ماذا بعد ارتداء السكان لكمامات الوقاية من فيروس كورونا؟

تارودانت

شيء مفرح أن تكون، الخريطة الوبائية لتارودانت في ظروف هذه الجائحة المرعبة، تبعث الاطمئنان في النفوس بعد شفاء الحالة الوحيدة المسجل تأكيدها، وخروج مخالطيها من العزل الصحي، وكذا التصنيف الوطني لتارودانت ضمن أقاليم المملكة الخالية في رصدها الحالي من فيروس كورونا القاتل .لكن، قد يخسر الإقليم هذا التميز إن لم تستمر الساكنة على نفس الانضباط الواعي بأهمية احترام قوانين حالة الطوارئ الصحية، والتي انضافت إلى ترسانتها مؤخرا قاعدة إجبارية ارتداء الكمامات الواقية لغير المحجورين من الحالات الاستثنائية المسموح لها التنقل خارج مقرات السكن . أكيد أن هذا القرار، جاء في سياق مرحلة دقيقة، بعد أن تحول من خلالها” المخالطون و خارقو الحظر الصحي ” إلى خطر داهم.
وبإمكان أجرأته بصرامة – أخد خدا بعين الاعتبار التدابير المواكبة لخصوصيات المجالات الترابية – أن يساهم في تطويق مستوى الهلاك الذي قد تخلفه تلك “المدمرات البشرية المتحركة”. وعلى مستوى تارودانت، يمكن للسلطات الإقليمية أن تبادر لإتحاد تدابير تكميلية عدة، وأخرى ستجد لها مخرجات، في ثنايا الميزانية المرصودة من طرف المجلس الإقليمي، بمقتضى دورية وزارة الداخلية بشأن محاربة الجائحة، والمحددة في غلاف يصل إلى المليار سنتيم، ومنها مثلا القيام بحملات تحسيسية تستهدف التوعية بمهارات وتقنيات التناول الصحي للكمامات الواقية بمختلف نقط البيع، مادامت سياسة القرب قد أوكلت وساطة التوزيع لشركات غير متخصصة، ومهمة البيع لزبنائها واسعي الانتشار بفضاءات تجارة القرب.
هذه المسالك، قد تجعل المنتج الطبي يسلك مسارات عبر تماس أياد غير معقمة و مفتوحة العدد، كما يمكن للمنتج أن يخزن ويعرض في ظروف غير صحية، و هذا طبعا رغم تقنين تعبئتها بعلب من فئة عشر عينات، و التي ستخضع حتما للتجزيء بمحلات أعتاد بعضها بيع العقاقير الطبية المسكنة للآلام بالتقسيط .
كما يمكن للسلطات الإقليمية، توجيه الآمرين بالصرف لذلك المليار سنتيم لتخصيص فصل فريد لشراء حاويات للنفايات وأكياس القمامة، لتوطين الأولى بمختلف أحياء المدينة وتوزيع الثانية على الساكنة
(إسوة بعيد الأضحى) طيلة مدة الحجر الصحي لا أطاله الله طبعا .
فالاستعمال غير المعتاد في ثقافتنا والواسع لكمامات ذات صلاحية أربع ساعات قد يهول الحجم المنتظر رميه، مما سينتج عنه هكذا مخلفات، من المفروض التفكير في معالجة مآل نهايتها على غرار تدبير بدايتها. إن مثل هذه النفايات الطبية أو شبه الطبية، إن لم تكن موبوءة فرضا بفيروسات كورونا المستجد، فيمكن لا قدر الله أن تكون ملوثة بجراثيم أخرى متنقلة، ومعدية للجهاز التنفسي من جنسي البكتيريا و الطفيليات، مما يحولها إلى ألغام موقوتة بعد الانتهاء من الاستعمال .
وكغيرها من المراكز الحضرية بالإقليم، فالمدينة لا تخلو من ظواهر سوسيو اقتصادية هامشية، امتهن معها العديد من الشباب الاسترزاق من براثن النفايات الصلبة منها : ظاهرة ” التبوعير ” أو ” البوعارة ” من شاكلة المنقبين في الأزبال المنزلية قبل جمعها من طرف مصالح البلدية، و فيلق ” النباشة ” في مطارح، هي أصلا عبارة عن مراع دائمة للحيوانات العاشبة، اللاحمة وأيضا لأسراب اللقالق والبلشون.
ولعل من حسنات حالة الطوارىء التي ستمر بسلام إنشاء الله، أن هذا الجيل وليد الثورة الرقمية و دستور 2011، الذي يجهل كل شيء عن حالة استثناء الستينات ومخزن ما بعد ذلك إلى التسعينات من القرن الماضي، قد يتعلم خلال الحظر الصحي بعض القيم الوطنية كالتضحية، الانضباط، التعاون، اليقظة، المصير المشترك … وقد يستوعب، إن بحث في تاريخ الأمس الفرق بين مغربين،
أن نزول القوات العمومية في مغرب اليوم، لفرض الانضباط للقانون وجزر الجانحين، هو واجب لا ينطوي على أية نزعة تسلطية أو سلوك عدواني، وإنما هي تدابير مشروعة التنفيذ لها غايات وطنية نبيلة تراعي المصلحة العامة وتستهدف السهر على صحة المواطنات و المواطنين و الحفاظ على أمنهم و سلامتهم .

 محمد مواد

Related posts

Top