ملف الميتريزيين من كلية علوم التربية على صفيح ساخن

تم إحداث شعبة الميتريز في علوم التربية سنة 1993، بتخصصيها التربية ما قبل المدرسية والتربية الخاصة بالمعاقين، حيث تخرج منها ثلاثة أفواج: الفوج الأول (1993-1995)،الفوج الثاني (1994-1996)، والفوج الثالث (1995-1997)، وتنص شروط ولوج هذه الكلية على: انتقاء أولي لحاملي شهادة الدراسات الجامعية العامة،مع ضرورة الحصول على ميزة، امتحان لولوج كلية علوم التربية بشقيه الكتابي والشفوي،دراسة لمدة سنتين بنظام الوحدات، اجتياز فترة التدريب الميداني القانوني بمؤسسة تربوية أو مركز حسب التخصص،إنجاز بحث أكاديمي، اجتياز امتحان التخرج.
وبعد هذه المراحل أصدرت وزارة التربية الوطنية مرسوما وزاريا بالجريدة الرسمية عدد 4661 بتاريخ فاتح فبراير 1999 تنص فيه على قبول ولوج إطار أساتذة السلك الثاني من الدرجة الثانية إحدى الشهادتين المسلمتين من كلية علوم التربية،ورغم ذلك لم يتم تشغيلهم إلا بعد سلسلة من النضالات التي انتهت بتوظيفهم المباشر في سلك الوظيفة العمومية كأساتذة السلك الإعدادي السلم 9، الرتبة 1 إلى حين توفر المناصب المالية على أن يتم تغيير الإطار في شتنبر من الموسم الدراسي الموالي (2000-2001) إلى إطار أساتذة السلك الثاني الدرجة الثانية حسب ما تنص عليه الجريدة الرسمية، إلا أن الوزارة لم تف بوعدها، بل أكثر من ذلك تم إخضاعهم لامتحان الكفاءة المهنية إما بإعدادية أو بمركز تكوين المعلمين آنذاك، رغم كونهم خريجي كلية علوم التربية، ولم يتم الاعتراف بهذه الشهادة ورسموا في إطار أساتذة السلك الإعدادي،والأغرب من ذلك أن المهام التي يزاولونها في الميدان تنسجم جملة وتفصيلا مع هذه الشهادة، فحملة الميتريز في التربية ماقبل المدرسية تم تعيينهم بمراكز موارد التعليم الأولي للإشراف عليها ووضع استراتيجيات التدخل في قطاع التعليم الأولي، أما حملة الميتريز في التربية الخاصة بالمعاقين فقد وظفوا للإشراف على الخلايا الخاصة بإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة بالنيابات. وهنا المفارقة العجيبة، فالوزارة تعمل بحسب هواها بشكل غير مسؤول، فهذه الفئة تعترف بها ميدانيا،وفي نفس الوقت تتجاهلها إداريا. والمفارقة الأعجب أن مديرية الشؤون القانونية والمنازعات أقرت بمعادلة هذه الشهادة طبقا للمرسوم السابق ذكره لإطار أستاذ السلك الثاني، بل أكثر من ذلك فالنظام الأساسي لموظفي التعليم بعد التعديل ينص على أنه يلج هذا الإطار حسب المادة 27 الحاصلون على دبلوم أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي المحددة شروط تهييئه وتسليمه بموجب مرسوم أو شهادة معادلة له.
وتجدر الإشارة أنه قد صدر في حق شهادة الميتريز من كلية علوم التربية قرارا معادلة وزاريين، وهما: قرار وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم 2317.98 الصادر في 6 رمضان 1419 (25 ديسمبر 1998) بالجريدة الرسمية عدد 4661 بتاريخ 14 شوال 1419 (فاتح فبراير 1999) بتحديد إحدى الشهادتين المسلمتين من كلية علوم التربية قصد ولوج أساتذة السلك الثاني من الدرجة الثانية، ابتداء من 16 سبتمبر 1997، وهما شهادة الميتريز في علوم التربية، تخصص التربية الخاصة بالمعاقين، و شهادة الميتريز في علوم التربية،تخصص التربية ماقبل المدرسية؛ ثم قرار المعادلة الثاني وهو قرار الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة رقم 2273.14 الصادر في 27 شعبان 1435 (26 يونيو 2014) بالجريدة الرسمية عدد 6268 بتحديد شهادة الميتريز في علوم التربية لولوج درجة متصرف من الدرجة الثالثة ابتداء من تاريخ التعيين.
وأمام تعنث الوزارة وتماطلها في تسوية الوضعية الإدارية والمالية لهذه الفئة، فإن عناصر منها، وعددهم يناهز الخمسة عشر فردا لجؤوا للقضاء طلبا للإنصاف ورد الاعتبار،وهكذا منذ حوالي ثلاث سنوات، بتاريخ 20/01/2016 أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط حكما بين المتقاضين من جهة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني في شخص وزيرها من جهة أخرى.
وبناء على المقال الافتتاحي للدعوى المسجل بصندوق هذه المحكمة بتاريخ 11 نونبر 2015، الذي يلتمس فيه المدعين الحكم بتسوية وضعيتهم الإدارية والمالية.
وبناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 09/12/2015 تحث رقم 1271 والقاضي بإجراء بحث بمكتب المستشار المقرر ليوم 30/12/2015، وبناء على ما راج بجلسة البحث وبما هو مضمن بمحضرها، وبناء على المستنتجات عقب البحث المدلى بها من طرف المدعين بواسطة نائبهم بتاريخ 12/01/2016 والذين التمسوا فيها بتمتيعهم بطلباتهم المحددة في المقال الافتتاحي للدعوى.
وبناء على إدراج القضية بالجلسة العلنية المؤرخة في 13/01/2016 تخلف عنها الأطراف رغم التوصل، فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي بسط تقريره فقررت المحكمة حجز القضية للمداولة قصد النطق بالحكم بتاريخ 20/01/2016 والذي جاء من حيث الشكل كالآتي: قبول الطلب لأنه مستوفي لكافة الشروط الشكلية المتطلبة، ومن حيث الموضوع، فإن مؤدى الطلب هو الحكم بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعين وذلك بتغيير إطارهم بجعلهم متصرفين من الدرجة الثالثة ابتداء من تاريخ تعيينهم مع مايترتب على ذلك من آثار قانونية، وتحميل المدعى عليها الصائر وإشفاع الحكم بالنفاذ المعجل.
وحيث أسس المدعين دعواهم على أحقيتهم في مراجعة وضعيتهم الإدارية منذ تاريخ توظيفهم بناء على شهادة الميتريز واستنادا إلى القرار الصادر عن الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة،بتاريخ 26/06/2014 تحث عدد 2273.14.
وأن تسوية وضعية المدعين تستلزم أن يكون توظيفهم قد تم بناء على الشهادة المذكورة – ميتريز في علوم التربية – قبل صدور القرار أعلاه. وحيث أنه بعد الاطلاع على وثائق القضية والمستندات المدلى بها يتضح أن المدعين ولئن كان توظيفهم قد تم في إطار أساتذة السلك الأول الدرجة الثالثة السلم 9 بناء على دبلوم السلك الأول من الإجازة بتاريخ 05/10/1999 فإن نتائج البحث المجراة بمكتب المستشار المقررة بتاريخ 30/12/2015 بحضور المدعين ونائبهم والتي تخلفت عنها الجهة المدعى عليها رغم توصلها، تبين فيها أن المدعين تم توظيفهم بناء على شهادة الميتريز، حسب ما هو ثابت بالوثائق والمستندات المدلى بها،وحيث تبعا لذلك مادامت المرجعية التي اعتمدها المدعين في توظيفهم جاءت منسجمة مع المادة الثالثة من القرار المشار إليه أعلاه، فإن المدعين يكونون محقين في تسوية وضعيتهم الإدارية ابتداء من تاريخ تعيينهم بناء على شهادة الميتريز في علوم التربية، وحيث أن طلب النفاذ المعجل ليس له ما يبرره مما يتعين رفضه، وحيث أن خاسر الدعوى يتحمل مصاريفها، فقد جاء منطوق الحكم تطبيقا لمقتضيات القانون 90.41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية كما يلي: حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وبمثابة حضوري في الشكل بقبول الطلب وفي الموضوع بأحقية المدعين في تسوية وضعيتهم الإدارية بناء على شهادة الميتريز في علوم التربية ابتداء من تاريخ تعيينهم مع مايترتب على ذلك من آثار قانونية وتحميل المدعى عليها المصاريف ورفض النفاذ المعجل. وتم الأمر بتنفيذ الحكم الصادر، غير أن الوزارة المعنية رفضت تنفيذه واستأنفت الدعوى، وطالبت أفرادا من هذه الفئة الذين مروا للسلم 11 عبر اجتيازهم للامتحان المهني قبل سنة 2014بإرجاعهم للمبالغ المالية التي تقاضوها في إطار نجاحهم في هذا الامتحان إذا أرادوا أن تسوى وضعيتهم الإدارية والمالية، علما أن عناصر كثيرة من هذه المجموعة قد اجتازت الامتحان المهني قبل 2014 بسنوات متفاوتة.
وهنا نتساءل: كيف يمكن للوزارة الوصية أن تخرق قانونا سنته وذلك بتمكين هذه العناصر من مستحقاتها المشروعة بعد أن أجروا الامتحان المهني بشكل قانوني، كي تطالبهم اليوم بإرجاعها بدعوى تسوية وضعيتهم الإدارية والمالية،بهذا الشكل فإن الوزارة تكرس الحيف مرتين على هذه الفئة، فما هكذا ترد الإبل يازيد.
وتبعا لكل مجريات القضية، وفي إطار المستجدات الراهنة واهتمام الوزارة بهذين القطاعين الحيويين: التعليم الأولي والتربية الدامجة لاسيما في إطار بناء النموذج التنموي الوطني وأمام نية وعزم السيد وزير التربية الوطنية على حلحلة الملفات الفئوية العالقة منذ سنوات والتي من جملتها أصحاب الشواهد العليا وإثارة نقاش وطني حولها مع النقابات الأكثر تمثيلية فإن المتقاضين المتضررين بمعية عناصر المجموعة برمتها يطالبون القضاء بتنفيذ الحكم الصادر لصالحهم،معتبرين إياه حكما عادلا ومنصفا لحقوقهم المشروعة والثابتة قانونا، شكلا ومضمونا، كما ويطالبون الوزارة الوصية بالتراجع عن غيها وأساليبها التماطلية وشروطها المجحفة لتسوية وضعيتهم الإدارية والمالية بقبول التنفيذ دون تلاعب أو اجترار،كما وتناشد جهات معينة وعلى رأسها رئيس الحكومة، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الفرق البرلمانية والهيئات النقابية للتدخل الفوري لدى الوزارة المعنية لحل مشكلة وضعيتهم الإدارية والمالية العالقة منذ أزيد من عشرين سنة.

Related posts

Top