شكل موضوع “العفو وأدواره الدستورية في تحقيق الإدماج والتنمية” محور ندوة فكرية نظمت، الجمعة الماضي بالدار البيضاء، بمبادرة من اتحاد الجمعيات بلا حدود للتنمية والمواطنة.
وفي كلمة افتتاحية، قالت المنسقة العامة لاتحاد الجمعيات، لبنى الصغيري، إن تنظيم هذه الندوة يندرج في سياق يتميز بالعفو الملكي الأخير بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد وذكرى ثورة الملك والشعب، والذي استفاد منه عدد من الصحافيين والمدونين ومزارعي القنب الهندي، إضافة للمدانين في قضايا أخرى، مما خل ف تفاؤلا واسعا في الأوساط الحقوقية والمدنية.
وأكدت الصغيري، وهي محامية وبرلمانية، أن اتحاد الجمعيات كان سباقا للتطرق إلى موضوع العفو، مبرزة أن “العفو الملكي يمثل الأمل الوحيد الوارد بعد انتهاء جميع مراحل التقاضي وشعاع النور ونهاية النفق المظلم الذي يضمد جراح الأسر ويطلق سراح السجناء، وبابا من أبواب الحياة الكريمة الذي يعيد لهم مشاعر الأمن والطمأنينة”.
وأضافت أن فلسفة العفو تروم، بالأساس، إعادة السجناء وهؤلاء الأفراد للمجتمع، باعتبارهم جزء من النسيج الاقتصادي والاجتماعي، ودعم مشاركتهم بفعالية في أنشطة قانونية مدرة للدخل، تعمل عل تحسين وضعهم المعيشي وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي، وبالتالي تمنحهم فرصة بناء حياة أفضل لإدماجهم في المسلسل التنموي. من جانبها، أكدت البرلمانية والمناضلة الحقوقية، نبيلة منيب، أن موضوع العفو له راهنيته، بالنظر إلى التحديات الكبرى التي يعرفها العالم وفي مقدمتها تحدي الحريات، بالإضافة إلى ترؤس المغرب اليوم لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وهي مهمة تطرح على المملكة العديد من المسؤوليات والمهام.
وأكدت أن “العفو يعني شخصا أو أشخاصا أو مجموعات. وفي المغرب، ومع بداية عهد جلالة الملك محمد السادس، تم إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة التي لها علاقة بالعفو باعتبار أن له جانبا يرمي إلى المصالحة، حيث تمت معالجة ما يفوق 22 ألف ملف لجبر الضرر”.
وأبرزت أن العفو يعد من الأدوات المساهمة في تقوية وصيانة حقوق الإنسان، كما يشكل إشارة قوية لإرساء دعائم دولة الحق والقانون، واحترام المساواة وعدم التمييز، والالتزام بحرية التعبير والتظاهر السلمي، كما هو منصوص عليها في الدستور.
بدورها، قالت المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، عائشة الكلاع، إن العفو موضوع قانوني بأبعاد حقوقية وسياسية واجتماعية، وهو منظم بمقتضى الدستور والقانون الجنائي والمسطرة الجنائية. وفي المغرب، ينقسم إلى عفو خاص يصدر عن الملك، وعفو شامل يصدر بمقتضى نص تشريعي من خلال البرلمان. وأوضحت أن العفو لا يمس العقوبة بل يوقف تنفيذها فقط حيث تظل مقيدة في السجل العدلي، كما أنه يصدر بعد استنفاذ جميع طرق الطعن أو في بداية المحاكمة ويستهدف، على الخصوص، إضفاء المرونة على العقوبة الحبسية أو السجنية.
من جانبه، استعرض الباحث في الفكر الإسلامي، محمد عبد الوهاب رفيقي، تجربة إنسانية من خلال شهادته الشخصية كمعتقل سابق استفاد من العفو الملكي، معتبرا أنه “لا يمكن أن يعبر عن العفو سوى من عاشه.. ذلك أكبر مما قد يتصوره الناس”.
وأوضح أن “العفو الملكي يمكن أن يعيد المرء إلى الحياة.. إنه الأمل الذي يعيش مع المعتقل على الدوام”، واصفا حالات الفرح والابتهاج لدى الكثيرين بعد سماع خبر العفو الملكي، وبالتالي الإفراج عنهم.
محامون وباحثون يقاربون موضوع العفو وأدواره الدستورية
الوسوم