يوميات الدورة 17 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة

>  مبعوث بيان اليوم إلى طنجة: عبد العالي بركات

أحمد بولان يخرج فيلما استعماريا
 استحضر المخرج أحمد بولان في شريطه الموسوم بليلى جزيرة المعدنوس، واقعة النزاع بين إسبانيا والمغرب على جزيرة ليلى، والذي انتهى بإخلاء هذا الموقع من كلا الطرفين.
 غير أن فيلم بولان لا يتناول أبعاد هذا الخلاف السياسي، كما أنه لا ينقل الأحداث كما جرت في الواقع.
 ما كان يهمه بالدرجة الأولى هو خلق مشاهد ذات طابع فكاهي، ولهذه الغاية لم يكن مفاجئا أن يقع اختياره على الفنان الكوميدي عبد الله فركوس لتشخيص الدور الرئيسي.
 جزيرة المعدنوس فيلم بسيط، فكرته واضحة، ولذلك من المتوقع أن يحظى بإقبال جماهيري، ولا شك أن هذا ما يراهن عليه المخرج بولان، فما كان يهمه، ليس الطرح السياسي لقضية النزاع على جزيرة بين دولتين جارتين، بل خلق فرجة سينمائية مرتكزة على المفارقات الساخرة.
 لقد حرص المخرج على إبراز الفوارق القائمة بين المغرب وإسبانيا، من حيث القدرات العسكرية والتنظيمية، هكذا أظهر البلد الجار باعتباره الأقوى والأكثر تحضرا منا، وهو ما خلف ردود فعل سلبية من طرف العديد ممن شاهدوا العرض الأول لهذا الشريط، حيث قاموا بتصنيفه في خانة الأفلام الكولونيالية، التي تزيف الحقائق لأجل خدمة الاستعمار. ومما أدى إلى تأييد هذا الطرح، هو أن الفيلم حظي بدعم مادي من مؤسسات إسبانية، كما أن كتابة السيناريو ساهم فيها مواطن إسباني، لا بل إن فكرة إخراج عمل سينمائي عن واقعة جزيرة ليلى كان من اقتراح اسبانيين، حسب ما أكده المخرج نفسه، ومن المثير أن أحمد بولان مخرج الشريط لم يجد ما يرد به على من اتهمه بأنه لا يعدو كونه أنتج فيلما استعماريا، سوى القول إن الاستعمار يوجد بداخل بيوتنا، وأنه لا داعي للبحث عنه في الشريط، ويضيف أنه فخور بكونه يحمل جواز سفر إيرلاندي.
 يشكل هذا الشريط إساءة للمغرب، لعدة اعتبارات، منها أنه قدم صورة بئيسة عن أجهزتنا الأمنية، ونعتها بالارتجالية، في مقابل تقديم الجارة إسبانيا باعتبارها أقوى وأكثر تحضرا منا، كما يقدم بلدنا باعتباره يتواطأ مع الهجرة السرية ويسهل لها العبور إلى الضفة الأخرى، كما أن المواطن المغربي لا يزال منشغلا بالأمور البدائية، لم يقف عند هذا الأمر، بل مس بأحد رموز سيادتنا والمتمثل في الراية الوطنية، حيث شوه صورتها، ومسخ لونها إلى البرتقالي بنية مبيتة، كأنها لا تستحق أن ترفع فوق الجزيرة المشار إليها، بالرغم من أنها تنتسب إلينا.
 ومع ذلك ينتفض مخرج هذا الشريط في وجه من ينتقد عمله، ويدعي أنه كان يسعى إلى أن يعرض مزيدا من المواقف المماثلة، لكن غياب حرية التعبير ببلدنا حال بينه وبين ذلك. لكن هل هناك حرية أكبر من أن يعرض بلد ما شريطا سينمائيا بالرغم من أنه يسيء إلى هذا البلد في حد ذاته، ليس ذلك فحسب، بل يمنحه الدعم ويبرمجه ضمن المسابقة الرسمية لأهم مهرجاناته الوطنية.
 هل كان من المفروض على المخرج بولان أن يعرض أمام المغرب العضلات الإسبانية، ويقوم إضافة إلى ذلك بتسفيه مجهودات الدولة في الحفاظ على سيادتها وهيبتها؟
 من الناحية الفنية، لم يشكل هذا الشريط إضافة نوعية، من شأنها أن تخفي العيوب والأخطاء الجسيمة المرتبطة بالجانب الموضوعي.
إن تناول قضية وحدتنا الترابية، أمر يكتسي أهمية خاصة، ولم يكن مقنعا التطرق إليها بأسلوب هزلي.
فيلم ليلى جزيرة المعدنوس من إنتاج مايسترانزا وسيناريو مشترك بين المخرج بولان الإسباني كارلوس دومينيكر، تصوير جيوفاني بريشيني، صوت سيمو وخروخي مارين، مونتاج لوران دوفيرشي، موسيقى فيليب غوميز، تشخيص عبد الله فركوس وبشرى أهريش وعيسى نداي وروزاريو برادو وميكيل هيرموسووهانس ريختر. مدته 85 دقيقة. Sans titre-12
دموع إبليس: موضوع سياسي حساس ومعالجة ساذجة

 بعض مخرجينا السينمائيين، يمنحونك الانطباع بأنهم لا يواكبون التطور السينمائي العالمي، حيث أنهم يكررون بعض الأساليب الإخراجية التي صارت متجاوزة بكثير، فمثلا الارتكاز على العنف والقتل ونزيف الدماء، لتأثيث أغلب مشاهد الشريط، لم يعد مستساغا، سيما إذا كانت هذه المشاهد لا تشكل أي إضافة فنية.
 وهذا ما تجسد في الشريط الطويل دموع إبليس لمخرجه هشام الجباري، إنه عمله السينمائي الطويل الأول، وهذا قد يجعل المتفرج يغفر له عيوبه.
 القضية التي يطرحها فيلم دموع إبليس هي الأخرى جد بسيطة إلى حد الافتعال، وهو ما يؤكد على أن مخرجه يراهن على الشباك أكثر من انشغاله بمخاطبة نخبة مثقفة من عشاق مشاهدة السينما.
 فالخط الدرامي للفيلم يتأسس على سعي أحد المعتقلين السياسيين إلى الانتقام من جلاده، فيطارده ويرغمه على الاعتراف بالذنب الذي اقترفه في حقه، وينكل بأسرته، وتحدث تبعا لذلك حالات ضرب وجرح وقتل وحركة ومطاردة ومشاهد قاتمة، ويستغرق ذلك معظم المساحة الزمنية للشريط.
 ولكن ما هو الانطباع الذي يمكن أن يخرج به المشاهد عند نهاية هذا الشريط؟
 مرة أخرى يتم التطرق إلى موضوع حساس، يتمثل هذه المرة في الاعتقال السياسي والاختفاء القسري، لكن عوض معالجة هذا الموضوع بأسلوب يأخذ بعين الاعتبار الجوانب الجوهرية فيه، يتم تركيز الانتباه على مظاهر العنف والانتقام والقتل المجاني، لعل أبسط معالجة سينمائية لقضية ما، هو جعل أبطال الشريط يتقاتلون في ما بينهم.
فيلم دموع إبليس، مدته 107 دقائق، إخراج وسيناريو هشام جباري، تصوير علي الركاب، صوت محمد تيموس، مونتاج غزلان أسيف، موسيقى عادل عيسى، تشخيص رشيد الوالي، إسماعيل أبو القناطر، أمل عيوش، فاطمة الزهرة لحرش، يونس ميكري، فاطمة الزهراء بناصر، أيمن الجباري، حسن كنوني.   

****

شهادات حول الإنتاج والتوزيع والاستغلال السينمائي

ــ المنتج السينمائي خالد الزهري:

يعد المنتج السينمائي بمثابة صانع أحلام، إذ يساهم في تحقيق مشروع فيلم باعتباره مكونا إبداعيا عن طريق تمويله. عند الحديث عن المنتج المغربي في هذا الميدان، يمكن القول إنه ليس في بلدنا منتج بالمعنى الحقيقي للكلمة، كل ما هنالك، منفذ للإنتاج، يدفع ملف طلب منحة الدعم وينتظر الحصول على أشطره. في اعتقادي أن ما يسيء إلى الإنتاج السينمائي ببلادنا، هو غياب عنصر تطور العملية الإبداعية، هناك مراكمة للإنتاج السينمائي دون بلوغ الجودة. وهذا يجعل الجمهور يفقد الثقة في الإنتاج السينمائي المغربي، ويجعله عازفا عن متابعته.
على خلاف المنتج التنفيذي، أجد أن المنتج الفعلي، ينطلق من مبادرة شخصية، ويكون هدفه الأساسي يصب في البعد الفني للعمل السينمائي، دون أن يرهن الإنتاج بانتظار التمويل.
 إن بنية الإنتاج السينمائي ببلادنا تعاني، فليس هناك ما يكفي من المستثمرين في هذا الميدان، وهذا راجع إلى غياب إطار تشريعي على خلاف ما هو حاصل في قطاعات أخرى مثل الفلاحة والسياحة، كما أن هناك غيابا لشراكات بين المهنيين، وهو ما يجعل عملية تدبير الإنتاج في وضعية جد صعبة، أعتقد أنه من دون توفر مناخ سليم للاستثمار في الإنتاج السينمائي، لن يكون بإمكان هذا القطاع أن يتقدم نحو الأمام. في ظل هذه الظروف إذن، في ظل ضعف المردودية المادية للفيلم السينمائي المغربي، يظل الاستثمار بهذا الخصوص بمثابة مغامرة حقيقية، وشخصيا سبق لي أن فشلت في عدة تجارب مرتبطة بالإنتاج السينمائي، ولولا ابتلائي بهذا النشاط، لما استمررت في مزاولته.
 الدولة مطالبة بخلق تحفيز ضريبي بالنسبة للمستثمرين في الإنتاج السينمائي، من أجل غرس الثقة فيهم، وباعتبار مسؤوليتنا في الغرفة المغربية للمنتجين، نعمل على أن نشكل قوة اقتراحية لتحقيق متطلبات الإنتاج السينمائي، ويأتي على رأسها بالخصوص، إلزامية التخفيض الضريبي. كما نسعى إلى الدفع في اتجاه الرقي بالمستوى الفكري والفني للمنتوج السينمائي المغربي، من أجل أن يجد له موقعا في السوق الأجنبية، في أفق خلق صناعة سينمائية.
 حسن بلقاضي رئيس غرفة استغلال القاعات السينمائية:
مما لا شك فيه أن عملية تنظيم استغلال القاعات السينمائية قطعت أشواطا إيجابية، ومرت بفترة زاهرة، حيث الإقبال على ارتياد هذه الفضاءات كان قد بلغ ذروته، على خلاف ما نعيشه اليوم.
المشكل الذي تعاني منه القاعات السينمائية ببلادنا، أنها تفتقر إلى الدعم، صحيح أن الدولة كانت قد رصدت منحة دعم خاصة بالتقنية الرقمية للعرض السينمائي، غير أن هذا لا يكفي، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار التحولات التي تحيط بهذا المجال.
ومما يؤثر بشكل سلبي في تفعيل القاعات السينمائية، غياب جودة الفيلم السينمائي المغربي، نلاحظ أنه عادة ما يقوم بمعالجة سيئة للقضايا المغربية، إنه لا يشجع على الذهاب لمشاهدته في الفضاءات الخاصة بالعرض.
الأعمال السينمائية التي تعرضها قاعاتنا لا ترقى إلى مستوى تطلعات الجمهور.

الناقد السينمائي أحمد السجلماسي:

من أجل الخروج من الأزمة التي تتخبط فيها السينما المغربية، لا بد من العمل على خلق تنسيقية بين جميع الجهات الفاعلة في هذا القطاع: المنتجون والموزعون ومستغلو القاعات السينمائية والمكونون وغيرهم..
 ينبغي أن تكون هناك نظرة شمولية للقطاع. وزارة التربية الوطنية مدعوة للانخراط في هذا المجال عن طريق برمجة حصص للتكوين السينمائي في المؤسسات التعليمية منذ المراحل الأولى، حتى نتمكن من تهييء الأجيال القادمة لارتياد القاعات السينمائية.
 وزارة الشباب بدورها مطالبة بتجهيز دور الشباب التابعة لها بتقنيات سمعية بصرية، من أجل توفير ظروف ملائمة للعروض السينمائية.
 وزارة الثقافة هي كذلك، عليها أن تنخرط في دعم السينما ببلادنا، فمن الملاحظ أن العديد من المراكز الثقافية المنسوبة إليها، غير مجهزة لاستقبال المنتوج السينمائي، فعلى سبيل المثال، مسرح محمد الخامس الذي يعد معلمة، نجد أن شروط العرض السينمائي فيها جد سيئة. أعتقد أنه في غياب هذه المؤسسات وغيرها، لا يمكن الدفع بالسينما المغربية نحو الأمام.    

Related posts

Top