغربون بالخصوص لما تتضمنه التهجمات من جهل وانعدام فهم، وأيضا لما تفضحه من حقد وعدوانية.
ولكن ما يغفله هؤلاء ومن يتلقون منهم أوامر التهجم، أن المغرب لا يلتفت كثيرا لنباحهم، ولا يواجههم سوى بالكثير من السخرية والشفقة لخواء عقولهم.
المغرب دولة حقيقية، وكان كذلك قبل أن تلتقي قبائلهم هم، والمغرب يمتلك تاريخا وحضارة عريقين، أما سؤال الاقتصاد الذي خصص له البوق الإعلامي السعودي مقطع الفيديو الذي عممه، فالأحرى أن يطرحه على بلاده، وعلى حليفتها الأخرى المشتركة معها في استهداف المغرب.
ماذا سيكون عليه وضع البلدين إذا اختفى النفط؟ أو حتى مع تراجع الأسعار واضطراب الأسواق الآن بسبب كورونا؟ وماذا يمكنكم أن تفعلوا؟ وما هي الصناعات الأخرى المتوفرة لدى البلدين؟ وما هي المهن والحرف والأنشطة الاقتصادية الأخرى التي يمكن أن تضمن لشعبيكما القوت اليومي؟ وما هي المستويات التعليمية والمعرفية التي طورتم وسط الشعب ليكون قادرا على الاعتماد على نفسه؟ وكيف ستكون الأوضاع إذا غادرت مثلا العمالة الأجنبية أو لم يعد بمقدوركم تسديد كلفتها ورواتبها؟ 
هذه الأسئلة يجب يا سيد فهد، يا ذكي، أن تعيد طرحها على نفسك وبلدك، إذا كان فعلا مستواك المعرفي والعقلي يسمح لك بفهمها.
التهجمات الإماراتية والسعودية على المغرب هذه الأيام تؤكد فعلا أن هؤلاء في واد، والعالم المعاصر في واد آخر، وهذا الشرود أو التأخر الفظيع يقدم الجواب حول أسباب التخلف.
البلدان الخليجيان كان عليهما أن يتمعنا عميقا في دروس “كوفيد – 19″، ويستوعبان حجم الرجة وهولها التي ضربت العالم برمته، ويفكران في الاستعداد لمرحلة ما بعد كورونا، والتخطيط لمستقبلهما أولا.
البلدان معًا كان يجب أن يركزا اهتمامهما على ضرورة وقف الحرب على الشعب اليمني بكل استعجال، والمساهمة في إيجاد حل حقيقي وعاجل للمأساة الليبية، والابتعاد عن الأوضاع الداخلية لبلدان شمال إفريقيا وعدم حشر أنوفهم فيها، والاقتناع أن معادلات اليوم لن تبقى كذلك غدا، وأن العلاقات الدولية بكاملها ستتغير بعد كورونا، ومن الناحية الإنسانية على الأقل يجب أن يرحما شعوب اليمن وليبيا، وأيضا سوريا ولبنان من معاناة الحروب، ويتركانهم يواجهون الوباء وحده، دون أن تضاف إليه لعلعات الرصاص فوق الرؤوس.
وهذان البلدان الخليجيان كان عليهما إبراز  قدراتهما، إن توفرت أصلا، في محيطهما القريب، وأن يحلا مشاكلهما مع قطر، ويعيدا الحياة للتنسيق الإقليمي ولمجلس التعاون الخليجي، وذلك قبل أن يفكرا في التطاول على المغرب.
المغرب يخوض تحدياته اعتمادا على قوته الذاتية وذكاء شعبه، وعلى مصداقيته وتعبئته الوطنية، ومنذ القديم بقي المغاربة يصرون دائما ويتمسكون باستقلالية قرارهم، ومن لا يعرفهم يجب أن يفتح صفحات التاريخ ويقرأها.

 محتات‭ ‬الرقاص

Related posts

Top