منظمات غير حكومية تعلق نشاطها في أفغانستان بعد حظر عمل النساء فيها

أعلنت عدة منظمات إغاثية أجنبية الأحد تعليق عملها في أفغانستان بعد قرار حركة طالبان منعها من توظيف نساء فيما حذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة من أن مواصلة العمل الإنساني ستكون “صعبة جدا” إذا طبق القرار.
وجاء في بيان مشترك صادر عن “أنقذوا الأطفال” (سيف ذي تشلدرن) والمجلس النروجي للاجئين و”كير” أن “بانتظار اتضاح الصورة بشأن هذا الإعلان، سنعلق برامجنا مطالبين بمواصلة الرجال والنساء وبشكل متساو تقديم مساعداتنا التي تنقذ الأرواح في أفغانستان”.
صدر البيان في ختام اجتماع ضم مسؤولين كبارا في الأمم المتحدة وممثلي عشرات المنظمات غير الحكومية في كابول.
على الأثر، أعلنت منظمة لجنة الإغاثة الدولية (IRC) الموجودة في أفغانستان منذ عام 1988، أنها ستعلق أنشطتها في البلاد، مؤكدة أن من بين موظفيها البالغ عددهم 8000 موظف، هناك 3000 امرأة. وقالت لجنة الإغاثة الدولية في بيان: “إذا لم يسمح لنا بتوظيف النساء، فلن نتمكن من تقديم الخدمات للمحتاجين”.
وجهت وزارة الاقتصاد السبت إلى جميع المنظمات غير الحكومية بوقف عمل موظفاتها تحت طائلة إلغاء ترخيصها. ولم يتضح إن كانت هذه التوجيهات ستؤثر على العاملات الأجنبيات.
وأوضحت الوزارة في رسالة إلى المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية أنها اتخذت هذا القرار بعد ورود “شكاوى جدية” بشأن عدم امتثال العاملات لارتداء الحجاب الذي يقوم في أفغانستان على تغطية كامل الوجه والجسم.
حذرت كارين ديكر القائمة بالأعمال الأميركية في أفغانستان من أن قرار طالبان سيؤدي إلى المجاعة.
وكتبت ديكر على تويتر بلغات عدة “بصفتي ممثلة لأكبر مانح للمساعدات الإنسانية لأفغانستان، أشعر أن لدي الحق في الحصول على تفسير عن الكيفية التي تعتزم بها طالبان حماية النساء والأطفال من الجوع، عندما لا ي سمح للنساء بتوزيع المساعدة على النساء الأخريات وعلى الأطفال”.
قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في أفغانستان رامز الاكبروف لوكالة فرانس برس “إذا لم يتم التراجع عن هذا القرار وإيجاد حل لهذه المشكلة، فسيكون من الصعب جدا الاستمرار وتقديم المساعدة الإنسانية بطريقة مستقلة وعادلة، لأن مشاركة النساء مهمة جدا”.
وأضاف “لا نريد تعليق المساعدات على الفور لأنها ستضر بالشعب الأفغاني”، متحدثا عن تأثير “مدمر” قد يلحقه ذلك باقتصاد البلاد المنهك بالفعل. وأضاف أن الأمم المتحدة ستعمل على إعادة النظر بالقرار.
بدورها، دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى تبني “رد فعل واضح من المجتمع الدولي”.
وقالت بيربوك في تغريدة على تويتر “من يستثني النساء والفتيات من العمل والتعليم والحياة العامة لا يدمر بلاده وحدها”، مؤكدة “نحن ملتزمون الحصول على رد فعل واضح من المجتمع الدولي”.
كما نددت منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة عضوا بالإعلان وشدد أمينها العام حسين إبراهيم طه على مطالبة حركة طالبان “بإعادة النظر” في القرار الذي قال إنه “يتعارض مع مصلحة الشعب الأفغاني”.
لكن طالبان عبرت عن تحديها الأحد للانتقادات الدولية. وردا على تعليق القائمة بالأعمال الأميركية، كتب المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد على توتير أن “لا نسمح لأي شخص بأن يلقي الكلام جزافا أو يوجه تهديدات فيما يتعلق بقرارات قادتنا تحت عنوان المساعدات الإنسانية”.
تقدر الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة أن أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 38 مليون نسمة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية خلال فصل الشتاء القاسي. وتعمل عشرات المنظمات في المناطق النائية من أفغانستان والعديد من موظفيها نساء.
وصرح مسؤول كبير في منظمة غير حكومية لوكالة فرانس برس الأحد أن “منع عمل النساء سيؤثر على جميع جوانب العمل الإنساني إذ تشغل الموظفات مناصب رئيسية في المشاريع التي تستهدف الفئات الضعيفة من النساء في البلاد”.
وقال المدير الإقليمي لليونيسف جورج لاريا-أدجي الأحد في تغريدة “إن هذا التدهور الجديد في حقوق الفتيات والنساء ستترتب عليه عواقب بعيدة المدى على تقديم خدمات الصحة والتغذية والتعليم للأطفال”.
وقالت شبانة (24 عاما)، وهي موظفة في منظمة غير حكومية في كابول “تتكون عائلتي من خمسة عشر فردا، وأنا المعيلة الوحيدة لها، إذا فقدت وظيفتي، ستتضور عائلتي جوعا”.
وأضافت “بينما تحتفلون بقدوم العام الجديد، باتت أفغانستان جحيما بالنسبة للنساء”.
ورأت أفغانية أخرى (27 عاما) لم ترغب في الكشف عن اسمها خوفا من انتقام طالبان أن “أحلامها تتلاشى”. وقالت الشابة التي كانت ستبدأ عملها الأحد في منظمة غير حكومية دولية إن “العمل الشاق الذي بذلته في السنوات الأخيرة في مجال التعليم ذهب سدى”.
وأضافت “لكننا نتحلى بما يكفي من الشجاعة لعدم قبول الحظر، والقتال من أجل حقوقنا. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، ولكن إن آمنا بأنفسنا، سنعود أقوى من ذي قبل”.
زادت حركة طالبان بعد عودتها إلى السلطة في غشت 2021، التدابير المقيدة للحريات، لا سيما في حق النساء اللواتي استبعدن تدريجيا من الحياة العامة ومن غالبية الوظائف العامة وأقصين من المدارس الثانوية والجامعات.
ولم يعد يحق  للنساء السفر من دون رجل من العائلة وينبغي عليهن ارتداء البرقع. وفي نونبر، حظرت الحركة على النساء ارتياد المتنزهات والحدائق وصالات الرياضة والمسابح العامة.

أ.ف.ب

Related posts

Top