قصص للكاتب الروسي دانييل خارمس

الصيادون.

 ذهب ستة أشخاص إلى الصيد، لكن المشكلة هي أن أربعة منهم  فقط  من عادوا.

والمشكلة كذلك أن الاثنين الآخرين لم يعودا قط.

أكنوف وكزلوف وستريوشكوف وموتيلكوف، عادوا إلى المنزل بصحة جيدة وسالمين،ولكن شيروكوف وكابلوكوف هلكا في الغابة.

عند العودة، كان أكنوف كئيبا ووحيدا، ولم يرغب في  التحدث إلى الآخرين طوال اليوم.لحق به كزلوف ليزعجه بلا كلل بأشكال من الأسئلة، منغصا صفوه وجالبا له أقصى حالات الغضب.

كزلوف : أتريد سيجارة؟

أكنوف : لا.

كزلوف : أترغب في أن أحمل إليك هذا الشيء الكبير  ؟

أكنوف : لا.

كزلوف : تريد ربما أن أحكي لك نكتة؟

 أكنوف: لا.

كزلوف : هيا ، تريد أن تتناول شرابا ؟ عندي شاي وكونياك هنا في البيت.

أكنوف : لا ، أنا لا أنوي  أن أضرب رأسك بهذه الحجرة فقط ، بل سأنزع ساقك أيضا.

ستريوشكوف وموتيلكوف : ماذا تفعلان ؟ ماذا تفعلان؟

كزلوف : ارفعاني قليلا.

موتيلكوف : لا تبتئس ، سيشفى الجرح.

كوزلوف : أين هو أكنوف ؟

أكنوف  ( وقد نزع ساق كوزلوف ): أنا هنا ، لست بعيدا.

كوزلوف : يا إلهي . النجدة.

ستريوشكوف وموتيلكوف : يبدو أنه نزع ساقه .

أكنوف : نزعت وألقيت هنا.

ستريوشكوف : هذه جريمة لا إنسانية.

أكنوف : ماذا ؟

ستريوشكوف : لا- لا- إنساني.

أكنوف : ما هذا؟

ستريوشكوف : ل..ل..لا شيء.

كوزلوف : ماذا أفعل للذهاب إلى المنزل؟

مولتيكوف : لا تبتئس ، نضع لك مكانها قطعة خشب.

ستريوشكوف : تستطيع أن تبقى واقفا بساق واحدة ؟

كوزلوف : أجل ، ولكني لن أستطيع  القيام بذلك مدة طويلة.

ستريوشكوف : حسن، سنساعدك .

أكنوف : تنح جانبا، أريد المرور..

ستريوشكوف : لا، من الأفضل أن تذهب.

أكنوف : لا ، اتركوني. اتركوني. اترك ..هذا ما أريد القيام به.

ستريوشكوف ومموتيلكوف : يا له من رعب.

أكنوف : آي ، آي ، آي .

موتيلكوف : ولكن أين هو كوزلوف ؟

ستريوشكوف : زحف إلى الدغل.

موتيلكوف : كزلوف، أأنت هنا ؟

كوزلوف : تشا تشا..

موتيلكوف : إن كان فعلا لا يزال هنا .

ستريوشكوف : ما الذي نستطيع فعله معه ؟

موتيلكوف : أعتقد أنه في هذا الوضع، لن نستطيع فعل أي شيء . ببساطة يجب خنقه. كوزلوف. مهلا، كوزلوف؟ أتسمعني؟

كوزلوف : أنا …أنا أسمعك، ولكن الصوت خفيض .

موتيلكوف: هيا، سنخنقك. انتظر. هكذا ..هكذا..هكذا..

ستريوشكوف : اضغط في هذا الموضع قليلا . هنا. جيد. جيد. جيد. هيا. وأخيرا ، أُنجِز العمل.

موتيلكوف : أُنجز العمل.

أكنوف : فليرحمه الله، آمين.

_ المرأة.

يقول بوشكوف:

_ المرأة آلة للحب ( فيتلقى في الحين ضربة أصابت فمه) .

تساءل بوشكوف:

_ ولكن لماذا ؟

لكنه لم يتلق جوابا على سؤاله، فواصل كلامه.

_  ما أفكر فيه هو : يجب الاقتراب من المرأة من تحت.

 النساء أحببن هذا، وشرعن في التظاهر بأنهن لا يرغبن فيه.

  هنا ، تلقى بوشكوف ضربة أصابت فمه.

  قال بوشكوف :

_ ولكن، ما هذا، أيها الرفاق ؟ إذا كان الأمر يتم بهذه الطريقة ، فأنا مجبر على الصمت.

 وبعد توقف دام خمس عشرة ثانية ، واصل:

_ خُلقت المرأة بطريقة تكون فيها طرية وندية .

هنا تلقى بوشكوف ضربة أخرى أصابت فمه. حاول أن يبدو غير مهتم بما يقع، وواصل :

_ إذا شممنا امرأة …

ولكن هنا، تلقى بوشكوف في خده ضربة، من خشب شجرة كستناء. كانت ضربة عنيفة بما حملت اليد من قوة .

قال :

_ أيها الرفاق ، من المستحيل إطلاقا أن نقدم درسا في مثل هذه الظروف. إذا تكرر هذا أصمت..

وانتظر بوشكوف بعض الثواني وواصل:

_ أين توقفنا ؟ آه، نعم. إذاً: المرأة تحب أن تنظر إلى نفسها. تجلس قبالة المرآة عارية تماما ..

عند النطق بهذه الكلمة تلقى ضربة جديدة في فمه.

_ عارية.

صاح بوشكوف .

_ عارية .

طفق بوشكوف يصرخ :

_ عارية. امرأة عارية. كتكوت أشعر .

انهالت على فمه الضربات .

_ كتكوت أشعر بمقلاة في اليد.

الضربات تنهال على بوشكوف.

صاح بوشكوف وهو يتفادى الضربات :

_ عنق كتكوت.

_ راهبة بشعر.

ولكن، في هذه اللحظة ضُرب بوشكوف بعنف، وهذا أفقده الوعي، فسقط إلى الأرض وكأنه حطام.

_  حكمة:

 أمقت الناس القادرين على التحدث، لسبع دقائق دون توقف.

_  رجلان.

رجلان شرعا يتجادلان . وفي هذا الجدال، صار الأول يتمتم بالحركات، والآخر يتمتم بالحركات والسواكن.

    عندما انتهيا من الكلام، بدأنا نشعر فجأة أننا في مزاج حسن ..كما لو أننا أطفأنا نار موقد .

_ كوشاكوف النجار.

فيما مضى من الزمان، كان ثمة نجار يدعى كوشاكوف. ذات يوم ، خرج من بيته،ودخل دكانا لشراء لِصَاقِ خشب. كان موسم ذوبان الثلوج ، وكانت الطرقات زلقة جدا.

   خطا النجار بضع خطوات، زلق فسقط إلى الأرض، وعندها انفلقت جبهته .

صاح النجار.

_ آه .

 وقام واتجه إلى الصيدلية لشراء لَزْقَةٍ طبية، فألصقها بجبهته. لكن، وهو في الطريق، بعد أن خطا خطوات قليلة، زلق مرة ثانية، فسقط وانشق أنفه.

 صاح النجار :

_ أف.

 وهو يتجه إلى الصيدلية لشراء لزقة طبية، ويلصقها  بأنفه. وعندما  كان يمشي في الطريق، زلق وسقط فانفلق خده. كان عليه أن يذهب مرة ثالثة  إلى الصيدلية، ليلصق لزقة طبية بخده.

قال  الصيدلي للنجار:

_ أصخ السمع، إنك تسقط وتصاب بجروح، لهذا أنصحك بشراء لزقات طبية كثيرة مرة واحدة.

رد النجار:

_ لا. لن أسقط أبدا.

لكن وهو في الطريق، زلق مرة رابعة. سقط فانشق ذقنه.

هتف النجار :

_ جليد قذر.!

 وجرى إلى الصيدلية مرة أخرى.

قال له الصيدلي :

_ ها أنت ترى أنك سقطت مرة ثالثة.

صاح النجار:

_ كلا. لا أريد أن أسمع لوما. أعطني بسرعة لزقة طبية.

أعطاه الصيدلي لزقة طبية.

   ألصقها النجار  بذقنه وجرى إلى بيته. ولكن هناك لم يتعرف إليه أحد ، ولهذا السبب لَمْ يَدَعُوهُ يدخل الشقة.

 صاح النجار:

_ أنا كوشاكوف النجار.

 يردون عليه من الداخل:

_ تتذرع دائما بعذر .

 وأحدهم أغلق الشقة بالكمَّاشة والسلسلة. بقي النجار كوشاكوف  لحظات في الدرج، وبصق لأنه كان مغتاظا، ثم خرج إلى الطريق.

( Écrits ) من كتاب :

Daniil harm.

Christian Bourgois éditeur.1993

ترجمها عن الفرنسية: الحسن بنمونة

هامش :

_ دانييل خارمس كاتب روسي ولد سنة 1905 أسس مع رفقة من الكتاب الروس جماعة أوبريو الأدبية . مات سنة 1942 في السجن بفعل الجوع والبرد .وقد ترجمت أعماله إلى لغات عديدة فنالت الإعجاب والتقدير. له أعمال قصصية منها 🙁 حوادث _ كتابات _ العجوز _ نمر في الطريق _ أولا ، ثانيا ..) .

Related posts

Top