قال الدكتور مولاي أحمد بدري رئيس لجنة تحكيم الدورة الثالثة لمهرجان المعاهد المسرحية، إن الجوائز التي تم منحها للفرق الفائزة المشاركة منحت على أساس ثلاثة معايير وهي الشرط البيداغوجي المتعلق بتعزيز القدرات الإبداعية للمواهب الشابة، وتميز اختيار أنماط وأساليب التعبير، والاختيار الصائب لموضوع «في خدمة الحوار وتعزيز القيم الإنسانية».
وأضاف أحمد بدري في حديثه لـ «بيان اليوم» أن اختيار العرض المكسيكي «إل كورو» للفوز بالجائزة الكبرى جاء انطلاقا من استيفائه للشروط سابقة الذكر. كما أن اختيار العرض المكسيكي تم بناء على أهمية الموضوع والتجديد في الأساليب والاختيارات والانضباط والانسجام في العرض الذي ميزه عن باقي العروض، التي قال إنها كانت في مجملها ذات مستوى عال وتميزت بمحاكاتها للعروض الاحترافية.
كما أكد مولاي أحمد بدري أن هذه التظاهرة فرصة من أجل إشراك الشباب لبناء مسرح وثقافة الغد. مشددا على مساهمة هذا النوع من التظاهرات في الإشعاع الثقافي للمغرب.
> بداية، كيف مرت دورة هذه السنة من المهرجان الدولي للمعاهد المسرحية التي اختتمت فعالياته ليلة الأربعاء؟
> كما تعلم هنا بالمغرب تقام العديد من المهرجانات، لكن لهذا المهرجان بالضبط مكانة خاصة لأنه يتعلق بإبداع الشباب وإبداع المدارس التي تُكَونُ مسرحيين وممثلين لمسرح الغد، وهنا تكمن أهمية الفكرة بذاتها. ثم فيما يخص دورة هذه السنة، يلاحظ أن المهرجان عرف تطورا سريعا ونجح المنظمون في استقطاب 11 فرقة من بلدان تمثل قارات أمريكا وأوروبا وإفريقيا. وهذا شيء جميل، حيث تحولت الفضاءات الثلاثة التي احتضنت فعاليات المهرجان، سواء فضاء مسرح محمد الخامس وقاعة كنفاوي وقاعة باحنيني، إلى فضاءات لتلاقي شباب العالم ولتبادل الخبرات والتجارب. كما أن المهرجان شكل فرصة لمعرفة أين وصلت المناهج التربوية لتكوين الممثل وهذا أمر ليس سهلا، كما شكل المهرجان إضافة إلى ذلك فرصة للانفتاح واللقاء بين القارات الثلاث.
> ما الجديد في دورة هذه السنة، وكيف كانت المشاركات؟
>لاحظنا أن مشاركات هذه السنة تميزت بحضور مدارس عالمية مثل مدرسة برلين وإنيس بوخ وهي المعروفة بامتلاكها للتقاليد التكوينية البريختية، بحيث أن مؤسسها كان مساعدا ومشاركا لبريخت في التكوين المسرحي الملحمي، وهذا أمر جيد أن تحضر هذه المدرسة. وكذلك أن تحضر مدرسة أخرى وهي مدرسة لودز من بولنيا وهي أيضا مدرسة كبيرة ورائدة في المسرح والسينما، وذكر هاتين المدرستين هو من أجل أن أؤكد أن الحضور كان حضورا قويا وفي المستوى العالمي بالإضافة إلى مدرسة مدريد التي يفوق عمرها 100 سنة وهذا يساهم في إشعاع المغرب على الصعيد الثقافي بالإضافة إلى كون هذه التظاهرة فرصة من أجل إشراك الشباب لبناء مسرح وثقافة الغد.
> كلجنة تحكيم ما هي التحديات التي واجهتكم في اختيار الأعمال المشاركة واختيار الفرق الفائزة؟
> بطبيعة الحال هناك تحد كبير لأننا لسنا هنا نقادا أو أساتذة بقدرما نحن بيداغوجيين، لأن مهمتنا هي أن نكون في مكان المكونين ونعطي الأهمية للوسائل البيداغوجية من خلال الأعمال أو نتائج الأعمال التي تم التقدم بها، هذا عنصر أول. أما العنصر الثاني فهو الاختيارات الفنية واختيارات الأساليب والمواضيع المتناولة لأن في نظرنا التكوين لمسرح المستقبل لا يجب أن يكون مبنيا على الفرجة فقط، ولكن دورنا أن يكون المسرح أيضا وأساسا فعلا ثقافيا وعملا مساهما في الوعي وفتح العقول وتطوير الإنسان وتطوير الذوق.
أضف إلى ذلك أننا حددنا ثلاثة معايير أساسية وهي الشرط البيداغوجي المتعلق بتعزيز القدرات الإبداعية للمواهب الشابة، وتميز اختيار أنماط وأساليب التعبير، والاختيار الصائب لموضوع “في خدمة الحوار وتعزيز القيم الإنسانية”، وذلك من أجل تقييم العروض المشاركة.
> ماذا عن المشاركة الإفريقية هذه السنة؟
>فيما يخص المشاركة الإفريقية، صراحة مكنت أعضاء لجنة التحكيم، الذين أغلبيتهم أجانب، من اكتشاف المسرح الإفريقي لأول مرة. كما عرفوا مجموعة من الاقتراحات التي جاء بها المشاركون الأفارقة وربما سيعلن عنها لاحقا، ومنها مثلا أن الجمعية الأوروبية للمعاهد المسرحية ومن خلال المهرجان ستنفتح على إفريقيا لأن المسرح في إفريقيا شيء فتي وفيه طاقة كبيرة وروح تجديد قوية، وهذا كله يساهم فيما أسميه التنوع الثقافي المبدع. وهذا أمر جعل المهرجان يدخل مسارا مهما بل ويجعله أفضل من مجموعة من اللقاءات الرسمية وأشياء تناقش في الملتقيات، خصوصا وأنه يعطي ثماره على أرض الواقع، كما أنه يهم الشباب والمثقفين وصانعي الثقافة ومسرح الغد.
> بالنسبة للاختيارات، كيف اشتغلتم في لجنة التحكيم على فرز العروض وتقييمها واختيار الفائزين؟
> كان هناك جدال في الاختيارات.. وباعتباري رئيس لجنة، آليت على نفسي ألا أتدخل في الآراء، لأن اللجنة كانت مكونة من حساسيات مختلفة ومدارس متنوعة. لكن كانت هناك مجموعة من المعايير التي سطرناها منذ البداية، وهي أن الجائزة الكبرى تمنح لعمل مسرحي متألق في جانب الإخراج والسينوغرافيا والتمثيل وتكون فيه جميع العناصر متكاملة، يعني أن يكون هذا العمل متألقا من جميع الجوانب.
واختيار العرض المكسيكي جاء بناء على التجديد الذي يحمله ويتميز به، وبناء أيضا على أهمية الموضوع ثم التجديد في الأساليب والاختيارات والانضباط والانسجام التام. ثم أنه استعمل لغة لا تخضع للحدود. حتى أن اختياره للتتويج بالجائزة الكبرى وقع عليه إجماع ولم يعارضه أحد من أعضاء لجنة التحكيم.
>حاوره: محمد توفيق أمزيان