يمكن اعتبار بعض شهور السنة في طي النسيان، على اعتبار أنها تكون خالية من مواعيد جديرة بالتذكير، غير أن شهر مارس له ميزة تميزه عن غيره من الشهور، فهو الشهر الذي يقام فيه أكبر عدد من الاحتفالات السنوية، إنه يحتكر أغلب الأيام العالمية التي يجري الاحتفال بها كل سنة في شتى الميادين والمجالات، ولعل هذا الامتياز الذي يحظى به شهر مارس دون غيره من الشهور يعود إلى كونه مقترنا بالفترة التي تؤشر على انطلاق حياة متجددة، بداية فصل الربيع بما يرمز إليه من عشق للحياة وللإبداع وللحرية..
في شهر مارس يتم الاحتفال باليوم العالمي للأرض، وهو اليوم الذي يراد به “نشر الوعي والاهتمام بالبيئة الطبيعية لكوكب الأرض”.
في شهر مارس يتم الاحتفال باليوم العالمي للأم، لأجل “تكريم الأمهات والأمومة ورابطة الأم بأبنائها وتأثير الأمهات على المجتمع”.
في هذا الشهر يتم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وهو “يقام للدلالة على الاحترام العام، وتقدير وحب المرأة لإنجازاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية”.
في هذا الشهر يتم الاحتفال باليوم العالمي للشعر، لأجل “تجديد إعطاء زخم للحركات الشعرية الوطنية والإقليمية والدولية”.
في هذا الشهر يتم الاحتفال باليوم العالمي للمسرح، حيث “تقام جملة من الأنشطة والاحتفاليات الخاصة بهذه المناسبة التي جرى العرف أن يتم اختيار شخصية إبداعية ومسرحية لكتابة كلمة خاصة بهذه المناسبة تلقى في اليوم ذاته، ويتم تعميمها على جميع المؤسسات المسرحية في العالم”.
في شهر مارس كذلك يتم الاحتفال باليوم العالمي للنوم،
من أجل “التذكير بفوائد النوم الجيد والصحي، ولشد انتباه الناس لمشاكل اضطرابات النوم على صحتهم وتعليمهم، وحياتهم الاجتماعية”.
في شهر مارس يتم الاحتفال بيوم السعادة، اعترافا “بأهمية السعي للسعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقق التنمية
المستدامة والقضاء على الفقر وتوفير الرفاهية لجميع الشعوب، إيمانا بحاجة العالم إلى نموذج اقتصادي جديد يحقق التكافؤ بين دعائم الاقتصاد الثلاث: التنمية المستدامة والرفاهية المادية والاجتماعية وسلامة الفرد والبيئة”.
……..
وهناك مجالات أخرى لا شك في ذلك، خصص لها يوم عالمي للاحتفال بها خلال هذا الشهر بالذات، شهر مارس، إلى حد أننا قد نجد في ذات اليوم احتفالا عالميا بمجالين مختلفين أو أكثر.
لقد ازدحمت أيام شهر مارس بالاحتفالات العالمية في شتى المجالات، إلى حد أنه لم يعد هناك مكان شاغر للاحتفال بمزيد من هذه المناسبات. طبعا، هذه مجرد مبالغة للدلالة على أن الشهر المذكور ينفرد بالعدد الهائل من الاحتفالات بالأيام العالمية.
وطبعا، فإن بلدنا ينخرط في هذه الاحتفالات التي أقرتها بالخصوص منظمة الأمم المتحدة، ولا يخلف موعده معها، ومن الملاحظ أن بين هذه الأيام ما كان بوحي من المغرب، من بيت الشعر تحديدا، ونقصد بطبيعة الحال اليوم العالمي للشعر.
لكن احتفالنا بهذه الأيام العالمية، يظل مع ذلك دون مستوى التطلعات، على اعتبار أن الاحتفال لا ينبغي أن يكون من أجل الاحتفال فقط، ذلك الاحتفال الساذج والسطحي، بل من المفروض أن يصب في تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها.
عبد العالي بركات