‎متى تتحول الفرق إلى مؤسسات؟…

في الوقت الذي تعدد فيه جامعة كرة القدم قراراتها الهادفة إلى إعادة هيكلة الأندية وتقنين الممارسة وفق أساليب حديثة ومقاربة أساسها المواكبة والمصاحبة والدعم والتكوين، نجد الأندية عاجزة عن مسايرة هذا الإيقاع الذي لا يعتبر مرتفعا مقارنة بما هو مسجل على الأقل عربيا.
وجاء القرار الأخير القاضي بضرورة إعداد تقارير مفصلة عن المداخيل والمصاريف ومصادر التمويل، وإرسالها لإدارة الجامعة في آجال محددة، ليظهر بجلاء هذا العجز الذي تحدثنا عنه، خاصة وأن شفافية الجانب المالي تعد شرطا أساسيا لعقد صفقات خاصة باللاعبين.
وكل متتبع لنشاط الأندية الوطنية بصفة عامة، يلاحظ نوعا من الارتباك وعدم الاستقرار، لتبقى الأندية التي تنعم بالاستقرار المطلوب قليلة جدا، سواء من الناحية الإدارية أو التقنية أو المالية، وبانتهاء الموسم يكون نشاط النادي قد انتهى عمليا، لتتحول الأنظار صوب الجمع العام الذي يتحدد على أساسه ككل سنة مصير النادي، مع ما يترتب عن ذلك من تغييرات مستمرة ودائمة على حياة هذا المكون الأساسي داخل المنظومة الرياضية، دون أن يتمكن من ضمان الاستمرارية المطلوبة.
هذا النموذج السيئ من التسيير والتدبير، وهو الدائم -للأسف- على صعيد النادي، يجعل وضعيته هشة، لنجده بالتالي معرضا للهزات العنيفة، كما أن الأوضاع داخله تكون مهددة بالانفجار في أي لحظة، وفي بعض الأحيان لمجرد حدوث نتيجة سلبية في مقابلة معينة.
فالمشكل الحقيقي الذي تعيشه الأندية خاصة تلك التي تسمى “أندية كبيرة”، يتمثل في عجزها عن التحول إلى مؤسسات قائمة الذات بهياكل وأسس صلبة، قادرة على الصمود أمام كل الهزات والحالات الطارئة، وهذا يمر عبر استقرار على مستوى الهياكل التقنية والإدارية والمالية واللوجستيكية والطبية، وغيرها من الجوانب المرتبطة بالتسيير العام للأندية، كما هو الحال بالنسبة لتجارب لا نقول عنها دولية حتى لا نتهم بالمبالغة، بقدر ما نقارن أنفسنا داخل المنظومة الكروية العربية.
وبدون شك، فإن أي إصلاح يجب أن ينطلق من القاعدة، أي الاهتمام أولا بالنادي باعتباره الخلية الأولى لأي ممارسة ممكنة في إطارها الصحيح، لنتمكن بالتالي من الوصول إلى قمة الهرم، بعد قطع خطوات وفق برامج ومناهج مدروسة وسياسة واضحة المعالم والأهداف والغايات.
هذا هو عين العقل، أما غير ذلك فلا المال وحده ولا استنساخ المشاريع على الورق، يجعل كرة القدم والرياضة الوطنية، في مستوى تطلعات الجماهير الرياضية التي سئمت من كثرة التجارب الفاشلة وتعاقب مسؤولين يجعلون من الرياضة مجرد أداة للوصول إلى تحقيق مصالح شخصية…

محمد الروحلي

Related posts

Top