مشروع قانون المالية 2025 يعري عجزا حكوميا بينا

أجمع عدد من المتدخلين من أساتذة جامعيين وسياسيين وبرلمانيين واقتصاديين على أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 يعرف مجموعة من المستجدات، ويواجه تحديات كبرى في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية.
وسجل الأكاديميون والسياسيون، في اللقاء الذي نظمه منتدى اقتصاديي التقدم والاشتراكية، أول أمس الاثنين بالرباط، حول موضوع “مشروع قانون المالية 2025: تحديات اقتصادية واجتماعية بالمغرب”، (سجلوا) أن هناك عددا من التدابير الجديدة التي جاء بها قانون المالية والتي تهدف من خلالها الحكومة إلى مواجهة التحديات المطروحة.
وأردف المتدخلون، في اللقاء الذي احتضنه المقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية بالرباط، أن الحكومة وبالرغم من حملها لشعار الدولة الاجتماعية، تأتي بتوجهات عكس ذلك، ولم تنجح في تدبير المرحلة، خصوصا في مواجهة غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف العيش على المواطنات والمواطنين.
كما لفت المتحدثون إلى استمرار ارتفاع أسعار المواد الأساسية وفي مقدمتها أسعار الكازوال، والوقود، واللحوم الحمراء وغيرها، بالرغم من الأاوال المرصودة للدعم والإجراءات المعلن عنها، مؤكدين على ضرورة مراجعة عدد من السياسات والتوجهات الكبرى للحكومة الحالية.

صلاح كرين: الإجراءات الضريبية لن يكون لها أي تأثير على تحسين القدرة الشرائية

في هذا السياق، استعرض صلاح كرين أستاذ جامعي عضو المكتب المديري لمنتدى اقتصاديي التقدم في اللقاء الذي سيره الصحفي والإعلامي كريم حضري، المقتضيات الجديدة التي جاء بها مشروع قانون مالية 2025 على مستوى الضرائب والجبايات.
وبعدما استعرض مجموعة من الإجراءات الجبائية، توقف كرين عند تدابير إصلاح الضريبة على الدخل الذي يدخل ضمن سلسلة الإصلاح الجبائي بعد المصادقة على القانون الإطار للإصلاح الجبائي في 2021، والذي بدأ بالضريبة على الشركات في 2023، ثم الضريبة على القيمة المضافة في 2024، ثم الضريبة على الدخل التي جاء بها مشروع المالية الجديد.
وسجل كرين وجود ثلاث نقطة مستجدة ضمن مالية 2025، الأولى تتعلق بإصلاح الضريبة على الدخل، والثانية تتمثل في العقوبات التي جاء بها مشروع المالية والتي تهم الموثقين والخبراء المحاسبين والعدول والمحاسبين المعتمدين، ثم النقطة الثالثة التي تهم الإصلاح الجبائي في شموليته.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن مشروع مالية 2025 جاء بمراجعة جدول الضريبة على الدخل من خلال إجراء يهم الرفع من الشطر المعفي من 30 ألف درهم إلى 40 ألف درهم، حيث ارتأت الحكومة توسيع الأشطر للجدول وتخفيض النسبة العليا من 38 إلى 37 بالمئة، مع مواكبة هذا الإجراء بالرفع من ما يمسى بالتخفيض على الأعباء العالية الذي كان في مبلغ 360 درهم، والذي تقترح الحكومة أن يصل إلى 500 درهم في مشروع المالية الجديد.
وزاد كرين أن مشروع قانون المالية الجديد هم أيضا الإعفاء التام للأجور الخام التي تقل عن 6000 درهم في إطار تخفيف العبء على الطبقة المتوسطة، مشيرا إلى أن ما يثير الانتباه في هذا التوجه هو كون هذه المراجعة تعرف ارتفاعا في الإعفاء كلما ارتفعت الأجور.
ومن حيث وقع هذه المراجعة، يرى كرين أن الوقع على القدرة الشرائية سيكون مرتفعا للدخول الوسطى، ولكنه سيبقى بدون أي معنى بالنسبة للدخول المرتفعة، التي قال إن هذه الإجراءات لن يكون لها أي تأثير على القدرة الشرائية، ولن يتجاوز 1 بالمئة، وأن وقع هذه المراجعة له أثر طفيف فقط.
وأثار عضو المكتب المديري لمنتدى اقتصاديي التقدم التساؤل حول الهدف من إعفاء الدخول الكبرى ما دام أنها لن تغير من واقعها المجتمعي وقدرتها الشرائية، مشيرا إلى أن بعض هذه الإجراءات غير مفهومة ولم تخضع للتحليل الدقيق.
إلى ذلك، لفت كرين إلى إجراءات أخرى أثارت الكثير من الجدل، والتي بدأت الحكومة تبدي ليونة تجاهها من أجل التراجع عنها، وهي المتعلقة بالضريبة والعقوبات التي تقترحها في قانون المالية الجديد للموثقين والعدول والمحاسبين المعتمدين في حالة بعض الأخطاء في عملية التسجيل الإلكتروني وآجال التصريح. إذ شدد على أن هذه الإجراءات تثير الجدل فقط وليس لها أي وقع إيجابي، خصوصا في ظل علاقة الشراكة التي يجب أن تميز هذه الفئات مع مؤسسات الوطنية من قبيل إدارة الضرائب وغيرها باعتبارها شريكا للدولة في المراقبة والتسجيل وغير ذلك.
هذا، وتوقف كرين عند مجموعة من التدابير الجبائية، التي أوضح أنها تدخل ضمن الإصلاح الجبائي العام الذي حدده القانون الإطار، داعيا إلى مراجعة بعض الإجراءات التي لا أثر ولا وقع لها لا على المستفيدين منها ولا على خزينة الدولة، خصوصا تلك التي تثير الجدل فقط وترتبط ببعض الشركاء كما هو الحال بالنسبة للضريبة المحدثة التي تأتي كعقوبات في حق الموثقين والعدول والمحاسبين المعتمدين، داعيا إلى التعاون وإلى ليونة أكبر وإعطاء مساحة لتصحيح الأخطاء والتنبيه قبل تفعيل الغرامات، وعدم جعلها مباشرة بالنظر لما يمكن أن تحدثها من شد وجذب بين الحكومة وهذه الفئات.

عبد اله بوانو: مشروع قانون مالية 2025 هو الأضعف عبر التاريخ

 

من جانبه، توقف عبد الله بوانو رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، عند مجموعة من الإجراءات الجديدة التي جاء بها قانون المالية الجديد والتي قال إنها تثير الكثير من التساؤلات.
وضمن هذه الإجراءات التي أثارها عبد الله بوانو تلك المتعلقة بفرض ضريبة على ألعاب الحظ، وكذا إجراءات أخرى تهم نزع الملكية تحت اسم الاعتداء المادي، معتبرا أن مثل هذه الإجراءات غير مقبولة ولا يمكن السكوت عنها.
وحول الاعتداء المادي، أوضح بوانو أن الفصل 35 من الدستور يتحدث عن نزع الملكية، والتي لا يمكن أن تكون إلا عبر القانون، منتقدا هذا الإجراء الذي قال إنه لا يمكن فهمه ولا يمكن للدولة أن تأخذ الأرض غصبا دون تتبع المسطرة الخاصة بنزع الملكية، والتي لا تكلف في المدة الزمنية، حسب المسطرة المعمول بها وحتى في حالة الاستعجال، 7 أيام. متسائلا عن جدوى هذا القرار وتبعاته.
إلى ذلك، عاد بوانو للحديث عن مجموعة من التحديات التي يعرفها المغرب في السنوات الأخيرة والتي هي، بحسبه، تحديات كبيرة، خصوصا ورش الدولة الاجتماعية ودينامية الاستثمار في علاقتها بالتشغيل واستدامة المالية العمومية، ثم الإصلاحات الهيكلية، وهي المحاور الكبرى التي عبرت الحكومة عن التزامها بالعمل عليها.
وشدد بوانو على أن الحكومة وعلى كافة هذه المحاور الأربعة لم تقدم أي إنجاز، ولم تستطع برمجة أي إجراء عملي في مشروع المالية الجديد، بالإضافة إلى إشارته إلى إهمال الحكومة قضايا حيوية من قبيل الماء الذي شكل محط توجيه من جلالة الملك في خطاب العرش.
وسجل بوانو أن موضوع الماء ورد فقط في المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة عقب الخطاب الملكي قبل أن يتم تناسيه، بحيث لم يعد الحديث عنه قائما.
وزاد المتحدث أن الأولوية المفقودة إلى جانب الماء، هي التشغيل خصوصا بعد التزام رئيس الحكومة بجعل التشغيل أولوية الأولويات الحكومة في الوقت الراهن، مردفا أن هذا الالتزام تم تناسيه هو الآخر، وجرى تغيبه عن مشروع المالية الجديد.
ونبه بوانو إلى مخاطر إهمال الأولويات في مشروع مالية 2025، حيث قال إن هذا يؤثر على ثقة المستمرين والاستثمار الخارجي ويؤثر على تصينف الأولويات وعلى مسار محاربة الفساد الذي يعد هو الآخر ضمن أولوية الأولويات، مردفا أن الحكومة لم تأخذها بعين الاعتبار.
كما لفت المتحدث إلى الالتزام بإصلاح التقاعد، والذي أكد أنه جرى تغييبه هو الآخر ضمن إجراءات مشروع المالية الجديد، كما ذكر بالقانون الإطار المتعلق بإصلاح المقاولات والمؤسسات العمومية، الذي صدر في 2021، مبرزا أن الحكومة لم تقم بأي إجراء أو شكل من الأشكال لتفعيله، خصوصا في ظل الحاجة لـلإصلاح التي تهم المؤسسات الوطنية التي تواجه الإفلاس.
وخلص بوانو إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 هو أضعف مشروع قانون مالية على اعتبار أنه لا يراعي الأولويات والالتزامات، ويضم إجراءات تقنية محضة لا تفي بالغرض.

الحسن لشكر: مقتضيات قانون المالية غيب النموذج التنموي الجديد بشكل كلي

بدوره، قال الحسن لشكر نائب رئيس فريق المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، إن هناك مجموعة من السلوكات التي رافقت تقديم مشروع المالية 2025 للنقاش بمجلس النواب، والتي اعتبرها تمس بشكل واضح باختصاصات النواب وبدورهم الدستوري.
وأضاف لشكر أنه في قانون المالية الجديد، وفي سابقة لم يشهدها مجلس النواب في تاريخ المغرب، تم خرق مسطرة الإيداع المتعلقة بهذا القانون لدى مجلس النواب، مذكرا بأن هذه المسطرة، واضحة وهي المعمول بها لعقود من الزمن، حيث تنطلق هذه المسطرة بالعرض في المجلس الوزاري، ثم المصادقة بالمجلس الحكومي، ثم الإيداع المادي لدى مجلس النواب، وبعدها الدعوة إلى عقد جلسة مشتركة للبرلمان بغرفتيه.
وكشف لشكر أن ما وقع هذه المرة، هو أن النواب توصلوا بدعوة عقد الجلسة المشتركة بالبرلمان، وذلك قبل أن يتم صدور بلاغ الديوان الملكي للمجلس الوزاري الذي يقدم فيه مشروع قانون المالية الجديد.
وحسب لشكر، فإن هذا الأمر قد لا يكون مهما لبعض الفئات، لكنه يمثل بحسبه “خرقا خطيرا” للمسطرة المعمول بها، ويبين أن الحكومة بغض النظر عن جميع الآليات الموجودة، تسير وتتحكم في مجلس النواب الذي هو في الأصل مؤسسة مستقلة عن الحكومة وليس تابع لها أو جزء منها، مشددا على أن البرلمان مؤسسة مستقلة ويجب احترامها.
وبعد الإيداع، وبداية مناقشة مقتضيات المشروع الجديد، سجل المتحدث خروقات أخرى تتعلق بالتقديم والمناقشة، الذي كان في السابق يتم عبر جلسات مختلفة، واحدة خاصة بالتقديم فقط، ثم المناقشة لاحقا بالنظر لعامل الوقت، قبل أن يكشف بأن الحكومة الحالية ومن خلال عدد من القطاعات بدأت تتحكم في اللجان وتختار توقيت التقديم وتوقيت المناقشة.
والأخطر من هذا، يشير لشكر إلى أن بعض الوزراء هم من يحددون ويبرمجون اجتماعات اللجان في مجلس النواب، بل ويحددون الوقت وزمن التقديم والمناقشة.
وتسائل نائب رئيس فريق المعارضة الاتحادية عن مدى جدية هذا الوضع أمام القدرة على نقاش قطاع حكومي ومناقشة حصيلته وبرامجه للسنة الحالية والمقبلة في ساعتين من الزمن فقط، معتبرا ذلك “خطرا محدقا” يمس بدور النائب البرلماني.
وحذر لشكر من هذا التوجه الذي وصفه بالخطير، خصوصا أنه يوازيه توجه آخر، يهم الضغط على هيئات الحكامة والمؤسسات الوطنية كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وكذا بنك المغرب وهيئات وطنية أخرى، بحيث أن أي تقرير لأي مؤسسة وطنية ولأي هيئة حكامة فيه انتقاد بسيط لسياسة عمومية يتم تعريضه لآلة هجوم وفتك.
وزاد المتحدث أن الأمر لا يتعلق بالاختلاف فقط، وإنما تجاوز الأمر إلى حدود التخوين والتخويف ضد المؤسسات الوطنية التي تنتقد سياسة الحكومة، مشيرا إلى أن هذا ضغط لم يعد مقبولا وغير مسموح به من طرف الحكومة الحالية.
وحول قانون المالية الجديد، توقف لشكر عند مقتضياته وإجراءاته التي قال إنها غيبت النموذج التنموي الجديد بشكل كلي، مبرزا ان الحكومة وفي القوانين المالية الأخيرة مرت من اعتبار النموذج أحد اللأسس لبناء قانون المالية إلى اعتباره مجرد آلية للاستئناس إلى اعتباره ورقة يتقاطع معها القانون إلى أن اختفى بشكل كلي في مشروع مالية 2025.
وخلص لشكر إلى أن الحكومة عاجزة عن تحقيق الطموحات التي جاء بها النموذج التنموي الجديد، بما فيها الالتزامات المرتبطة بنسبة النمو التي قال إن الحكومة الحالية بعيدة عنها كل البعد وعن باقي الالتزامات المتعلقة بالدولة الاجتماعية الحقيقية.

عبد السلام الصديقي: مشروع المالية لا ينبغي أن يستند على الأرقام بل على التوجهات وعلى السياسة

من جهته، قال عبد السلام الصديقي الأستاذ الجامعي وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية إن مشروع قانون المالية لا ينبغي أن يكون التعامل معه على مستوى الأرقام بل ينبغي التعامل معه على مستوى السياسة والفلسفة.
وعاد الصديقي إلى فلسفة قوانين المالية منذ عقود من الزمن والتي قال إنها لا تتعلق بالأرقام واللعب بالمؤشرات والميزانيات وغير ذلك، مشيرا إلى أن مشروع المالية لا يستند على ذلك بل يجب أن يستند على التوجهات وعلى السياسة.
وشدد الصديقي على أن مشروع المالية يجب أن يستند وينطلق من السياسية، موضحا أن طبيعة الحكومة الحالية بعيدة عن السياسة وتمثل مصالح الرأسمال الكبير ولا ينبغي أن ينتظر منها المعجزة وأن لا يتم التفاجأ بإجراءاتها المعلنة. 
وعاد الصديقي للأولويات الأربعة التي جاء بها الحكومة، حول التشغيل والاستثمار، والدولة الاجتماعية ونسبة النمو، معتبرا أن الحكومة فشلت فيها، ولم تعد تضع إجراءات في قوانين المالية لتثمين هذا التوجه.
وذكر الصديقي بتصريحات رئيس الحكومة الحالي خلال تقديم حصيلة منتصف الولاية، والتي قال فيها إن الحكومة الحالية حققت في عامين برنامجها لخمس سنوات، حيث اعتبر الصديقي أن هذه التصريحات تكشف عن توجه الحكومة وفهمها للسياسية وضعفها في بلورة خطاب وتصور واضح.
وعن الديمقراطية كأولوية، كشف الصديقي أن مشروع المالية الجديد، وبالإضافة إلى 15 وثيقة مصاحبة معه، لم يذكر الديمقراطية، باستثناء المذكرة التقديمية لقانون المالية التي ذكرت الديمقراطية في نهايتها بصفة محتشمة وبدون سياق وخارج الموضوع، وليست لها علاقة بالديمقراطية كما هو متعارف عليها.
واستحضر الصديقي الحكومات السابقة، التي قال إنها كانت قوية سياسيا، بالموازاة مع قوة البرلمان، مسجلا أن هناك تراجعا كبيرا على هذا المستوى، بالدرجة التي تشكل خطرا على الديمقراطية وعلى مسار المكتسبات التي حققتها البلاد في هذا المستوى.
وقال عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في هذا السياق، “عندما كانت الحكومة قوية والبرلمان قوي كان النقاش حقيقيا، وكانت الأغلبية بمجلس النواب تحرج الحكومة قبل أن تفعل المعارضة نفسها ذلك”.
وعاد الصديقي للحديث عن النقاش حول المخطط الخماسي في حكومة اليوسفي والذي قال إن الأغلبية بمجلس النواب اتفقت مع المعارضة وصوتت ضده بسبب غياب وثيقة أساسية تهم توطين المشاريع، قبل أن تتدارك الحكومة ذلك حينها وتعتكف على إنجاز الوثيقة المذكورة وتعيد تقديمها.
وتابع الصديقي بالقول: حينها لم تكن هناك أغلبية “كارطونية”، وكان قانون المالية يصادق عليه في 31 دجنبر في منتصف الليل بعد نقاش ساخن وانتقادات من الأغلبية نفسها للحكومة، وبعد اجتماعات مطولة.
وانتقد الصديقي المسطرة الحالية التي تقوم على احتساب الثواني، مشيرا إلى أن هذا الوضع يؤدي إلى عدم قيام البرلمان بأدواره الأساسية وتبخيس دور مجلس النواب، حيث خلص إلى خطورة هذا التوجه، محذرا من كون هذه المسألة ليست مسألة سهلة وتشكل تهديدا للمسار الديمقراطي، قبل أن يدعو إلى تحمل مختلف الفاعلين مسؤوليتهم في مواجهة هذا المد النكوصي.

محمد بنموسى: الحكومة الحالية لا إرادة لها في تصحيح أخطائها وإخفاقاتها

إلى ذلك، قال محمد بنموسى الأستاذ الجامعي ورئيس منتدى اقتصاديي التقدم إن التوجهات العامة التي جاء بها قانون المالية للسنة الجديدة، ليست عبارة عن قائمة ولائحة وإحصائيات وفرضيات وتوقعات في المداخيل الجبائية والمصاريف العامة، بقدر ما هي نتاج لتصور استراتيجي وقرارات سياسية واختيارات سياسية أيضا.
وأضاف بنموسى “عندما نحلل مشروع مالية 2025 نجد أنه هو نفس التوجه للسنوات السابقة 2022 – 2023 – 2024، والذي هو توجه نيوليبرالي مبني على فكرة خاطئة لنظرية السريان السطحي.
وسجل بنموسى أن هذه الفكرة هي فكرة خاطئة في التحليل الاقتصادي والسياسي والتي قال إنها تظهر بشدة وبقوة في جميع قوانين المالية التي جاءت بها الحكومة الحالية منذ تنصيبها.
إلى ذلك، أردف بنموسى أن مشروع المالية لسنة 2025، جاء بكثير من السلبيات والقليل من الإيجابيات، مبرزا أنه بالرغم من ذلك به نقط ضوء قليلة تهم بعض المجالات.
وضمن هذه الإيجابيات، سجل رئيس منتدى اقتصاديي التقدم استمرار وتيرة الدولة في الاستثمار في البنية التحتية بـ 340 مليار درهم مبرمجة في سنة 2025،  عوض 335 مليار درهم في سنة 2024، موضحا أن ما هو فعلي يبقى دائما بين 75 و80 بالمئة من المبالغ المبرمجة.
وبالإضافة إلى ذلك، سجل بنموسى الاستمرار في تفعيل الورش الملكي في تعميم الحماية الاجتماعية، بغض النظر عن كل الثغرات والسلبيات التي يعرفها، “ولكن هناك إرادة في الاستمرار في تفعيل هذا الورش وبرمجة ميزانية تفوق 35 مليار درهم سنة 2025 و26 مليار للدعم الاجتماعي المباشر ثم 8.5 ومليار إضافي لـ أمو تضامن”، وفق تعبيره.
كما لفت إلى وجود إجراءات وأوراش تهم القطاع المائي والطرق السيارة للماء وربط الأحواض المائية وبناء محطات تحلية المياه الإستراتيجية، وفي الطاقات المتجددة، مشيرا إلى أن هذا هو الجزء الإيجابي.
وعن السلبيات التي جاءت في مشروع مالية 2025، كشف بنموسى  أنها تظل أكبر وأكثر وتفوق الإيجابيات بكثير، مشيرا إلى أنها تظل قائمة بسبب حصيلة الحكومة السياسية وغياب إرادة سياسية حقيقية لتصحيح هذه الأخطاء.
وبدوره، ذكر بنموسى بالبرنامج السياسي للحكومة الذي ركزت فيه على 10 التزامات، مبرزا أنها وفي كل هذه التزامات فشلت فشلا ذريعا، سواء في نسبة النمو الاقتصادي، أو خلق فرص الشغل، أو توسيع الطبقة الوسطى، وكذا التزام إخراج مليون من المواطنين من عتبة الهشاشة والفقر، والقفز بنسبة مشاركة النساء في العمل والنشاط في الاقتصاد من 19 إلى 30 بالمئة والتزامات أخرى جدد التأكيد على أن نتائجها سلبية.
وحول مشروعها الجديد لقانون المالية الخاص بـ 2025، في شموليته، خلص الخبير الاقتصادي إلى أن الحكومة الحالية لا إرادة لها في تصحيح أخطائها وإخفاقاتها السياسية والتي انعكست على مختلف المجالات الأخرى اقتصاديا واجتماعيا.

 محمد توفيق أمزيان

تصوير: رضوان موسى

Top