سجلت شبكة مراكز النجدة لمساعدة النساء ضحايا العنف واتحاد العمل النسائي في التقرير السنوي برسم 2023 والذي دأبا على إعداده كل سنة، هيمنة العنف الزوجي على باقي أشكال العنف في لائحة رصد الظاهرة، حيث شكلت النساء المتزوجات نسبة 59 في المائة من مجموع النساء التي قصدت شبكة مراكز النجدة طلبا للمساعدة، تلتها النساء المطلقات بنسبة 25 في المائة، ثم العازيات بنسبة 10 في المائة ، تلتها النساء الأرامل بنسبة 6 في المائة من إجمالي عدد النساء ضحايا العنف اللواتي وفدن على مراكز النجدة.
وأكدت فاطمة المغناوي، رئيسة شبكة مراكز النجدة لمساعدة النساء ضحايا العنف ، وهي إحدى النساء الرائدات داخل الحركة النسائية بحكم انتمائها لاتحاد العمل النسائي ، خلال تقديمها لنص التقرير السنوي السالف الذكر، في ندوة صحفية نظمها اتحاد العمل النسائي وشبكة مراكز النجدة صباح يوم الخميس بنادي المحامين بالرباط، ، والذي تلاه تقديم المذكرة المطلبية التي تم بسطها قبل ايام أمام الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، ” (أكدت) على تنامي ظاهرة العنف بكل أشكاله ضد النساء والفتيات وتردي حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية ، وهو الوضع الذي يميز لسياق الدولي والإقليمي والوطني في الوقت الراهن.
وربطت المغناوي خلال هذه الندوة التي شاركت فيها المناضلات المؤسسات لاتحاد العمل النسائي، المحامية زهور العلوي، وعائشة لخماس ، المحامية، الرئيسة السابقة لاتحاد العمل ،(ربطت)هذا الارتفاع بتفاقم الأزمة الاقتصادية والتغيرات المناخية والكوارث الطبيعية مما أدى إلى تعميق تأنيث الفقر وتوسيع فجوة اللامساواة، هذا وأظهرت المعطيات التي جاء بها التقرير تربع العنف النفسي على رأس لائحة أنواع العنف الذي يطال النساء والفتيات يليه العنف القانوني ثم العنف الاقتصادي والاجتماعي يتبعه العنف الجسدي,
وحرصت المسؤولة عن شبكة مراكز النجدة على إبراز أسباب تنزيل هذا التقرير في هذا التاريخ، حيث يأتي في سياق الحملة الأممية والوطنية للقضاء على العنف والتي تمتد من 25 نونبر إلى 10 من شهر دجنبر الجاري والتي حملت هذه السنة شعار” اتحدوا لمنع العنف ضد النساء والفتيات”، ملفتة في هذا الصدد بالقول” إن تخليد الأيام الأممية ضد العنف الذي يطال النساء والفتيات ينبغي أن يتم فيه التنديد بتصاعد العدوان على الشعب الفلسطيني وحرب الإبادة التي يتعرض لها، والذي ذهبت ضحيته النساء والأطفال اساسا في خرق سافر للقانون الدولي الإنساني أمام صمت العالم وازدواجية المعايير في مجال حقوق الإنسان”.
كما حرصت المغناوي على التذكير بالنقاش العمومي الجاري بالمغرب والذي يرتبط بمراجعة مدونة الأسرة وتعيين لجنة مكلفة بالاستماع لمختلف الأطراف المعنية مجددة التأكيد على مطلب الشبكة واتحاد العمل النسائي على هذا المستوى حيث يتم رفع مطلب التغيير الجذري والشامل لمدونة الأسرة.
ووفق التقرير ، فقد بلغ عدد الحالات الوافدة على شبكة مراكز النجدة، 2839 امرأة معنفة استقبلتها كل من مراكز النجدة بالرباط، الدار البيضاء، طنجة، القنيطرة أكادير ، مراكش ، الراشيدية ومكناس، وأبان التقرير أن أكبر عدد من النساء والفتيات المعنفات استقلبه مركز النجدة بمكناس حيث قصدته 632 امرأة وفتاة، تلاه مركز طنجة بعدد يصل إلى 539 حالة، ثم القنيطرة ب382 حالة، والدار البيضاء ب 360 حالة، تليه أكادري ب 358 حالة، ثم الرباط ب262 حالة والراشيدية ب 184 حالة ومراكش ب 122 حالة.
وأفاد التقريرفيما يتعلق مؤشر المجال الجغرافي، أن نسبة 63 في المائة من ضحايا العنف ينتمين للمجال الحضري، والبالغ عددهن 1027 امرأة من مجموع 2839 من الضحايا اللواتي وفدن على مراكز النجدة، فيما 30 في المائة يوجدن في المجال شبة حضري، و7 في المائة في المجال القروي، وفسرت المغناوي النسبة القليلة المسجلة في القرى، بكون الأمر لايتعلق بعدم تنامي الظاهرة في هذه المجالات بل لكون هذه المناطق تنعدم فيها البنيات الخاصة بتقديم النساء شكاوى في الموضوع.
وبالنسبة للفئة العمرية التي رصدها التقرير بناء على عدد الوافدات على شبكة مراكز النجدة، فإن أغلبية النساء المعنفات ينتمين للفئة العمرية التي تتراوح بين 18 و35 سنة، حيث يصل عددهن 958 امرأة وفتاة، فيما 646 من المعنفات ينتمين للفئة العمرية ما بين 35 و50 سنة، ويبلغ عدد الواتي يفوق سنهن 50 سنة، أكثر من 297 امرأة ، فيما أقل من 18 سنة بلغ عددهن 269 معنفة.
ووقف التقرير على ارتفاع عدد المعنفات الغير متمدرسات، حيث يصل عددهن 990 معنفة كلهن لم يعرفن مقاعد الدراسة، فيما اللواتي لديهن مستوى ابتدائي من التعليم فيصل عددهن 723 معنفة، واللواتي لديهن المستوى الإعدادي بلغ عددهن 604 ، فيما اللواتي انتمين للمستوى الثانوي من التعليم فعددهن يصل إلى 371 معنفة، فيما اللواتي لديهن مستوى جامعي فعددهن 148.
ها وعلقت المغناوي على هذه الأرقام بالقول” إن التعليم يعد حاسما في التقليص من العنف وتأثيره ، حيث أن اللواتي لديهن مستوى تعليمي عال هن نساء لديهن إمكانيات في الغالب بما يمكنهن من إيجاد مخارج من مأزق البقاء تحت رحمة المعنف وتبليغ شكايتها للجهات المعنية”.
وأورد التقرير بالنسبة للمعنفات، أن ربات البيوت يمثلن 52 في المائة، والعاملات ومستخدمات يمثلن نسبة 20 في المائة، والعاملات المنزليات تصل نسبتهن 15 في المائة، وموظفات بنسبة 7 في المائة ، واللواتي يزاولن مهن حرة بنسبة 4 في المائة، وقالت المغناوي أن كل هاته الفئات ” قصدت شبكة مراكز الاستماع طلبا للاستماع إلى شكايتها والحصول على التوجيه والإرشاد والمرافقة القانونية والوساطة الأسرية والمرافقة الاجتماعية والدعم النفسي” وهي خدمات تقدمها هذه المراكز.
ومن جانبها قدمت عائشة الحيان رئيسة اتحاد العمل النسائي، مضامين المذكرة المطلبية لاتحاد العمل النسائي التي حملت شعارا أساسيا ” من أجل تغيير شامل وجذري لمدونة الأسرة”، وشددت في هذا الصدد أن اتحاد العمل ما فتئ يطالب منذ سنوات بتغيير جذري للمدونة في اتجاه يأخذ في بنائه المرجعية الكونية لحقوق الإنسان والحقوق الإنسانية للنساء خاصة المبادئ الأساسية المتمثلة في المساواة وعدم التمييز والمصلحة الفضلى للطفل.
كما شددت على ضرورة الملاءمة مع المقتضيات الدستورية ، خاصة ما يهم المساواة والحقوق والحريات والمناصفة والتزام الدولة بملاءمة التشريعات الوطنية معها، واستحضار التطورات الاجتماعية ومعطيات واقع الأسرة المستجدة وأدوار النساء الفعلية، ورهانات النهوض بحقوقهن وتمكينهن.
ودعت في هذا الصدد إلى القطع مع التذبذب والتناقض في موادها وإلغاء الاستثناءات وأنصاف الحلول والثغرات التي تسمح بالالتفاف على القانون، وتقليص اللجوء إلى السلطة التقديرية للقضاة باعتماد مواد دقيقة ومحكمة، وطالب الاتحاد فيما يتعلق بالزواج إلى إلغاء شرطي الصداق وحضور شاهدين مسلمين والاكتفاء لإبرام زواج المغاربة المقيمين بالخارج بتوفر الرضا والأهلية.
كما دعا اتحاد العمل إلى إلغاء التعدد ، معتبرا أنه حتى النص القرآني الذي يتم اعتماده لتبرير الإبقاء على التعدد يتجه في الحقيقة نحو أحادية الزواج عند اشتراطه العدل والجزم باستحالة تحقيقه، وحرصت المذكرة فيما يخص مسألة اقتسام الأموال المكتسبة أثناء الزواج، إلى إعطاء العلاقات المالية للأسرة أهمية في المدونة المنتظر وضعها، وذلك حتى لاتصبح الأسرة مؤسسة لاغتناء البعض وإفقار الطرف الأضعف في العلاقة.
وطالب في هذا الصدد بالعمل على تثمين العمل المنزلي وتربية الأبناء والبنات واعتباره مساهمة في تكوين الأموال المكتسبة للأسرة، والتنصيص وجوبا في عقد الزواج على كيفية تدبير والاستفادة من الأموال المكتسبة خلال العلاقة الزوجية وبعد انتهائها، هذا مع تضمين عقد الزواج سلفا الوضعية المالية للزوجين قبل الزواج، من حيث الأجور والمداخيل والممتلكات مع الإدلاء بما يفيد ذلك ضمن من وثائق الملف المتعلق بطلب توثيق عقد الزواج.
وفيما يتعلق بحقوق الأطفال، تضمنت مذكرة الاتحاد وشبكة مراكز النجدة، مطالب باعتبار المصلحة الفضلى للطفل اساسا في كل ما يتعلق بالطفل سواء الحضانة أو الحقوق ، وطالبت في هذا الصدد بتوسيع دور النيابة العامة في التدخل المباشر لحماية الأطفال والطفلات ومنع كل انتهاك لحقوقهم، التنصيص على مسؤوليات الجماعات الترابية في ضمان الولوج للحقوق الأساسية للطفل على المستوى المحلي.
كما طالبت المذكرة بمراجعة الصياغة القانونية للمواد المتعلقة بالنسب والبنوة واعتماد صياغة قانونية حقوقية بعيدة عن ترسبات الفقه التي تتمحور حول (الفراش، الشبهة، الاستلحاق، اللعان، الشرعي وغير الشرعي)، واعتماد الخبرة القضائية الجينية في حال إنكار البنوة، والعمال على المساواة في البنوة للأم والأب في الآثار التي تترتب عنها سواء كانت ناتجة عن علاقة زوجية أو تمت خارج الزواج”.
ودعت المذكرة إلى تغيير عدد من المصطلحات التي يتضمنها النص الحالي للمودنة من مثل مصطلح ” المتعة” بتعويضه بجبر الضرر للزوجة أو الزوج الذي تبث في حقه التسعف في إنهاء العلاقة الزوجية، مع اعتماد البحث الاجتماعي للوصول إلى حقيقة أوضاع الأسرة التي أدت إلى طلب الطلاق، وإلغاء المقتضيات المتعلقة بالعدة باعتماد الوسائل العلمية والاستفادة من تطورها ودقتها في تأكيد الحمل من عدمه، مع حذف كل تمييز بين الأطفال بسبب الوضعية العائلية للأبوين وترتيب كل ألآثار القانونية للنسب متى تمت بالخبرة الجينية أو بالزوجية أو بالإقرار”.
< فنن العفاني