انتهت القمة الاستثنائية الـ 14 للاتحاد الإفريقي حول مبادرة “إسكات الأسلحة” بلا مفاجآت كبرى، واختتمت أشغالها بشكل عاد، ولم تنجح الجبهة الانفصالية وراعيتها الجزائر في تحقيق أي كسب، ولو شكلي، ضد المملكة.
لقد راهن خصوم المغرب على هذا الموعد الإفريقي للخروج من الهزيمة والخيبة، وروجت أبواقهم الدعائية للكثير من الحمق بهذا الخصوص، وزعموا أن اللقاء القاري سينكب على موضوع الكركرات وسيندد بالتحرك المغربي، وبتوالي فتح القنصليات، وقد يذهب أبعد من ذلك لصالح المتوهمين.
الرد القوي والصادم للانفصاليين لم يأت فقط من مضمون القرارات في حد ذاتها، والتي لم تبال أصلا بكل شطحاتهم، ولكنه صدر عن الدولة التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي، وهي جنوب إفريقيا ورئيسها.
جنوب إفريقيا فاجأت الكل بانحيازها للعقل والمنطق، وجددت التأكيد على القرار: 693، الذي سبق أن صدر عن قمة نواكشوط من قبل، والذي أقر بالدور الحصري للأمم المتحدة في السعي لحل هذا النزاع المفتعل، وبأن الترويكا الإفريقية التي تشكلت، دورها هو مساعدة الأمم المتحدة، وليس أن يكون لها دور مواز أو بديل…
وتبعا لهذا، لم ينجر الاتحاد الإفريقي وراء ضغوط خصوم المملكة وابتزازاتهم، ووجه لهم صفعة أخرى وخيبة جديدة.
خصوم المغرب الذين سبق أن أشادوا قبل سنتين بقرار قمة نواكشوط المشار إليه، واعتبروه في صالحهم، وجدوا أنفسهم اليوم في مواجهة القرار ذاته، وتلقوا صفعة إفريقية بسببه، أو على الأصح بسبب فهمهم البليد لدلالته، وبسبب أوهامهم وتكلس عقلهم.
من جهة المغرب، ما انتهت إليه القمة الاستثنائية الـ 14 للاتحاد الإفريقي ليس انتصارا خارقا للعادة في كل الأحوال، ولكنه تحول إيجابي صغير في السلوك الدبلوماسي والسياسي لدولة جنوب إفريقيا، وهو يقتضي الاستمرار فيه وتطويره ضمن منطق العقل، والانحياز للحق ولمصلحة القارة ومستقبلها، ويفرض على الاتحاد الإفريقي شجاعة أكبر وصراحة أقوى للالتفاف حول أفق وحدوي وتنموي وتكاملي للقارة، يحقق تقدمها واستقرارها وأمنها، ويطوي صفحة التمزق واستهداف وحدة البلدان، وتداعيات الحرب الباردة والعقليات العدائية الجامدة.
وعلى صعيد آخر، يتضح اليوم أن الجبهة الوهمية باتت محاصرة كذلك داخل الاتحاد الإفريقي، وما حدث في اللقاء القاري الأخير يبرز مؤشرات وتحولات قادمة بهذا الخصوص، وتنامي وعي متواصل لدى البلدان الإفريقية بنهاية اللعبة الانفصالية.
ويضاف هذا إلى التحولات الأخرى التي برزت على الصعيد العربي، وحتى داخل المنتظم الدولي، في السنوات الأخيرة، وعلى المستوى القانوني والدبلوماسي بشكل عام، وهو ما يؤسس لمرحلة جديدة تفرض تحديات أخرى على الدبلوماسية المغربية، وتستوجب الكثير من الحضور والذكاء والتخطيط والدقة، بالإضافة طبعا إلى مواصلة المنجز التنموي والديمقراطي في الميدان لفائدة سكان الأقاليم الجنوبية، وتمتين الأداء الإعلامي المغربي في مواجهة الماكينة الدعائية الجزائرية العدائية، وضد الشائعات والمغالطات والأكاذيب.
< محتات الرقاص