قصة نجاح مغربية…

اتسم انتصار المنتخب الوطني لكرة القدم على نظيره البرتغالي، أول أمس السبت، وتأهله إلى نصف نهاية مونديال قطر بنكهة خاصة، وامتلك معنى غير مسبوق في عوالم كرة القدم وفي غيرها.
النصر مغربي والتألق لأسود الأطلس، ولكن الفرح لم يقتصر على المغاربة، وإنما شمل كل الشعوب العربية والإفريقية، بل كل المجتمعات والدول المستضعفة، والتي بقيت تحس دائما أنها بعيدة عن ألقاب المونديال، ويستحيل عليها أن تعبر الأدوار الأولى…
هذا الفرح الغامر بفوز الفريق الوطني أعاد لكل هذه الشعوب إحساسها الفردي والجماعي بالوجود، ومنحها حق الانتشاء بالنصر، والحق في الفرح والحلم…
شعبنا خرج عقب نهاية المباراة وإعلان الفوز إلى الشوارع في كل المدن ليحتفل بالنصر والتأهل غير المسبوق، ونقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مظاهر الاحتفال وأجواء وقصص الفرح من مجتمعات عربية وافريقية قريبة وبعيدة، وتوحد الكل حول اسم المغرب، وتم ترديد أسماء أسود الأطلس في كل النشرات والبرامج والقنوات عبر العالم…
كم كان لافتا ومؤثرا فرح الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين واليمنيين والعراقيين، وكم كان معبرا فرح الصوماليين والسودانيين بالنصر المغربي…
في كل البلدان العربية والإفريقية اكتسب النصر المغربي معنى محليا وذاتيا، واحتفل به الجميع وتملكه، وانتشى به.
ملايين البشر عبر الدنيا، أو الملايير، تهتف اليوم باسم المغرب وتردده بكل اللغات واللهجات، والفضل في ذلك يعود للاعبي منتخب كرة القدم وقتاليتهم في منافسات مونديال قطر.
من أجل هذا الفرح التلقائي، ومن أجل الشغف والحلم، يستحق أسود الأطلس الشكر والثناء والامتنان…
لقد منحوا لشعبنا الابتسامة والفرح وإحساس الانتشاء.
بفضل انتصارات منتخب المغرب، أعادت بلادنا تقوية التفافها الوطني وتضامنها وتطلعها من أجل التقدم والوحدة، واشتركت كل الفئات في رسم لوحة الفرح …
ولما خرج جلالة الملك إلى شوارع الرباط لمشاركة شعبه لحظة الفرح، بدت الصورة أقوى من ملايين التحاليل والدراسات والبحوث، وجعلت العالم كله يدرك معنى الوحدة والاستقرار والتلاحم، ودلالة تميز المملكة.
وحتى في ملاعب قطر، شاهد الجميع في المدرجات فرح أمير الدولة المستضيفة مع أسرته الصغيرة، وتفاعله مع انتصارات أسود الأطلس، وكيف ترك «الوقار الأميري» جانبا، لينخرط في الاحتفال العفوي بالنصر المغربي، وكذلك فعل في عين المكان عدد من الشخصيات المغربية والعربية والإفريقية والعالمية..
إنه سحر كرة القدم، وحاجة الإنسان إلى الفرح، وإلى الإحساس بوجود الذات و… الانتصار.
كرة القدم ليست مجرد لعبة تنتهي بإعلان فائز ومنهزم، وانتهى الأمر، هي صارت أبعد من ذلك بكثير، وتحولت إلى صناعة وتجارة ومنظومة عالمية في العلاقات الدولية، وفي تصنيف البلدان، وفي قياس درجات القوة والضعف والتأثيرات المتعددة.
ولهذا حقق مونديال كرة القدم لدولة قطر ما لم تحققه لها السياسة أو القوة الذاتية، والجميع ينوه اليوم بنجاح قطر في تنظيم المونديال…
وعندما يبلغ المنتخب المغربي دور النصف نهائي، ويكون ضمن المنتخبات الأربعة الأولى في العالم، فهذا أكبر من الأحلام، ويستحق أن يعتبر انتصارا تاريخيا، وأن يحتفل به شعبنا وينتشي بتحقيقه.
أسود الأطلس نجحوا بسبب ثقتهم في أنفسهم، وبسبب إصرارهم على الفوز، وعلى تحقيق الحلم، وبسبب الجهد المبذول والإخلاص في العمل، وبسبب انسجام الفريق، وبسبب ذكاء وكفاءة المدرب وتلاحمه مع لاعبيه، وبذلك هم منحوا للجميع دروسا في قوة الإرادة، وفي أهمية العمل والتضحية وبذل الجهد، وأكدوا لنا أن لاشيء يتحقق بالصدفة، وإنما بالعمل والإرادة والتخطيط والثقة.
الثقة، الإرادة، الجهد والعمل، هي عناوين وأسس قصة النجاح المغربية في مونديال قطر.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم , ,

Related posts

Top