نظم المكتب التنفيذي لمنظمة الطلائع أطفال المغرب ندوة تفاعلية عن بعد في موضوع “الأطفال المحتجزون بتندوف وسؤال نجاعة الآليات الدولية في حماية حقوقهم”، أطرها وساهم فيها كل من علال البصراوي نقيب هيئة المحامين بخريبكة، والنائب البرلماني الحسين حريش، و حمادي ابيتي عضو المكتب التنفيذي لمنظمة الطلائع أطفال المغرب.
في بداية مداخلته في هذه الندوة التي أدارتها الزميلة سكينة الصادقي، استنكر علال البصراوي، ما تقوم به ألمانيا من استفزازات للوحدة الترابية للمملكة المغربية من خلال انتقاد الناطقة باسم وزارة الخارجية الألمانية للموقف الأمريكي الذي اعترف بسيادة المغرب على صحرائه، بالإضافة لكون هذه الدولة، يضيف المتحدث، فتحت بابها للمناوئين ولخصوم الوحدة الترابية للمملكة والسماح لهم بالمساس بالمؤسسات الوطنية المغربية.
وبخصوص الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال بمخيمات تندوف، اعتبر نقيب هيئة المحامين بخريبكة، أن الأطفال في كل أنحاء العالم هم أهم فئة داخل مجتمعاتهم، لأنهم يشكلون مستقبل أوطانهم ومستقبل البشرية، بالإضافة إلى كونهم فئة هشة تحتاج باستمرار إلى الرعاية والحماية والعناية الأسرية المجتمعية والمؤسساتية، مشيرا إلى أن هذه الشريحة اهتمت بها منظومة حقوق الإنسان الدولية، وكل الشرائع السماوية، واهتمت بها كذلك القوانين الوطنية في كل الدول. لهذا فالمنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة الأمم المتحدة، كانت دائما تولي لهذه الفئة ولهذا الموضوع أهمية خاصة، سواء من خلال اتفاقية حماية حقوق الطفل لسنة 1989 التي تشكل الإطار الأساسي لحماية حقوق الطفل، أومن خلال لجنة حقوق الطفل التي تعتبر من الآليات التعاقدية للأمم المتحدة والتي تعتبر أحد الآليات المهمة في هذه الهيئة، بالإضافة الى عدد من المقررين واللجان الأخرى، وعدد من المجهودات التي تبذل في هذا الصدد.
وأفاد علال البصراوي أن جبهة البوليساريو عملت خلال السنوات الأخيرة على تجنيد الأطفال، حيث تشير العديد من التقارير الدولية إلى أن عدد الأطفال المجندين من قبل الجبهة وصل إلى حوالي 8000 طفل، تم انتزاعهم من أسرهم وتهريبهم، إلى مراكز التجنيد في الجزائر وكوبا، وعوض أن يضمن لهم مقعد في المدرسة تم دفعهم لحمل السلاح وارتداء البزة العسكرية، وهم في عمر الزهور. كما تم تهجير جزء مهم منهم نحو كوبا وليبيا وسوريا وللعديد من الدول التي تجمعها علاقات مع الجبهة لتدريبهم وتربيتهم تربية عسكرية.
وفي نظر علال البصرواوي، فإن المغرب حقق العديد من المكتسبات في قضية الصحراء المغربية، مشيرا في السياق ذاته، إلى المشاريع التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية بشكل مضطرد، بشهادة العديد من المؤسسات الدولية، كما أن أوضاع الطفولة في الأقاليم الجنوبية، تفصلها سنوات ضوئية مقارنة بأوضاع الطفولة بمخيمات تندوف، وتساءل المتحدث، عن طبيعة الدور الذي تقوم به المنظمات الحقوقية الجزائرية، والأحزاب السياسية ومسؤولياتها الأخلاقية في استمرار معاناة الأطفال المحتجزين الذين يتعرضون للاستغلال في أبشع صوره.
وناشد البصراوي كل الضمائر الحية بالجزائر للاستيقاظ من سباتهم والانتباه إلى المآسي التي تقع على الأراضي الجزائرية، مؤكدا على أن الأطفال يجب أن يكون خارج أي صراع سياسي أو عسكري، ومشيرا إلى أنه من غير المقبول أن يستمر هذا الصمت أمام ما يقترفه نظام العسكر بالجزائر في حق الطفولة بالمخيمات.
من جانبه، اعتبر النائب البرلماني الحسين حيرش، أن قضية الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال بمخيمات تندوف هي من القضايا الجوهرية والأساسية التي يجب أن تسلط عليها الأضواء، معربا عن أسفه للتعاطي المحتشم للمنتظم الدولي مع انتهاكات حقوق الأطفال بمخيمات تندوف، والتي لا ترقى إلى حجم الانتهاكات والمعاناة التي يعانيها الأطفال في هذه المنطقة على خلاف مناطق أخرى في العالم والتي تعرف معاناة أقل واهتماما أكبر، مشيرا إلى أن الأطفال بالمخيمات تتعرض لأبشع أنواع الاستغلال السياسي والاقتصادي والعسكري والجنسي، أمام أعين المنتظم الدولي، مصيفا أن أزيد من 8000 طفل هم ضحايا هذا الاستغلال، منهم حوالي 3000 طفل ممن تعرضوا للتهجير على امتداد العقد الأخير، ضدا على كل المواثيق الدولية.
ودعا المتحدث إلى ضرورة التحرك من أجل إطلاق حملة دولية للترافع حول حقوق هؤلاء الأطفال المحتجزين بمخيمات تندوف، وحث المنتظم الدولي للتحرك بشكل عاجل من أجل الحد من معاناة هؤلاء الأطفال، مشيرا إلى تلك الأرقام المعلنة، والتي تقرها مختلف التقارير الدولية، تعكس حجم معاناة هذه الشريحة مما يستدعي في نظره التحرك بشكل عاجل ومكثف من أجل وضع حد لتلك المعاناة، مؤكدا على أن الأطفال بالمخيمات يتعرضون للتفقير الممنهج والمتعمد، في الوقت الذي يعيش فيه أبناء قيادة البوليساريو في ترف ورفاهية في كبريات العواصم العالمية، على حساب معاناة أطفال المخيمات الذين يعيشون الهشاشة ويعانون من الأمراض.
وأضاف الحسين حريش أن قادة الجبهة يتعمدون ترك طفولة المخيمات في ظل واقع مأساوي يثير الشفقة من أجل التسول الدولي وطلب المساعدات التي يتم إعادة بيعها في الأسواق الجزائرية والموريتانية، مبرزا في الوقت ذاته، ما تتعرض له الطفولة بالمخيمات من تحرش واستغلال جنسي، مستدلا على ذلك بالحادثة التي وقعت مؤخرا والتي أدانها الأمين العام لشبيبة الحزب الاشتراكي بإسبانيا، عقب تسريب أحدى المحادثات التي يعترف فيها باغتصاب قاصر في مخيمات تندوف، ذلك عندما كان يشرف على البرنامج المعروف ب «عطلة السلام» وهو برنامج ارتبط اسمه بمسلسل الاغتصاب، وفق ما أكدته العديد من التقارير الإعلامية، التي أكدت ما مرة أن العديد من الفتيات اللاواتي استفدن من قضاء العطلة باسبانيا تعرضن للاستغلال الجنسي، وللاغتصاب.
وبدوره تحدث حمادي أبيتي عضو المكتب التنفيذي لمنظمة الطلائع أطفال المغرب، عن الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال المحتجزون بمخيمات تندوف، مشيرا إلى أن أوضاع الطفولة بالمنطقة، هي أوضاع مزرية على جميع الأصعدة، حيث يعاني الأطفال من التهجير إلى كوبا وإلى ليبيا. ويعانون أيضا من التجنيد والعنف والتشغيل والهدر المدرسي.
ويرى حمادي ابيتي، أن ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال، في شمولياتها، هو ملف متشعب، لا يمكن فصله عن جوهر النزاع حول الصحراء المغربية، وهو النزاع الذي عمر طويلا، مشيرا إلى أن تدبير هذا الملف يحتاج إلى المزيد من الجهد والمزيد من الشفافية ومحاربة كل من يستغل هذه القضية لمصلحته الخاصة بالمناطق الجنوبية. لأن هناك أطراف، يضيف المتحدق، من مصلحتها استمرار هذا النزاع، مطالبا الجهات الرسمية بضرورة الانفتاح على الكفاءات والأطر المحلية بالمناطق الصحراوية، التي تجيد الترافع على القضية الوطنية وتجيد التواصل مع بني عموميتها المحتجزة بتندوف.
وطالب حمادي ابيتي بإعادة تشكيل الخطاب المرتبط بقضية الصحراء، لأن الأوصاف والنعوت التي يستعملها الإعلام المغربي في حق المحتجزين بالمخيمات لا تخدم القضية الوطنية، وقال في هذا السياق “إن المحتجزين في تندوف، هم في نهاية المطاف هم إخواننا وأبناء العمومة، وهم جزء لا يتجزأ من ثقافتنا” مؤكدا على أن بناء حطاب بديل من شأنه أن يقرب المسافات بين سكان الصحراء وأشقائهم المحتجزون بالمخيمات، وأن يبني الثقة في نفس الطرف الآخر، حتى يتحول إخواننا بالمخيمات لآلية ضغط لصالح قضيتنا لأنها قضية عادلة.
وأضاف القيادي بمنظمة الطلائع وأطفال المغرب، أن التنمية بالمناطق الصحراوية يجب أن تشمل كل الأقاليم الجنوبية للمملكة، وأن لا تقتصر، فقط، على أقاليم دون غيرها. لأن من شأن تعميم المشاريع التنموية داخل كل الأقاليم الجنوبية بإنشاء مستشفيات جامعية ومعاهد عليا وجامعات وملاعب رياضية ومشاريع اقتصادية لتكوين الشباب وتشغيلهم، وتكون بذلك المناطق الجنوبية مناطق جذابة تغري إخواننا المحتجزين بتندوف على العودة إلى وطنهم الأم.
< عبد العالي البوجيدي