نظمت اللجنة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج التابعة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، مؤخرا ، وبإشراف المصطفى لبريمي عضو المكتب السياسي والمكلف بقضايا الهجرة المنتدى السنوي الثاني حول الهجرة وكان موضوعه ” مغاربة العالم بين المقاربة المؤسساتية والسياسات العمومية والسياسات العمومية ” ترأسه الأمين العام للحزب الرفيق نبيل بنعبد الله، الذي ألقى كلمة افتتاحية للمنتدى، وحضور رفاق من الهجرة وخبراء ومهتمين بقضايا الهجرة.
وافتتح المنتدى المصطفى لبريمي، ومما جاء في كلمته أن حزب التقدم والاشتراكية من الأحزاب الأولى في المغرب التي اهتمت بجد بقضايا الهجرة، وأنشأ الحزب فروعا نشيطة له بمدن أوروبية عديدة، ويرغب الحزب اليوم في توسيع رقعة حضوره وإشعاعه وسط مغاربة العالم في كل القارات والانشغال الجدي بقضاياهم الاقتصادية والاجتماعية والهوياتية، والدفاع عنها أمام الجهات الرسمية المعنية. وضمن هذا الانشغال يندرج هذا اللقاء.
الأمين العام في كلمته التوجيهية أكد بدوره أن للحزب باع طويل في الاهتمام بقضايا الهجرة منذ عقود، مشيرا بخصوص الوضع الداخلي إلى أنه الصراع يشتد مع اقتراب الانتخابات، وهو صراع بين أنصار الديمقراطية وأنصار التحكم وليس بين أنصار المحافظة وأنصار الحداثة كما يتم الايهام بذلك، و الحزب ينخرط بقوة في هذا الصراع و يواجه الضربات التي تأتيه من جميع الجهات وسيظل متشبثا بمواقفه باعتدال لكن بصرامة للدفاع عن مبادئه.
ثم انتقل للحديث عن القضايا الأساسية المرتبطة بهذا الجزء من الشعب المغربي ( حول 5 ملايين ) و الموجود في كل القارات و ليس فقط في أوروبا.
وذكر بوجود اندماج قوي للمغاربة في دول مختلفة مع وجود تفاوت بين البلدان خاصة تلك الحديثة العهد بالهجرة، وعلى العموم هناك تحسن في القدرة على الاندماج، والحزب له حضور داخل الجالية ويجد اليوم بعض الصعوبة للاتساع أكثر نظرا للاتساع الجغرافي و كثرة العدد، وعموما فإن نسبة التأطير الحزبي ضعيفة بالنسبة لكل الأحزاب ومنها حزبنا.
وهناك جمعيات داخل الهجرة، لكن بعضها جدي وأغلبها مجرد دكاكين في ملكية شخص واحد أحيانا.
ثم انتقل للحديث عن مساهمة الجالية في المسلسل الانتخابي، مشيرا إلى وجود موقف يقول أن ذلك غير ممكن، لكن عمليا هناك تخوف من الميولات الدينية وبعضها راديكالية لدى جزء من الجالية المقيمة بالخارج، إذن الخوف من النتيجة غير أنه اكد ان الأغلبية الساحقة غير مؤطرة في هذا الاتجاه ومن لا داعي للتخوف.
وأشار الامين العام الى وجود مخاطر حقيقية تهدد الكيان الذي ننتمي إليه، ثم أشار إلى العمليات الإرهابية المختلفة في أماكن متعددة، و هو ما يثير احتمال أن تمس هذه العمليات بلادنا مشيدا بيقظة الأجهزة الأمنية و كشفها لخلايا إرهابية عديدة، مؤكدا على أهمية النقاش حول هذا الموضوع و إمكانيات مواجهة الإرهاب.
ثم أشار إلى وجود عشرات آللاف من الطاقات وأخبر أن الحزب طرح باب الترشيح لمغاربة العالم في اللوائح الوطنية للنساء والشباب.
وأشاد الأمين العام بفرع ألمانيا من حيث انسجام أعضائه وعقده لاجتماعات مستمرة في مدن مختلفة، و اهتمامه بقضايا مواطنينا المهاجرين وتواصل مستمر بين قيادة الحزب، وهو ما ينبغي القيام به في باقي الفروع.
ثم أشار إلى تأسيس الحزب فدرالية أوربا ووجود امتدادات للحزب في مختلف البلدان الأوربية، وعلينا التفكير بجدية حول ما يتعين القيام به من عمل وسط الهجرة، وهناك مشاكل أخرى غير المشاركة في الانتخابات، وهناك قضايا كبرى مطروحة وتتعلق بالهجرة علينا التداول فيها، وعلينا البحث عن أساليب متجددة للوصول إلى نتائج محددة، وعلينا أن نكون في الموعد مع مطالب هذه الفئة، لكن علينا أن نكون أقوى للاشتغال بشكل أفضل.
بعد كلمة الأمين العام تدخل الرفيق لطفي لمريني و استهل مداخلته بقوله أنه عندما نتحدث عن مغاربة العالم لابد من استحضاره عددهم الكبير ( 5 ملايين) و ما يحولون لبلدنا و كذلك مسألة الهوية و الصعوبات الحقيقية التي يواجهها مواطنونا من أجل الاندماج ، مشيرا إلى ارتفاع معدل البطالة و معدل الطلاق و الفشل المدرسي.
فكل مهاجر يحمل ارثا ثقافيا وحضاريا وقيميا وسلوكيا، ويتواجد في بلد لا يحمل نفس الثقافة و نفس القيم،و يحمل هوية يحاول ممارستها في إطار مخالف.
ويوجد تعايش بين مختلف الثقافات، ويمكن ان نساهم جميعا في بلورة إطار للعيش المشترك .فالبلدان التي تؤمن بهذه المقاربة تبلور سياسات عمومية في هذا الاتجاه، و إيجاد مواقع لممارسة كل واحد لثقافته و قيمه( إيجاد مساجد مثلا) وهناك بلدان تمكنت من إدماج بنجاح و إحترام ثقافات المهاجرين.
لكن المشكل هو وجود عناصر تخرب هذا المسار من خلال ممارسات تتناقض جذريا مع قيم البلدان المضيفة ( الاسلاميون المتشددون ) وهو ما يخلق ردود فعل وتراجع الصورة الايجابية للمهاجرين . ومشكلة الهوية تتعمق أكثر بالنسبة للأطفال، فالطفل يحمل هوية في الخارج ( البلد المضيف) وهوية في داخل البيت ( البلد الأصلي) مما يؤدي إلى تشكيل شخصية متعددة السرعات.
وأكد الأستاذ المريني على ضرورة الانسجام ،فالانفصام يؤثر على الحياة العائلية، الأطفال يستوعبون جيدا هوية البلد المضيف و يواجهون هوياتهم الأصلية. وتطرح مسألة الهوية سؤال على الطفل : من أكون؟ كندى أم مغربي؟ مثلا ،ما علاقتي بالمغرب ؟ و الاحصائيات تبين ارتفاع نسبة الفشل الدراسي بسبب هذا الصراع الهوياتي.
واشار الرفيق لطفي ان الجيل الأول ليس له مشكل ، المشكل في الأجيال اللاحقة ، فالمسافة بين البلد الأصلي و البلد المضيف تتسع لصالح البلد المضيف مؤكدا ان عدد الأطفال في كندا مثلا الذين يأتون إلى المغرب يقل ، نظرا للبعد و كثرة التكاليف، مما يبعدهم أكثر عن بلدهم ، و بالتدريج يبتعدون عن هويتهم.
وبخصوص المقاربة المؤسساتية تساءل لمريني عن جدوى وجود مؤسسات ثقافية في الخارج و هو أمر مكلف ماليا و دون ضمان النتائج.
المهم بالنسبة للأستاذ المريني هو تكثير البرامج الثقافية و صرف الاعتمادات المالية بشكل عقلاني ومنتج وكثرة الأنشطة حيث القاعات موجودة في كل مكان دون الحاجة إلى مركز خاص.
و المراكزالثقافية أفيد في بلدان إفريقية مثلا لإشاعة الثقافة المغربية، أما في البلدان المتقدمة فإنها لا تقدم قيمة مضافة حقيقية.
ثم تدخل الأستاذ محمد فران الذي أشار إلى عولمة الهجرة المغربية و تجاوزها للحدود الأوربية وتوجه الأجيال الجديدة للإستقرار النهائي في بلدان الاستقبال. مشيرا إلى وجود تحول في البنية السوسيو/مهنية للهجرة ،كفاءات عالية في ميادين مختلفة أكثر من 17% تحتل مواقع مهمة ، و أكد على وجود ارتباط وجداني بالمغرب يتجلى في متابعة الجالية الشأن الوطني عبر وسائل الاعلام / الفضائيات و الارتباط باللغة و الدين للتعلق بالهوية لترسيخ للانتماء للوطن.
واضاف الاستاذ فران ان الجالية تتجاوز تدريجيا خطاب الهوية بمعناها التقليدي و البحث عن هوية متفتحة تساعد على الاندماج التلقائي في مجتمع الهجرة، فهناك نماذج من الشباب يعتزون بهويتهم و لغتهم العربية و الأمازيغية، و في نفس الوقت يحتلون مواقع مهمة في بلدان الاستقبال ( وزراء وزيرات، نواب ، عمد مدن…… )
لكن لا يمكن نكران بعض الاشكالات الذاتية التي قد تصل إلى ما يشبه حالة صراع بقاء ، و الاغتراب النفسي.
الجيل الأول وجد حلا بالانغلاق وفرض ذلك على الجيل الثاني لكن الجيل الثالث و الرابع يعيش تنافرا بين قيم البيت و قيم الخارج ،و الانفصام اشتد بعد أحداث 11 شتنبر مما يؤدي إلى ووجود ردود فعل للمسلمين للتشبث أكثر بالهوية ، مع ملاحظة وجود تفكك إجتماعي داخل الهجرة ، فهناك أبناء ينسلخون بشكل تام عن الهوية أو العكس الانغماس فيها بشكل متطرف، ووجود البطالة و التهميش يعمق هذا التوجه .
وبخصوص النموذج المغربي للتدين اشار الاستاذ فران الى وجود صراع داخل الهجرة بين تيارات دينية متعددة : التشيع ، الوهابية ، التيار الحركي ، الإخوان المسلمون، وهناك النموذج المغربي في التدين الذي يقوم على ثوابت الأشعرية ، المذهب المالكي، وطريقة الجنيد،مع وجود إمارة المؤمنين.وهذا يمثل الهوية المغربية.الجالية واعية بهذه الهوية وعي يتفاوت من بلد لآخر ومن مدينة لآخرى ومن شخص لآخر.و الهوية المغربية يمكن استثمارها في محاربة العنف و الإرهاب. و النموذج المغربي يمكن أن يكون قنطرة للتواصل مع الآخرين.
> مصطفى لبرايمي
********
مسيرة مغاربة العالم» من الرباط إلى العيون
نظمت التنسيقية الدولية لمغاربة العالم، وهي جمعية للدفاع على مصالح الجالية المغربية، على مدار أيام 5-6-7 غشت الجاري، «مسيرة مغاربة العالم» من الرباط إلى العيون.
وتأتي هذه المسيرة التي انطلقت عشية يوم الجمعة الماضي، حسب المنظمين، للتأكيد على ارتباط الجالية المغربية بالوطن وقضاياه وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية.
كما شكلت المسيرة فرصة لمجموعة من الأجيال من المغاربة المقيمين بدول أوروبية وخليجية لصلة الرحم مع ساكنة العيون، واعتبر المشاركون أن اللقاء مع المغاربة الصحراويين وجمعيات المجتمع المدني، تجربة شيقة.
وينتظر بمناسبة اليوم العالمي للمهاجر الذي يصادف 10 غشت الجاري، تنظيم ندوات ومحاضرات ولقاءات تواصلية حول قضايا الجالية والمشاكل المطروحة في الوقت الراهن بحضور فعاليات وسائل إعلام وجمعيات مهتمة بقضايا الهجرة.
يعتبر أحمد المحمدي، مهاجر مغربي مقيم بالإمارات، وعضو التنسيقي، مغاربة الخارج كأصابع اليد الواحدة، لكن لكل خصوصياته وطرق التعامل معه. وقال إن مغاربة الخليج يعانون من غياب الحماية القانونية ضد الابتزاز ومن استغلالهم من قبل شبكات النصب والاحتيال ومحترفي الدعارة المنظمة.
********
> ما هي خصوصيات الجالية المغربية بالخليج؟
< الجالية المغربية المقيمة بدول الخليج العربي تقدم صورة مغايرة تماما لما لدى الرأي العام المغربي عن هذه الجالية من معلومات.
أولا، إنها قليلة العدد نسبيا: 4 آلاف في قطر، 3 آلاف في البحرين، 23 ألفا في الإمارات العربية المتحدة من عدد إجمالي يتراوح بين 90 و100 ألف مغربي مقيم في كل المنطقة.
ثانيا، إنها جالية شابة في مجملها وتشكل الجيل الأول للهجرة، أي أن القليل من أبنائها من ولد في الخليج.
ثالثا، إنها تعمل في ميادين مهنية وحرفية وخدماتية جد متنوعة وفي قطاعات استراتيجية، وقليل منها من ليس له تأهيل متوسط أو عال.
رابعا، إن تحويلاتها المالية إلى المغرب مرتفعة ويفوق معدلها، بالنسبة إلى كل فرد، معدل التحويلات التي يقوم بها المغاربة المقيمون في كثير من الدول الأوربية وأمريكا الشمالية.
أضف إلى ذلك أن هذه الجالية تعد نموذجا في الانضباط والسلوك الحسن ومندمجة اندماجا كاملا في مجتمعات دول الاستقبال، كما يدل على ذلك العدد الكبير للزيجات المختلطة في صفوفها.
> نتحدث كثيرا عن برنامج لرصد كفاءات مغاربة العالم، هل توجد بمنطقة الخليج كفاءات مغربية عالية؟
< نسبة الأطر العليا والمتوسطة المغربية في مجالات العمل مهمة جدا، إذا قورنت بالعدد الإجمالي للمغاربة في الخليج الذي لا يتجاوز 100 ألف مغربي. هذه الكفاءات يجب العمل على إدراجها ضمن خطة استكشاف الطاقات البشرية لمغاربة العالم للتعرف عليها وعلى مجالات تخصصها وإمكانيات مساهمتها في تنمية بلدها إما بعلمها أو بأفكارها أو بمشاريعها الاستثمارية، كما يجب العمل على ربط الصلة بينها وبين الجهات المعنية في المغرب، التي يمكنها الاستفادة من هذه الخبرات في إطار شراكة لنقل المعرفة وتنفيذ مشاريع ميدانية.
> يقال أن مشاكل الجالية بالخليج، بالمقارنة مع تلك التي تعيشها مثيلاتها في أوربا أو أمريكا، قليلة . أين يتجلى ذلك؟
< من البديهي أن المغاربة الذين يعيشون وسط إخوان لهم عرب ومسلمين لا تطرح بالنسبة إليهم القضايا الكبرى المتعلقة بالهوية والتعايش والاندماج، كالتي تشغل بال الجالية المغربية في المجتمعات الغربية.
على رأس المشاكل التي تشتكي منها الجالية بالخليج عدم وجود مؤسسات ومناهج مدرسية خاصة بأطفال الجالية تحافظ لهم على هويتهم ومقومات انتمائهم الوطني، وتسهل اندماجهم في النظام التربوي المغربي في حالة العودة إلى المغرب.
كما أن الجالية بالخليج تشكو من عدم وجود نظام عمومي للتقاعد والتأمين الصحي، ومن ضعف الحماية القانونية تجاه حالات الاحتيال والابتزاز الكثيرة التي تتعرض لها اليد العاملة المستوردة من المغرب، في غياب مؤسسات للإرشاد والتوجيه لتنظيم تنقل العمالة بين بلدنا ودول الخليج.
مشكل آخر، ومن نوع خاص يؤرق الجالية، يتمثل في المظاهر والتصرفات المخلة بالشرف التي تسيء إلى سمعة وطننا.
> ما هي، في نظركم، طبيعة الجهود التي يجب بذلها وتكون فعلا مجدية؟
< يجب أن تنصب الجهود على مكافحة شبكات الجريمة المنظمة، بما فيها تلك التي تنشط في مجال الاتجار في البشر وفي الدعارة على وجه الخصوص، ورصد وتفكيك الشبكات من هذا النوع التي تتخذ من أرض الوطن منطلقا لعملياتها.
يجب معالجة هذه الظاهرة التي يقع ضحيتها عدد من النساء المغربيات. لكن القضاء على هذه الظاهرة لا يمكن أن يتم بالردع فقط. هذا الموضوع يستدعي مقاربة شمولية تنظر إلى أصل المشكل، وهو الفقر وتفشي البطالة، والعمل على معالجته بما يلزم من مشاريع التنمية البشرية. وهنا أشدد على ضرورة لعب الإعلام المغربي لدوره كاملا. فالملاحظ أن وسائل إعلامنا مغيبة تماما عن قضايا الجالية المغربية في الخليج. على الإعلام المغربي، خاصة في ظل مقتضيات الدستور الجديد، أن تنكب على ملفات حارقة تهم مغاربة الخليج والتي نتمنى أن يتم تطويقها اعتمادا على قوانين ومؤسسات لا شك أن دستور 2011 حافل بها لكونه دستور متقدم يعد بالكثير وما علينا إلا أن نقوم بتنزيله خدمة لجاليتنا في الخليج.
حاوره مصطفى السالكي