شهدت فترة جائحة كورونا منذ مارس 2020، والتي تستمر إلى يومنا هذا، حضورا قويا ونهوضا ملحوظا لنساء الصحة في مواجهة الفيروس التاجي الخطير، فكانت نساء الصحة وما زلن يخضن معركة حقيقية بشجاعة وتفاني ضد الفيروس، وتواجدن في الخطوط الأمامية لمواجهة ومكافحة “كوفيد 19” منذ تسجيل الحالات الأولى ببلادنا، رغم حجم وتأثير الأزمة على طبيعة الحياة.
تقول سارة حافيظي، طبيبة بالقطاع الخاص “كنت مضطلعة في بداية انتشار الوباء بمعاينة المرضى في منازلهم ونقل الحالات الحرجة إلى المستشفى، كانت في البداية تجربة صعبة لأن الوباء كان سابقا لنوعه ولم نعرف كيفية التعامل معه لكن الواجب تجاه المواطنين حتم علينا الصمود لإنقاذ المرضى”.
وتضيف سارة لـ “بيان اليوم”، “تواصلي المباشر مع وباء “كوفيد 19″، جعلني أخشى ليس فقط على نفسي من الإصابة بالمرض، بل على والداي المسنين، وبينما كان الناس في فترة الحجر الصحي مع عائلاتهم كنت أنعزل عن والداي ونحن تحت سقف واحد، ولكم أن تتخيلوا قسوة الأمر على نفسيتي”.
وبكثير من الحسرة تقول سارة” الآثار السلبية للأزمة كثيرة سواء على صعيد التعب والإرهاق الجسدي بحكم العمل المستمر، وأيضا على الصعيد النفسي خاصة عندما يتوفى العشرات من المرضى رغم كل الجهد الذي نبذله لإنقاذهم، لكن مع ذلك فالجائحة لعبت دورا في إعادة ترتيب أولوياتي على المستوى المهني وعززت نوعا من النضج لدي”.
من جهتها، صرحت فاطمة الزهراء باكريم ممرضة متعددة التخصصات بالمركز الصحي الحضري 1 بومالن دادس، “افتخر بانتمائي لأسرة التمريض ضمن الصفوف الأمامية، وبخدمة الوطن لمواجهة الوباء، خاصة أنني استأنفت عملي كممرضة لأول مرة مع بداية الجائحة”، وأضافت “الجزء الأصعب في تجربتي هو الابتعاد عن الأسرة؛ حيث كنت أعمل لأيام وأسابيع مستمرة، إلى جانب الخوف من الإصابة بحكم الوسائل الوقائية المتواضعة التي نتوفر عليها في المركز الصحي الذي اشتغل به، ليس فقط هذا بل الخوف من نقل العدوى أثناء الفحوصات الدورية للحوامل والمصابين بالأمراض المزمنة، فكنت بذلك أعيش في بحر من الشكوك الشيء الذي أتعبني نفسيا”.
وتتابع فاطمة الزهراء “فرضت الجائحة على مجموعة من القطاعات النشيطة التوقف وفرضت مكوث المواطنين في البيوت، بينما كان من واجبنا كممرضين تلبية الواجب ومواجهة الوباء، وحرمنا بذلك من العطل وراكمنا أسابيع وأشهر من العمل المستمر دون أن نتلقى أي تحفيز معنوي من الوزارة الوصية، إذ حتى التعويض الذي استفدنا منه مؤخرا اعتبره هزيلا بالمقارنة مع الخطر والخوف والضغط النفسي الذي عشناه”.
وأوردت فاطمة الزهراء “كشفت الجائحة عن الخصاص المهول الذي تعرفه المنظومة الصحية بالمغرب من حيث المعدات الطبية والأطر الصحية خاصة، كما أبانت الأزمة عن الدور المهم للممرضين في المنظومة الصحية، سواء في فترة تفشي الوباء أو في فترة حملة التلقيح، وبفضل هذا الجسم التمريضي استطاع المغرب أن يحتل المركز الثامن عالميا والثاني عربيا في ترتيب الدول حسب نسبة جرعة اللقاح”.
إلى ذلك، ومع تماثل المغرب للشفاء من أزمة كورونا، بفضل حملة التلقيح التي أطقتها المملكة قبل أسابيع ما تزال نساء الصحة، وأيضا رجالها، مجندات ومجندين لإنجاح حملة التطعيم ضد فيروس كورونا. في هذا السياق صرحت زينب الكاس ممرضة بمستوصف واد الذهب بتمارة لبيان اليوم “سعدت وتشرفت بمشاركتي إلى جانب فريق التلقيح ضد فيروس كورونا بمركز حماية الطفولة-تمارة، واعتبر هذا العمل خدمة نبيلة ومشرفة جدا، رغم أن التحدي كان صعبا في البداية بحكم عدم ثقة المواطنين في اللقاح، أما الآن فالمواطنون يقبلون على التلقيح والعملية تمر بشكل جيد إلى الآن وهو ما يبعث على الفرح، ونحن نقدر كممرضين ثقة المواطنين المستفيدين من التلقيح في الجسم التمريضي”.
وتشير زينب “فترة عملي في مركز التلقيح عزز لدي روح المسؤولية تجاه المواطنين وتجاه الوطن، كما عزز الحاجة إلى العمل كفريق ويدا واحدة لمواجهة الوباء”، معتبرة أن الواجب اليوم على المواطنين يتمثل في ضرورة الإقبال على مراكز التلقيح للاستفادة من اللقاح حتى نتمكن من بناء مناعة جماعية ضد الفيروس”.
وفي المضمار ذاته، كانت قد نصبت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، نساء الصحة شخصيات سنة 2020. وسجلت أن نساء الصحة صنعن الفارق خلال سنة 2020 لمواجهة أزمة كوفيد 19، إنهن مثابرات: طبيبات وممرضات وقابلات، تقنيات ومساعدات اجتماعيات وصيدلانيات، مديرات قياديات، أستاذات بكليات الطب والصيدلة والمعاهد العليا لتكوين الممرضات والممرضين والتقنيين، مناضلات وناشطات في المجال الجمعوي والنقابي والحقوقي.. نساء الصحة العاملات سواء في القطاع العام أو الخاص.. يشكلن العمود الفقري لنظام الرعاية الصحية بالمغرب.
ولفت المصدر ذاته إلى أنهن صنعن الحدث بتحقيق الفارق والتغيير على الرغم من تعرضهن لمخاطر مهنية كل يوم في مواجهة مرض فيروس كورونا، والعمل في ظروف صعبة بسبب النقص في الموارد والعمل الإضافي والعبء الثقيل، بل منهن من تعرضت للعنف والتحرش.. في وقت لزم فيه الجميع بيوتهم وزاولوا أعمالهم ومهامهم عن بعد، قلقات بشأن نجاح معركتهن ضد فيروس كورونا الذي ينضاف إليه، التزامهن بالقضايا المهمة للمجتمع وصحة الشعب المغربي وذلك بكل تفان وحزم..
< اكرام اقدار (صحفية متدربة)